هذا هو الحبّ

لماذا الحُبّ؟

عرّفته يوماً  بـ “شعورٌ جميلٌ جداً لدرجة لا توصف، لا يحسُّ به إلا الأشخاص الذين يعيشونه بصدق”.

وأما لماذا؛ لأنه متمم للأمل، ومعطي للسعادة، وهناك طعمٌ في الحياة ناقص إذا لم نعيشه، وسنبقى من دون ذكريات، سواء كانت جميلة أو قبيحة تقرع ناقوس أدمعتنا وداخلنا كل يوم مساءً، وكما قال محمود درويش “الحبُّ كالموت، وعد لا يرد ولا يّزول”.

الحبُّ كالموت، وعد لا يُردُّ ولا يزول

هذا هو الحب

هو الأمر الوحيد الذي ليس له مكان ولا زمان، يعبر كل الحدود والجغرافيا، لا يوقفه لا جواز سفرٍ ولا فيزا، يأتي بكل الأوقات بالحرب والسلام، بالفقر والغناء فهو لا يحتاجُ لشيءٍ من المال، لأن المال يفسد كل شيء.

موجودٌ بين الأزقّة الضيقة، وفي الأحياء الفقيرة والغنية، وفي القصور والأكواخ، وبأعماق الأشخاص، دخلتُ إلى قلوب الجميع، ومنهم من خرجت منها ومنهم لا زلتُ بداخلها إلى الآن، آتي بشكلٍ فردي، ولا يمكن أن يجتمع معي أحد داخل القلب، لأني إذا حضرت أخذت كافة المساحة، وأسيطر على العقل أيضاً.

هذا أنا

من يعيشني بصدق يتلعثم في كلامه، لا يمكنه أن ينطق أي شيء بشكلٍ صحيح، وأشغلُ تفكيره، وأسافرُ بداخله وأنقله بين الجمال والحياة والحيوية وموضعي دائماً في الفؤاد والروح، وأجعل عيناه دائماً برّاقتان، فهذا أنا هو الحب.

أتجدد كل عام، كل يوم، كل دقيقة، كل ثانية بنظرة واحدة، أو بكلمة، وأخطط الابتسامة على وجهوكم، والضحكة في العقول كلما تذكرتم الأيام والمواقف الجميلة التي أنا من صنعها.

لا أحتاج إلى لغات ولا لكلام فأنا يفهمني الجميع، وأوصل الجميع بشعوري وجمالي حتى وإن كان كل منكم في دولة، ففي الحب ليس هناك عادات وتقاليد، وليس هناك قوانين، فالحب هو تحقيق المستحيل، والأجمل أنه لا يحتاج إلى لسان كي ننطقه، ولا إلى لغة جسد، فالجميع يفهمه بلغة العيون.

وأما القلوب المليئة بالحقد والشر والكراهية فلا شأن لي فيها، ولا أدخلها أبداً، وأن اضطرت أخرج منها مسرعاً كي لا أظلمهم ولا أظلم نفسي.

الحب رحلة!

فهو كالرحلة تماماً، فيها الكثير من المتاعب، ولكن في المقابل جميل جداً وفيه الكثير من المتعة، يا له من شعورٍ لا يوصف، ولحظته لا تُنسى أبداً مهما ضغطتك الأيام، وحالته أروع ما في الوجود، يشبه الربيع بازدهاره، والشتاء بمطره، والصيف ببحره وسمائه، والخريف بأشجاره وطبيعته، هو كل الفصول والأحاسيس.

وأما الذي أحتاجه منكم الصدق والوفاء والإخلاص، وأحتاج أن تحبُ في الله، وأن تخافوا الله بمن تحبون، كما يحتاج أن نظهره بالاحترام والمودة والاهتمام وبوردة حمراء واحدة فهي تكفي، فهو بسيطٌ لا داعي فيه للترف والبزخ.

يعيش في جميع الناس، والناسُ تعيشُ به، ويعطينا الأمل والفرح والسعادة، وأما إذا قررت يوماً أن أرحل فلا أعود، وإني أرحل بسببهم فهم لا يعرفون قيمتي حتى يفقدوني، ويبدأ الحزن والكآبة بالتسلل إليهم قليلاً، ويباشر الملل بالعيش معهم بذات المكان الذي كنت أمكث فيه، وبالنسبة لي أذهب إلى أشخاصٍ صادقين، قلوبهم نظيفة، يضعون فيها الجميع، ويخصصون بقعة منها لذلك الذي لا يُنسى، والذي يسمى الحبيب، واستمر لأنهم دائماً يرددوني على ألسنتهم، وأنا أكافئهم فوراً متحولاً من أبسط درجاتي إلى أعلاها الهيام.

ولا فرق عندي سواء كان الحبيب أولاً أو آخراً، فأنا لا آتي بالمواقع، وإنما حيث وجدت العاطفة والشعور، وعندما اتأكد أنهم مقتنعون بنفسهم وببعضهم البعض كي لا يندموا، ولا أعذب نفسي بالرحيل لأنه عندما أغادر يشتموني، ويذكروني بالسوء رغم كل ما حاولته من أجلهم وما عشته معهم.

نحن الذين نخذله

أغلب الذين زرتهم لم يحفظوا عليَّ، ولم أدم عندهم طويلاً، لا أعرف ما السبب، ربما الظروف، وربما المجتمع، وربما الحياة بأكملها! هكذا كانوا يرددون ولكنهم دائماً لا يلومون أنفسهم، ولا يضعون شخصهم بين الأسباب من كثرة الأنانية، ولكني متأكد بأنه نحن الذين نخذل الحب، وليس هو الذي يخذلنا.

قتلوا الحب فينا!

إن الذي وصل فينا إلى هذا الحد من الحروب، وهذا القدر من القتل، أنهم قتلوا الحب فينا، وتغيّر حُبُّنا إلى كراهية وحقد، دعونا ندعو إلى السلام كي يعود الحب ثانيةً، فلقد سُلبت منا كل حقوق العيش، فلماذا نعطيهم الحب أيضاً؟!

هنا تجدونه

ابحثوا عني تجدوني في قصائد “نزار”، “ومحمود”، وبين زخّات المطر، وبابتسامة الأطفال وبراءتهم، وموجود بكثرة في قلوب الأمهات، وبالذكريات، وبين أمواج البحر، وفي نهاية المطاف سلامٌ على حياةٍ لا حبَّ فيها.

وكما يقول مولانا جلال الدين الرومي “إنْ استطعنا أن نحب بلا توقعات أو حسابات، أنْ نحبّ وحسب، فإن هذه هي الجنّة الحقيقة.

فيديو مقال هذا هو الحب

أضف تعليقك هنا