أخطر الرجال في التاريخ

كل الشرائع دعت إلى ذات القيم والمبادئ

لو أمعنا النظر في كل الأديان القديم منها المندثر أو القديم المتجدد الباقي لوجدنا أنها جميعها وبدون استثناء تدعو في المجمل إلى ذات القيم والمبادئ.

العدل والمساواة واحترام كل الأجناس، حب الناس والإحسان اليهم، التراحم والتواد والتعاطف بين البشر، نبذ الكراهية والعنف والتطرف، الكثير والكثير من القيم والمبادئ الإنسانية ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق – حديث شريف ) .

لقد خط الأنبياء والرسل والمصلحون على مر الأزمان دستور المبادئ الإنسانية وميثاق شرف البشرية قبل أن توجد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية فضلاً عن أن تسوق لنا هذه المنظمات مواثيق واتفاقيات ومعاهدات تضمن حقوق البشر.

الأنبياء والرسل، الفلاسفة والمصلحون، المجددون ودعاة السلام على مر العصور والأزمان كلهم دعوا إلى نفس المبادئ و ذات القيم.

على الإنسان أن يتغلب على غضبه بالشفقة، وأن يزيل الشر بالخير / إنما تزول الكراهية بالحب – من أقوال جوتاما بوذا – مؤسس الديانة البوذية.

إن التجول في كتب الفلاسفة والتنقل بين مقولات المصلحين يوصلنا لذات الطريق – يقال أن أعرابياً نظر إلى مكتبة عامرة بالكتب القديمة فقال : إني أعرف جميع ما في هذه الكتب،  كلها تقول : أيها الإنسان كن خيراً !

إذاً لماذا كل هذا التطرف والدموية والعنف، لماذا كل هذه الفرقة والحروب والاقتتال؟

أشد الحروب فتكا شنت باسم الدين

عجيب جداً، مرعب ومخيف ما يفعله الإنسان بأخية الإنسان، سجون، تعذيب، قتل، تهجير، اغتصاب، حروب إبادة، تطهير عرقي.. الخ.

طمس الهوية الثقافية، تغيير الخلفية الدينية، إعادة تشكيل التركيبة الاجتماعية، التجويع والحروب الاقتصادية..

مع كل ما تحمله الأديان من دعوات للتسامح والمحبة والإخاء فان اشد الحروب فتكاً وقتلاً ودموية على مر التاريخ تلك التي شنت باسم الدين – والدين منها براء – فعلى مر التاريخ لا يوجد أخطر من رجال الدين عندما يمس الأمر معتقدهم.

} وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا {سورة الكهف الآية 29.

لقد أمرنا بالتبليغ، والحساب بيد من له الأمر من قبل ومن بعد، وهو الذي يفصل بين العباد.

} إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ  {سورة الحج الآية 17.

إن بعضاً من الذين كان المفترض بهم أن يكونوا هم دعاة الإصلاح وحماة الإرث الإنساني المتسامح أصبحوا هم دعاة القتل والتهجير والقهر والتنكيل.

الحروب الصليبية شنت تحت ستار الدين، محاكم التفتيش والتطهير العرقي والقتل والتعذيب جرت في العصور الوسطى باسم الدين، خلفاء الدول – الإسلامية – شنوا الحروب والغزوات لتوسيع ملكهم تحت مظلة الدين.

}  سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ، بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً للهِ  {  يوحنا – الإصحاح 16 اية 2 .

} اجعل سيفك في غمده لأن كلَّ مَن يأخذُ بالسيف، بالسيف يهلك {  متى – الإصحاح 26 ، أية 51 – 52 .

المشكلة ليست في جوهر الأديان

لقد صنعت حملات التبشير في إفريقيا مالم يصنعه الاستعمار والقهر ومحاولة طمس الهوية في سنوات طوال، وبمكارم أخلاق التجار المسلمين وبتطبيق جوهر الدين الحنيف عملياً، ها هي أندونيسيا اليوم تعد أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، والإسلام في جنوب شرق آسيا يعد من أكثر الديانات انتشاراً دون إراقة نقطة دم واحدة! وصدق رسولنا صلى الله عليه وسلم حين قال: )إن الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا ينزع من شيءٍ إلا شانه) .

إن مشكلتنا اليوم ليست في جوهر الأديان ولا ما تدعو إليه، بل في طي أعناق النصوص وفق الأهواء الشخصية وتحت مظلة الهوى تقرباً من سلطان أو طمعاً في دنيا، أو خوفاً من مس مكانة اجتماعية صنعها للبعض من حولهم مريدون وأتباع.

الزندقة والاتهام بالكفر والهرطقة جزاء المخالفين على مر العصور، التفرد بالرأي ونبذ الآخر ومحاولة الغلبة بالصوت قبل العقل جرت الويلات على الإنسان على مر الأزمان.

الأديان بريئة، والمخلصون من حملة الإرث الإنساني سيبقى ذكرهم عالياً، وأخطر رجال التاريخ لن يذكروا إلا مقترنين بالدم والعنف والقهر.

أخيراً ( لقد تعلمنا أن نطير في الهواء كالطيور، وأن نسبح في البحر كالأسماك ولكن لم نتعلم حتى الآن أن نمشي على الأرض كالأخوة – مارتن لوثر كينج ) .

فيديو مقال أخطر الرجال في التاريخ

أضف تعليقك هنا