باختصار…!

في عصر العلم، كما يقول “جوستاف لوبون” الطبيب والفيلسوف الفرنسي: لم يكن ممكناً بعد الغوص عميقاً، فقد تأكد العلم كل يوم أن إكتشافاته تظل مشبعة بالمجهول، والوقائع الأكثر دقة تكتسي بالألغاز . واللغز هو الروح المجهولة للأشياء.

الحاجة الملحة للاعتقاد

ولأن النفس البشرية ترتعب من حالة الشك وعدم اليقين . وبما أن الحاجة للاعتقاد تشكل عنصراً نفسياً لا يمكن قهره تماماً مثل “اللذة والألم”. فإنه يجب الاعتراف بأن “الشك” أيضاً هو أحد نواميس هذا الكون، ولا محالة من ذلك.

فعادةً ما يغازل العقل صاحبه بتساؤلات حيال أمور خارج العالم الواقعي ، أمور لا يمكن للحواس التفاعل معها . مثل كيف جاء هذا العالم ..!؟ ولماذا أحيا ..!؟ وماهو الموت ..!؟ ماذا بعد الموت ..!؟ .

بعض ماكتب عن (مغامرة العقل الأولى)

لكن وقبل أن أستكمل وأثير حفيظتك ، سأذكر بأن عقيدة التوحيد موجودة منذ كان الإنسان ، والعقائد الأخري باختلافها كذلك . ثم سأٌذكر بـ” مغامرة العقل الأولى ” وبعض ما كتب عنها ، والتي أعادها عصر النهضة الإيطالي بفنونها التعبيرية رونقها عن طريق تصويرها في الفلكلور والأدب الشعبي ، مثل كوميدية دانتي وملاحم دافنشي وأنجلو الفنية . واعتبرها الرومانسيين – الفرنسيين – أصلاً في الفن والدين والتاريخ.

لفظة (الأسطورة)

فلفظة الأسطورة – بعد تفريغها من مدلولها الغربي – ليست إلا التفكير في القوى البدئية الفاعلة ، الغائبة وراء هذا المظهر المتبدي للعالم ، وكيفية عملها وتأثيرها ، وترابطها في عالمنا وحياتنا .

وهناك تعريفات أخرى مثل كونها تراكم لنتاج الفكر الإنساني في الأدب . أو أن منشأها يتصل بتفسير ظواهر الطبيعة . أو أنها تاريخ سجل بشكل أدبي ملحمي طغى عليه الخرافة . الأسطورة والطقس رفضت طائفة عدم ممارسته بعد ضياع سبب ممارسته فتجدده بأسطورة أو سند نظري . وغير ذلك من الأسباب .

لفظة (الجن) في نطاق الثقافة العربية وخارجها

وطبقاً لأحد التعريفات ” الأدبي الملحمي ، أو التأريخي ، وعلى سبيل المثال ، وبجانب فاعلية النطاق الإقليمي والجغرافي على الثقافة ، نجد في التراث العربي لفظة “الجنّ” والتي تعبر عن مخلوق غير مرئي ، عرفه العرب قبل الدعوة المحمدية . وبما أن “الجنّ” في اللغة العربية هو : المستتر أو المختفي عن الأبصار ، وبما أن الصحراء دوماً مكشوفة ممتدة الأفق فيسهل رؤية الأجسام واقتفاء الأثر فيها فإن اللغة قد عبرت عن مدلول تلك اللفظة بشكل عبقري رغم بساطته النسبية .

ولهذا السبب ، فإن لفظة “الجن ” خارج نطاق الثقافة العربية في حد ذاتها لا تترجم ، وتجدها في الانجليزية مثلاً ” jinn ” ، ويعرفها الغرب من خلال أسطورة علاء الدين والجني الشهيرة المروية ضمن الملحمة الأدبية العربية ” ألف ليلة وليلة ” ، ولكن رغم ذلك عرفت ثقافات أخرى مخلوقات بذات الوصف .

الثقافة والدين

وهو ما دفع “توماس إليوت” إلى إعتبار الدين والثقافة شيئين مختلفين ، لأنه ” لم تظهر ثقافة ولا نمت إلا بجانب الدين ؛ ومن هنا تبدو الثقافة من نتائج الدين ، أو الدين من نتائج الثقافة ، طبقاً لوجهة نظر الناظر .”

ولهذا ضرب مثلاً في تاريخ تغلغل الإيمان المسيحي في الثقافة الإغريقية الرومانية. وكذا ما دفعني لأؤيده هو تغلغل الدين الاسلامي في ثقافة مثل المصرية او السورية او العراقية..إلخ .

ولهذا ، وكما قال برتراند راسل ، الفيلسوف الإنجليزي المعاصر ، فإن نظراتنا في الحياة .. وليدة عاملين :- أولهما الآراء الدينية والخلقية الموروثة ؛ وثانيهما ذلك الضرب من طرائق البحث الذي يصح أن يوصف بأنه بحث علمي مطلقين هذه الكلمة بأوسع معانيها .

ماذا ينتج عن اختلاف الثقافات؟

وخلاصة القول أن أبناء الثقافات المختلفة يختلف بعضهم عن بعض في رؤاهم للعالم أو معتقداتهم الأساسية عن طبيعة العالم. ولذلك فإن عمليات الفكر التي هي جزء من المعتقدات عن طبيعة العالم ، قد يستخدم فيها الناس الأدوات المعرفية التي تبدو أنها تفيد معنى ، أي تأسيساً على معنى العالم عندهم .

الخلاصة

أنه ورغم أن الفكرة الشائعة والمشتركة بين كافة العقائد البشرية ، باختلاف التصورات والتخيلات . أن الكون خُلِق ، وأن أحد المخلوقات تحدى إرادة خالق الكون فلم يطيعه في أحد الأوامر ، فـحُـكم عليه باللعنة الأبدية . في العقيدة الفارسية ” أهرمان” ، وفي العقيدة الإبراهيمية “إبليس ، الشيطان ، لوسيفر” ، وفي العقيدة المصرية القديمة باسم “ست” وهكذا .

إلا أن عدم معرفة الآخر ينبني عليها الكثير . فما تعرفه عن لغته ، أساطيره وتراثه الأدبي والفني ، ماحدث علي أرضه ، ما العرف والتقاليد الواجبة الاحترام عنده ضرورية قبل أن تصدر حكمك ، والعكس صحيح . لذا لا تكن مندهشاً إذا كانت اعتقاداتك في وجهة نظره قد تكون ، حرفياً ، مجرد خرافات وأساطير .

المصادر:

*ابن منظور .. لسان العرب..
*توماس إليوت .. ملاحظات نحو تعريف الثقافة
*جوستاف لوبون .. الآراء والمعتقدات
*فراس السواح .. مغامرة العقل الأولي ..
*ويل ديورانت .. قصة الحضارة ..

فيديو مقال باختصار…!

أضف تعليقك هنا