حق الاختلاف

مبدأ الاختلاف

الكون _بكل ما فيه_ خاضع لمبدأ الاختلاف كسنة من سنن الوجود التي لا يمكن دحضها أو إنكارها، و منذ انطلاق البذرة الأولى للكيان  الإنساني كان الاختلاف محورا رئيسيا تدور حوله الحياة، كان آدم و معه حواء، فلم نخلق من جنس واحد، بل من جنسين مختلفين لكن في نفس الوقت  متكاملين.

و لم يقتصر التباين في هذا الوجود على جنسنا البشري فكنا أمما و قبائل و أوطانا لكل منها لغتها و عاداتها و تقاليدها و دينها، و ظهرنا على هيئات و ألوان مختلفة متقابلة منا الأبيض و الأسود و الأصفر و الأحمر، و كان ذلك متعلقا بانتماءاتنا الجغرافية الممتدة من القطب إلى القطب.

مبدأ الاختلاف في مايخص المخلوقات الأخرى من حيوان ونبات

و سار الكون على مبدأ الاختلاف في ما يخص المخلوقات الأخرى من حيوان و نبات فحملت سفينة نوح عليه السلام – التي بناها بوحي من الخالق العظيم و هديه عندما اجتاح الطوفان الهائل  الكون- من كل صنف حيواني زوجين حتى تستمر الحياة على اختلاف فصائلها و موجوداتها.

النظريات التي تؤكد ديمومة العنصر الأقوى وفناء الضعفاء ومدى صحتها

و رغم استقواء بعض الموجودات على البعض الآخر  و ظهور بعض النظريات التي تؤكد  ديمومة العنصر الأقوى و فناء الضعفاء مثل  نظرية “الانتقاء الطبيعي” التي أنشأها عالم التاريخ الطبيعي و الجيولوجي البريطاني “شارلز روبرت داروين”  منطلقا من الفكر الذي أسسه الإنجليزي “مالثوس” الذي أكد أن القوي هو الأجدر و الأحق بالبقاء فإن الكون حافظ على كائناته قويها و ضعيفها سواء كان ذلك من النبات أو الحيوان أو الانسان.

و بذلك نستطيع القول أن فكرة استمرار القوي دون الضعيف فُنِّدَت و بقوة  و ظلت الأرض تزخر بالأسود و النمور و الفيلة و لكن أيضا بالبعوض و الجراد و النحل فلم تلغ ضخامة الأسد وجود الفأر و لا تكاثره الفطري.

الإبادة الجماعية لمجموعات معينة في كثير من أمصار العالم

و رغم  اعتراف قانون الوجود و الشرائع السماوية على اختلافها بحق الاستمرار لكل الاجناس البشرية ، ظهرت بعض الحركات التي أسست منهاجا تدميريا يحكم  بالقضاء الكلي على مجموعات معينة  لأسباب عرقية أو عقائدية أو فكرية أو اقتصادية  فكانت أحداث الإبادة الجماعية في كثير من امصار العالم.

في القارة الأمريكية

و لعل  إبادة الهنود الحمر من طرف الإنجليز الذين هاجروا الى القارة الأمريكية و أسسوا مستوطناتهم على طول الشريط الساحلي (ساحل المحيط الأطلسي)  أحدَ أمثلة الإبادة  البشرية لكنه لم يكن أشدها قسوة أو أغربها حيث تواصل الفكر التدميري  عبر التاريخ.

في أستراليا

ففي أستراليا مثلا كان نفي السجناء الإنجليز على أرضها  سببا في تفكيك كيان الأستراليين الأصليين الذين عرفوا باسم الأبورجين . إذ تواصل إعمار الأراضي الأسترالية بسكان أنجلترا من غير السجناء أي السكان الأحرار فلاحظ الشعب الأصلي موجة الاستيطان  و ثاروا ضد الغزو  الجائر و دخلوا في حروب ضد الانجليز كانت كلها غير متكافئة و وجيزة أدت إلى نفي العديد منهم إلى جزر نائية لم يتعايشوا مع مناخها فكانوا ضحايا للأمراض و مستوى العيش المتدني فمات أغلبهم و لم يبق منهم إلا القليل حيث تقدر نسبتهم اليوم بحوالي 2.4./. من إجمالي السكان.

في رواندا

و تواصلت أعمال الإبادة حتى هذا القرن في بعض البلدان مثل رواندا حيث قام الأغلبية المتمثلون في المجموعة العرقية المعروفة باسم الهوتو بسحق الأقلية المتمثلة في شعوب التوتسي في أقل من مائة يوم.

ماحدث في إيرلندا

لم تكن اعمال السحق البشري عن طريق القتل فقط إنما كان للمجاعات و الأوبئة أيضا دورا مهما في ذلك مثلما حدث في إيرلندا في القرن التاسع عشر و المجاعة الكبرى التي اجتاحت  أوروبا في أوائل القرن الرابع عشر و غيرها من المجاعات و الأوبئة التي محقت أعدادا  كبيرة من سكان العالم.

خلاصة

رغم كل ما ذكرناه من نظريات تؤكد بقاء الأفضل و رغم كل حروب الإبادة التي اكتسحت العديد من البلدان و الكوارث الطبيعية و الأوبئة ظلت الأرض مليئة بمخلوقاتها المختلفة من نبات و حيوان و بشر تُقر قول الله تعالى في سورة الروم الآية 22: “و من آياته خلق السماوات و الأرض و اختلاف ألسنتكم و ألوانكم إنَّ في ذلك لآيات للعالمين” صدق الله العظيم.

فيديو مقال حق الاختلاف

أضف تعليقك هنا