النباتية، والرفق بذوات الوعي

سأبدأ مدونتي كما بدأ ديفيد ديجراستيا كتابه الفلسفي عن حقوق الحيوان بأني لا أستطيع ادعاء تناول هذا الموضوع تحديدًا بحيادية تامة .. لكني سأطرح سؤالًا أخلاقيًا قد يهم الجميع

هل قتل الحيوان للمأكل والملبس يُعد عملًا أخلاقيًا في حين وجود بدائل؟

اتفق مع أخلاقية قتل الحيوان بعض الفلاسفة كديكارت وكانط حيث اعتبروا أن لا حقوق للحيوان لأنها لا تملك العقل ولا تستطيع أن تُفكر كما الإنسان .. لكن هل بالفعل العقل فقط هو المعيار الذي يجعلنا نُعطي الكائن حقوقًا أو ننتزعها ! ، الأطفال والمرضى بأمراض عقلية أيضًا قد ننزع منهم حقوقهم الأساسية إذا اعتبرنا العقل هو المعيار الوحيد

جيرمي بينثام 

وهو فيلسوف انجليزي نفعي تناول قضية حقوق الحيوان وقد أقر أن العبرة بالشعور لا بالتفكير، وقال نصًا: “ليس السؤال هنا، هل تستطيع التفكير والكلام بقدر ما هو، هل تعاني من الألم والعذاب؟.

وبالتالي فالمعيار الحقيقي هو الإحساس،  يُشير الإحساس هنا إلى ما هو أكثر من القدرة على الاستجابة لأحد المثيرات؛ إذ يُشير إلى القدرة على امتلاك بعض -المشاعر-  تشمل المشاعر الأحاسيس (الواعية) مثل الألم  حيث يُشيرالألم إلى شيء يُستشعر ولا يُقتصر على قدرة الجهاز العصبي على تحديد المثيرات الضارة والحالات الشعورية مثل الخوف.

ولأن الحيوانات تملك جهاز عصبي حساس ومشاعر أمومة كما الإنسان فكيف يكون قتلها أخلاقيًا !. تُعرّف الأخلاق بأنّها: القوة الراسخة في الإرادة التي تجعل المرء يختار ما فيه خير وصلاح .. وما فيه خير وصلاح في هذه القضية للإنسان والحيوان والبيئة هو التوقف عن قتل الحيوانات من أجل الملبس والمأكل والتجارب العلمية والترفية في حين وجود بدائل.

تفسير لفظ “حيوان”

لفظ حيوان مصدر كالحياة وهو يُطلق على كل حي فلا فرق بين أن تقول هذا حيوان أو هذا حي.

يقول ابن عثيمين في مجموعة فتاويه باب المناهي اللفظية تعليقًا على مقولة أرسطوطاليس الفيلسوف الإغريقي الشهير بأن الإنسان حيوان ناطق .. “الإنسان لا شك أنه حيوان باعتبار أنه فيه حياة، وأن الفصل الذي يميزه عن غيره من بقية الحيوانات هو النطق”، فإذا كانت تُعرف العنصرية بأنها الأفكار والمُعتقدات والقناعات والتَّصرفات التي ترفع من قيمة مجموعة معينة أو فئة معينة على حساب الفئات الأخرى، فقتل الحيوان يٌعتبر حينها عنصرية على أساس النوع.

مثل التمييز العرقي والجنسي التمييز على أساس النوع هو إجحاف أو موقف متحيز من الشخص لمصلحة أبناء نوعه الخاص وضد أولئك من أبناء النوع الآخر !. يؤكد هيوم في كتاب نظريات العدالة أن طلب المنفعة هو الحافز الأصلي لتأسيس العدالة وتنشيئها، ويكون ذلك مصحوبًا عادةً بنوع من التعاطف حيال المصالح العامة. هذا الشعور بالتعاطف من شأنه تدعيم هذه الفضيلة (العدالة) أخلاقيًا، يقصد هيوم بذلك أن طلب المنفعة الفردية المحض لا يُمكن أن يكون مصدرًا ومنشأ للعدالة.

 الانسان جزء من أجزاء على كوكب الأرض

نعيش كلنا على كوكب الأرض، ونعتبر جميعنا (سكان الأرض)، ليس هناك تميز على أساس النوع في مصطلح
سكان الأرض، لذا فالبشر ليسوا النوع الوحيد على الكوكب ويتشاركوا في هذا العالم مع الملايين من الكائنات الأخرى
ومع ذلك يسعى الإنسان وحده للسيطرة على الأرض طوال الوقت ويعامل شركائه في الكوكب من الكائنات الأخرى كأشياء!.

إذا كان كائنا آخر يعاني فلا يمكن أي يكون هناك تبرير أخلاقي لرفض أن تؤخذ تلك المعاناة في الإعتبار بصرف النظر عن طبيعة هذا الكائن الآخر فإن مبادئ المساواة تستوجب أن معاناته يمكن أن تعتبر متساوية مع ما شابه ذلك من معاناة لكائن آخر.
ينتهك العنصريين مبادئ المساواة بتفضيلهم لمصالح عرقهم الخاص، بنفس الطريقة المُفرقون على أساس النوع يسمحون لمصالح نوعهم الخاص بتجاوز المصالح الأعظم لأبناء النوع الآخر وفي الحالتين النمط مماثل.

احترام  الحياة

مع ذلك فإننا من بين أعضاء سكان الأرض نعرف المغزى الأخلاقي لإهمية احترام الحياة.
من طبيعي ألا يكون للحيوانات كل الرغبات التي يملكها البشر ولا يفهمون كل ما يفهمه البشر .. ومع ذلك يشترك البشر معهم في الكثير من الرغبات الرئيسية نفسها مثل الرغبة في الغذاء، الماء، الملجأ، الرفقة، حرية الحركة وتجنب الألم.

الاتجاه نحو النباتية

إذا اتجه البشر للنباتية بالإضافة الى ما لذلك من فوائد صحية فإنه كذلك سيساهم في حماية البيئة.
ثلث الإنتاج الزراعي العالمي السنوي يُخصص للحيوانات التي تذبح، وعلى كثرتها، تسبب تلوث ناتج عن استهلاك ضخم للمياه الحلوة. لذلك فإن الاستمرار في تصنيع اللحوم وتناولها بهذا الكم هو أمرغير صحي ومضر بالبيئة، فتربية المواشي التي نأكل لحومها كالأبقار والأغنام تسهم في انبعاث الغازات الضارة والسامة على مستوى العالم بنسبة يقدرها الخبراء بما يتراوح بين 52٪ و81٪. واستناداً الى تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» لعام 2006 ،فإن تربية  المواشي تتسبب في انبعاث 81٪ من الغازات الكربونية التي تسبب ارتفاع حرارة الأرض وزيادة إنتاج الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

انفوجراف يوضح أضرار أكل اللحوم على جسم الإنسان

لحوم الحيوانات بكل انواعها تزيد نسبة تعرض الشخص للسرطان بنسبة ٥٠٪ بعد تناولها بدقائق وليس على المدى الطويل. البيض ومنتجات الألبان أحد أهم مصادر الدهون و الكوليستول المسببة للجلطات الدماغية والقلبية .. نقتل الحيوانات فتقتلنا !

فيديو مقال النباتية، والرفق بذوات الوعي

أضف تعليقك هنا