العروبة الأزلية للشام والعراق

نظريات علماء الآثار حول أصل العرب والحضارة العربية 

أصول الدولة الأموية والعباسية

نشأت الدولة الأموية في الشام عام 41ه/662م وتلتها الدولة العباسية في العراق عام 132ه/750م ….. ولنفترض أن أحد أبناء جيلنا من المطلعين على التاريخ استطاع السفر عبر الزمن نحو المستقبل حتى عام 5000 م وتم نبش آثار الدولتين الأموية والعباسية من قبل علماء الآثار في ذلك العصر، ومن ثم خرج علينا أحد هؤلاء العلماء وقال :

لقد اكتشفنا آثار الحضارة الأموية في الشام وتبين لنا أن الشعب الأموي شعبٌ عظيم وأن أصولهم تعود لشمال إفريقيا وقد قدموا من مصر إلى الشام.

وبعده يظهر عالم آثار آخر فيقول:

لقد اكتشفنا آثار الحضارة العباسية في العراق وتبين لنا أن الشعب العباسي شعبٌ عظيم وأن أصولهم تعود لخراسان وقد قدموا من بلاد فارس إلى العراق.

ومن ثم تظهر نظريات جديدة حول أصول الشعبين ومن أين أتى كل شعب، ولنضع أنفسنا مكان المؤرخ الذي سافر عبر الزمن ونتساءل عن ردة فعله حول هذه التصريحات، فإنها ستكون:

ويحكم ما هذا الافتراء ….. إن الأمويين والعباسيين هما سلالتان عربيتان حكمتا المنطقة وأسس كل منهما دولة عظيمة مترامية الأطراف، وهم أبناء عمومة يعودون في نسبهم لقبيلة عربية اسمها قريش.

تزوير علماء الآثار المعاصرين للحقائق المتعلقة بأصل العرب والحضارة العربية  

لو أسقطنا هذا الكلام على كلام علماء الآثار المعاصرين الذين يخرجون علينا بتصريحات مختلفة بين الحين والآخر، فهم يقولون:

لقد كان الشعب الأكادي شعب عظيم أنشأ حضارة عظيمة، والشعب السومري كان أول شعب استقر في بلاد الرافدين وأسس أولى الحضارات، والشعب السومري لا نعلم من أين أصوله، ومن الممكن أن يكون من شعوب وسط آسيا وغيرها من الفرضيات التي يطلقها علماء الآثار من حينٍ لآخر، ومن ثم يأتي من يقول:

وجاء بعدهم العموريون ثم البابليون فالكلدانيون فالحثيون فالآشوريون …… وهكذا، وكأن هؤلاء الأقوام أمم قائمة بذاتها، وعلماء الآثار والمؤرخون المعاصرون إما تناسوا أن هذه الأسماء هي مسمىً لشعب واحد هو الشعب العربي القديم أو طمسوا الحقيقة لغايات خبيثة.

أقول: ربما أن بعض القبائل أو الأسر غير العربية قد شكلت سلالات حاكمة في الشام والعراق (كما حدث في سيطرة البويهيين الفرس والسلاجقة الأتراك على الدولة العباسية)، فقد تكون السومرية اسم لعائلة غير عربية طارئة على المنطقة حكمت البلاد واندمجت مع الشعب العربي القائم كاندماج المماليك بالمجتمع العربي في الشام ومصر، ومع ذلك نؤكد أن وجود مثل هذه القبائل أو الأسر غير العربية الطارئة التي تتسلق سلم السلطة لتصل إلى سدة الحكم لا يمكن أن ينفي عن منطقتنا عروبتها الراسخة منذ الأزل.

أسباب تزوير وتحريف علماء الآثار المعاصرين لتاريخ العرب

وعندما يجد علماء الآثار اللقى الأثرية ويشرعون في دراستها كالرقم الطينية والنقوش الحجرية والرسوم الجدارية وغيرها من لفائف ورق البردي ….. إلخ، فإنهم يضللون المؤرخين والناس في قراءتهم لهذه الكتابات للأسباب التالية:

  • الترجمة الخاطئة للنصوص الكتابية المكتشفة.
  • انطلاقهم في قراءتهم لتلك الكتابات من ثقافاتهم المتعلقة بمجتمعهم ومعتقداتهم.
  • محاولة تشتيت المنطقة العربية بربط تاريخها بأقوام غير عرب.
  • جعل العرب أمة طارئة على المنطقة وحصرهم بجزيرة العرب فقط.
  • ترسيخ الأصول المختلفة لشعوب المنطقة تمهيداً لطمس حضارتهم وثقافتهم.

