القطاع الخاص والظلم إلى أين؟

بوادر الأزمة والتراجع في القطاع الخاص

تتوقف عقارب الساعة في حياة موظف بسبب ظلم يرتكبه مسؤول في حقه، فلا يستطيع أن يُحرّك ساكناً ولا يستطيع الشكوى أو التظلم، لأنه بذلك قد يتسبب في ضرر أكبر على نفسه. فعندما تتكون عصابات في المؤسسة هدفها تطفيش من لا يوالونهم، وتهميش من يعادونهم، وتطفيش من لا يطيقونهم، وعندما يصبح الموظف المسؤول عن حماية حقوق الموظفين، هو أول من ينتهك حقوقهم ويتلاعب بمستقبلهم المهني، ومن بعدها يرسم تلك الابتسامة الساخرة على وجهه، معلناً انتصاره على كل الأنظمة وقدرته على التلاعب بالقوانين لتلبية مصالح شخصية، فهنا وجب التوقف وتسليط الضوء على هذه السلوكيات، فلعلنا نسهم في جذب انتباه من يستطيع ردعهم وتحسين الأوضاع في مؤسساتنا.

بعد أن جاءت الإنقاذ بسياسة التمكين واحتكار الوظائف الحكومية لمنسوبها والتي كانت وبالا على الخدمة المدنية كان لأصحاب المؤهلات الأكاديمية خياران: إما الهجرة أو اللجوء إلى أصحاب القطاع الخاص بحثا عن الاسترزاق وهروبا من مطاردة شبح العطالة. وقد كان القطاع الخاص في أزمنة خلت مثالا للانضباط والنزاهة وكانت الشركات الخاصة ومصانع المستثمرين إحدى منابع الاقتصاد القومي وبعد أن جاءت الإنقاذ وأنشأت تحالفها الجديد بين الرأسمالية والإسلاميين أنبت هذا التحالف انتهازيين جددا ورأسماليين مشبوهين فظهرت بوادر الأزمة والتراجع الواضح في القطاع الخاص
فتكررت حالات الظلم وامتلأت محاكم العمل بآلاف الدعاوي كان أكثرها الفصل التعسفي وحرمان العاملين من مستحقاتهم ملزمة للشركات فعانت أسر وشردت أخريات.

من المسؤول عن معاناة العاملين في القطاع الخاص؟!

إن ازدياد حالات الظلم الوظيفي في القطاع الخاص يستدعي الاستنتاج ويخلق تساؤلات تتسع باتساع الأزمة وإفرازاتها المريرة. فمن هو المسؤول عن معاناة العاملين في القطاع الخاص، الدولة التي تسن قوانين العمل أم الرأسمالية الجشعة المخيفة ؟
من يتابع الحالات المتكررة لإجحاف الشركات الخاصة والمؤسسات  والتجاوزات التي وصلت لها الرأسمالية من الجشع رغم المواثيق وعقودات العمل التي ينبغي أن تكون ملزمة لطرفي العقد ولكن لان المستثمر صاحب اليد الأطول والمال الأوفر والمستشارين الكثر مقابل انعدام تلك المقومات لدى الطرف الآخر فتجده يمارس سياسة النهب وإنكار الحقوق والسعي الحثيث لإخراج العامل بدون ثمرة بلا أدنى مراعاة لسنوات الخدمة الطويلة.

لم تسلم السلطة التي تمثل القانون من أصابع الاتهام التي تشير إليها بالتهاون والضعف وفي أحيان كثيرة التواطؤ بالأخص عندما يكون المستثمر من أصحاب الأدوات وذوي القربى السلطوية وما أكثرهم في عصر الانحلال الحكومي وفساد الإنقاذ الرهيب. ومن يقرأ قانون العمل يجد الانحياز السافر لأصحاب العمل والسعي لتضمين حقوقهم كاملة بلا انتقاص ووضع أقسى العقوبات لمتجاوزيها من العاملين في وقت تساهل فيه عند حقوق العاملين لديه إذ لم يتضمن القانون ما يردع الظالمين من أصحاب السوابق.

ولتأكيد التهاون ووقوف الدولة متفرجة أمام انتهاك حقوق العاملين في القطاع الخاص نجد استطالة مدة كثير من القضايا التي لم تجد الحسم الحكومي وفض النزاع بسلطات القانون الواسعة، ولكن كيف تنحاز الحكومة للمظلوم طالما المظلوم في تلك القضايا دائما هو المواطن؟! والذي لم تجد السلطة حرجا في تكسير مجاديفه وتحجيم نشاطاته وإذلاله بشتى الطرق
ولا أظن ان السلطة مؤهلة أخلاقيا  لإنصاف المظلومين وانتزاع الحقوق من أصحاب الجشع الرأسمالي لما لها من سوابق كثيرة في ظلم العاملين في قطاعاتها العامة وبمنطق بسيط من لم يسع لإنصافك.

ختاما

ما يعاني منه القطاع الخاص لم تنتجه إلا الأساليب البائسة التي ينتهجها أصحاب العمل والأنانية المفرطة والتنكر لسنوات الخدمة الطويلة، ثم تأتي الحكومة بصمتها وتساهلها فتزيد الطين بلة فتعطي الظلم شرعية يرتكز عليها حلفاؤهم من أصحاب العمل.

فيديو مقال القطاع الخاص والظلم إلى أين؟

أضف تعليقك هنا