لا تهملوا التاريخ

الأسباب التي أدت إلى إهمال التاريخ في مجتمعاتنا العربية  

دائماً وأبداً يُهمَل التاريخ في مجتمعاتنا العربية، وأعينُ البشرِ تتجه نحو أوربا، فندرسُ تاريخهم ونتغنّى بأمجادهم، متناسين دماء شهدائنا في الوطن العربي، وهاملين شجاعة القادة الذين أخضعوا الدول قبل ألف وأربع مئة سنة، تعقّلوا يا أولي الألباب، وتفقّهوا بتاريخكم فالتاريخ أحق بأهله.

لا بدّ من معرفة التاريخ، تلك المادة التي تعتبر امتداداً للحاضر وأساس بناء المستقبل، كما يعتبر التاريخ القاعة الرئيسية لترسيخ البعد الوطني للأمة التي يعكس ماضيها ويترجم حاضرها، فمن هنا أودّ أن أوضح هذه المادة المهمة الواجب معرفتها في عصرنا الحديث، الذي كثرت فيه الهجمات التشويهية على تاريخنا العربي ليصبح الإنسان بلا ماضٍ وحاضر وبلا مستقبل، والهدف الأساس هو أن يصبح بلا آخرة، وهنا الرغبة في تحديثاتهم المشؤومة.

ما تعريف التاريخ؟ 

ففي رحلتنا سنشرع في تعريف التاريخ ونتعرف على أهمية وفوائد دراسته، راجين أن نوفيَ حقّ هذا الموضوع المهم، فممّا لا شك فيه لقد وضع الباحثون الكثير من التعاريف لهذه المادة المهمة، فهنالك من يُعرِّفها بالدراسة والتحليل للأحداث التي وقعت في الماضي على أسس علمية محايدة  للوصول إلى القواعد التي تساعد على فهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل، أما التعريف الثاني؛ فهو القيام بدراسة تعتمد على حقائق الماضي، وتتبع سوابق الأحداث وهنالك الكثير الكثير من التعاريف لهذا المصطلح، التي تختلف في تعبيراتها مجتمعنا تحت فكرة واحدة ألا وهي دراسة سجل الماضي، والاطلاع على حياة السابقين.

أما أنواعه فهما نوعان:

التاريخ القديم؛ الذي يمثل الفترة التي جاءت بعد فترة ما قبل التاريخ، أيْ ابتداء من الألفية الرابعة قبل الميلاد وصولاً إلى العصور الوسطى، ومن بعده عرف بالتاريخ الحديث؛ والذي يمثل التسلسل الزمني التاريخي بعد العصور الوسطى، ويمكن تقسيم الأخير إلى قسمين: القسم الأول؛ هي الفترة الحديثة المبكرة، والقسم الثاني؛ هي الفترة الحديثة الأخيرة أي الفترة المعروفة ما بعد الثورة الفرنسية والثورة الصناعية.

وهنالك تفرعات أخرى كثيرة في التاريخ لا يسعنا ذكرها، فما ذكرناه هو تعريف بسيط لهذه المادة الكبيرة، ولا أعتقد أن في هذا العالم الكبير شخص لا يملك أدنى فكرة عن مادة التاريخ، ولكن الأهم من التعريف هو احترام المادة، فالدراسة والبحث في سوابق الأحداث يتطلب الأمانة، نعم أمانة النقل فمن المعيب والمخزي تشويه تاريخ أمة معينة بسبب طائفتها، أو التنكيل بأحد الشخصيات التاريخية بسبب انتمائه العرقي أو الطائفي، فالتاريخ أمانة كبيرة لا يصح التلاعب بها.

ومن هنا نستخلص أهمية دراسة التاريخ ومعرفته إذ تنقسم الأهمية إلى قسمين:

أهمية التاريخ في الإسلام

لقد ركز الدين الإسلامي على أهمية معرفة هذه المادة، وعلى أهم وأوضح الأدلة على ما أقول هو كتاب الله (القرآن الكريم)، الذي ذكرت فيه أحداث السابقين وقصص الأنبياء، فانتقلت إلينا عبر هذا الكتاب الكريم المُقدّس حتى قال سبحانه وتعالى: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان
حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كلّ شيء وهدىً ورحمةً لقوم يؤمنون)، سورة يوسف (111). نعم فأهمية التاريخ في الإسلام تتلخص باستخلاص العبر والحكم من قصص السابقين وتطبيقها في الحياة العملية.

أبرز النقاط التي وضعت من قبل الباحثين حول أهمية دراسة التاريخ فهي كالآتي:

  • معرفة اللحظات الحساسة في تاريخ الأمة، لكل أمة تاريخ، ولكل تاريخ أحداث، فالاطلاع على أهم أحداث تاريخ أمة معينة يُعدّ من أولويات بناء الشخصية الوطنية.
  • التعرف على عظماء التاريخ، قد تكون الشخصيات التاريخية من أهم الأعمدة في هذه المادة، فمعرفة سير القادة ونشأة العلماء قد تكون من أولويات بناء الحوافز لدى الناشئة، وفي كل تاريخ نجد شخصية القائد الحكيم مثل (عمر المختار، الأمير عبد القادر، الحاج أحمد باي) وغيرهم الذين سطروا أعظم الملاحم في تاريخنا العربي الذي لم يطلع عليه إلا قلة من النّاس، ومن المحزن هنالك الكثير من العرب أصبحوا يتوجهون لدراسة تاريخ الغرب تاركين عظمة تاريخهم العربي.
  • معرفة أسباب قيام الدول وانبهارها، وقيام الدول وانهيارها مبني على الصراع بين اثنين الأول يريد السيطرة والهيمنة، والثاني يريد قمع الظلم والتخلص من العبودية، وعلّ من أولويات قيام الدول هي العزيمة والروح الوطنية والشجاعة الفذة، كمقاومة الكثير من الدول العربية للاستعمار الأوربي الذي أطاح بالوطن العربي لمدة من الزمن، فبنيت الكثير من الدول بشرارة ثورة الاستقلال..

فوائد دراسة التاريخ

وبعيداً عن الإطالة والمماطلة هذه هي أهمية دراسة التاريخ باختصار، وكما تعرفون أنّ لكل مادة تدرس فوائدها، ففوائد دراسة التاريخ لخصناها لكم بخمس نقاط وهي كالآتي:

  1. تساعد على زيادة التوعية القومية.
  2. يوسع العقول من الناحية الاخلاقية .
  3. يعتبر التاريخ ملهم لعمل الإنسان .
  4. يساهم في بناء الحوافز لدى الناشئة.
  5. يساعد على تكوين الشخصية الوطنية كما يساعد على ترسيخ البعد الوطني للأمم التي يعكس التاريخ ماضيها ويترجم حاضرها .

فلا تهملوا التاريخ، اقرؤوا، تعلموا، تثقفوا، أسسوا، ركّزوا، لا تضيعوا الوقت، اشرعوا ببناء شخصياتكم الوطنية، اعملوا على بناء أنفسكم، استخلصوا من التارخ العب،ر وتجنبوا أخطاء السابقين، يقول حافظ إبراهيم هذا الشاعر العظيم: من رام وصْلَ الشمسِ حاكَ خيوطَها، فلا تدعوا أنفسكم لليأس، وابدؤوا من التاريخ، فالتاريخ مدرسة لا بد من دخولها…..

بقلم : ذوالفقار زياد العماري

فيديو مقال لا تهملوا التاريخ

أضف تعليقك هنا