مراحل تطور اسم المدن عند العرب 

والحقيقة أن المنطقة الممتدة من بحر العرب والمحيط الهندي والصحراء الكبرى جنوباً حتى جبال طوروس والبحر المتوسط شمالاً ومن المحيط الأطلسي غرباً حتى الخليج العربي وجبال زاغروس شرقاً هي منطقة عربية منذ فجر التاريخ.

كما أن المسميات التي أطلقت على منطقتنا هي أسماء متغيرة عبر التاريخ تبعاً لكل مرحلة من مراحله، فالمسميات التي وردت إلينا من خلال علماء الآثار متأثرة بشدة بالنصوص التوراتية، فالكثير من علماء الآثار استدلوا بنصوص العهد القديم على هذه المسميات وهي ربما تكون أسماء لمدن أو لمناطق ضيقة من المنطقة العربية الواسعة.

والأقاليم تختلف تسميتها من حينٍ لآخر فمسمى الشام ظهر في العصر الجاهلي ومن ثم كرسته الثقافة العربية الإسلامية بينما كانت تسمى في الألف الثاني قبل الميلاد باسم كنعان تحت تأثير ثقافة بني اسرائيل والآن تسمى سورية بسبب التقسيمات الاستعمارية، وكذلك الحال بالنسبة للعراق وأكبر دليل على ذلك أن مسمى بلاد الرافدين يعتبر حديث نسبياً يرقى للقرن التاسع عشر فقط.

والقرآن الكريم لم يذكر أسماء الشام والعراق واليمن صراحةً، بل أشار إلى الشام باسم الأرض المباركة في قوله بالآية الأولى من سورة الإسراء: ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ))، وأشار إلى اليمن باسم سبأ في قوله بالآية الخامسة عشر من سورة سبأ: (( لقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ))، علماً أن اسم سبأ هو اسم قبيلة يمنية واليمن كمسمى أشمل من سبأ فهي تضم قبائل عربية أخرى.

التوزع السكاني (الديموغرافي) للمناطق العريبة في آسيا

وإذا حاولنا تحليل التركيبة السكانية (الديموغرافية) للمنطقة العربية في آسيا والتي تشمل الجزيرة العربية والعراق والشام والتي سنقسمها لثلاثة أقسام هي (المناطق الساحلية والمناطق الداخلية والمناطق البرية الحدودية) على النحو التالي:

أولاً – المناطق الساحلية: وتشمل سواحل الشام على البحر المتوسط والتي تشوب التركيبة السكانية العربية فيها مجموعات سكانية تضم الأتراك والتركمان والأرمن، وسواحل الجزيرة العربية الثلاث (سواحل البحر الأحمر من الغرب وتشوبها التركيبة الإفريقية،  وسواحل بحر العرب جنوباً وتشوبها التركيبة الإفريقية والهندية، وسواحل خليج عمان والخليج العربي شرقاً وتشوبها التركيبة الهندية والفارسية والبلوشية).

ثانياً – المناطق الداخلية: وتشمل المنطقة الممتدة من جبال سورية ولبنان في الغرب إلى شرق دجلة في العراق ومن منطقة الجزيرة العليا وحلب والموصل شمالاً حتى تخوم الربع الخالي جنوباً، وهذه المنطقة يغلب عليها الطابع العربي الخالص لرفده على الدوام بالقبائل العربية المهاجرة من وسط الجزيرة العربية، وما تزال تهامة الحجاز وهضبة نجد وبادية الشام تمثل التركيبة السكانية النقية للعرب والتي شكلت خزاناً بشرياً يفيض كل ألف عام تقريباً نحو حاضرات الشام والعراق.

ثالثاً – المناطق البرية الحدودية: وهي تشكل قوساً يمتد من سواحل الخليج العربي إلى خليج إسكندرون في البحر المتوسط وتشمل المنطقة الحدودية المتاخمة لجبال زاغروس والواقعة شرق نهر دجلة والتي يشوب التركيبة السكانية العربية فيها تركيبة فارسية وكردية، والثانية تشمل المنطقة الحدودية المتاخمة لجبال طوروس وصولاً لخليج إسكندرون والتي يشوبها التركيبة الكردية والتركية.

فالمناطق العربية المشوبة بعرقيات أخرى تشبه تماماً المحلول الكيميائي المركب أو البرزخ بين البحرين المختلفين في الملوحة، فمنطقة البرزخ تكون خليطاً من البحرين، والحق يقال أن أغلب العرقيات التي دخلت بلاد العرب قد اندمجت مع العرب وانصهرت معهم حتى أصبحت عربية تماماً.

فيديو العروبة الأزلية للشام والعراق

 

أضف تعليقك هنا