كيف تعشق صديقك؟

انعدام الثقة بمن حولك، ليس خطيئة المجتمع، بل خطيئتك أنت!
لأنك تعلم بأن الثقة كمية قابلة للنفاذ، ولكنك تستهلكها مع أشخاص تراهم المجتمع بما فيه، في حين أن المجتمع قابع في قلب شخص واحد ينتظرك لكي تثق به…

احرص أن لا تنعزل لكي لا تفوتك فرصة الالتقاء بذلك الشخص، واحذر بأن لا تتعايش أكثر في مجتمع قد يجبرك يوم من الأيام على قرار ترك الحياة لهم.

قراءة بين فكرة التعايش مع المجتمع والهروب خلف ستائر الانعزال

ما بين فكرة التعايش مع المجتمع و الهروب خلف ستائر الانعزال، توجد العديد من القصص المأسوية، لأشخاص تحطمت قلوبهم بمعاول الواقع، فتارة تجد الشخص يخفي قصة عذاباته وأحزانه خلف ضحكة مغتصبة، مسومة بالكذب ومشومة بالتصنع، من خلفها مئات بل ألاف الدموع، تُسكب ليلا اذا ما تحرك قطار الذكريات في مخيلته.

وتارةً تجد ذلك الشخص منعزلا وسط زوايا مظلمة، لا تتحسس وجوده إلا من خلال صوت تنفسه، أو زفير اختناقاته أو طنين حشرة، قد ركنت نفسها معه بنفس تلك الزاوية، غير مؤهل لتحمل تلكم العذابات، التي أكلت عقله واعتصرت قلبه، فتشظى حسرة وندامة من خلال  مشاعره وإحساسه، وما بين التعايش مع الواقع والانعزال عنه، وجدنا جنب كل جثة منتحر، الف قصة وقصة من الألم والوجع..!!

الحياة والعيش فيها بمستوى التكامل

رغم أن الحياة متكاملة الأطراف، إلا انه لا يوجد فيها من يعيش بمستوى التكامل، حتى من هم اقرب منا الى الخالق، من الانبياء او الرسل او الأئمة، يجدون حياتهم يشوبها نقص الأدوات، التي تمكنه من العيش تحت لفائف السعادة بالمستوى المطلق، وهنا تكمن صعوبة مهمة النبوة او الإمامة، وعلة وجوده وتمكينه في المجتمع.

اضف الى ذلك ان الانسان لا يجد نفسه متكاملا حتى مع نفسه! فالغني يجد نفسه فقيرا امام الله، والقوي يجد نفسه ضعيف امام الله، والجميل يجد نفسه قبيح امام الله …! لان الخالق هو وحده من اختص بدرجات التكامل القصوى، وقد يهيأ لبعضنا أن بعضنا يعيش حياته بمستوى السعادة المطلوبة، ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما، لا يخلو انسان من الحزن، وبمجرد ان تدخل في حياة ذلك الشخص، من حيث شعوره وإحساسه وما في قلبه، ستجد دموعه رُسلاً  تترجم الواقع الذي في جوفه.

السبب وراء عيش الإنسان في ألم ووجع

إجمال ما يعيشه الانسان من وجع او الم من حيث الجسد أو الروح، يكمن سببه في أن كل شخص منا في ايام طفولته، وقبل ان يبلغ سن الرشد، يستجمع في مخيلته مجموعة صورة، أثرت فيه..! التقطها من خلال وجوده في البيئة التي هو فيها وما يشاهده خارجها، وتعامله مع المجتمع وما يراه فيه.

فيجلس مع نفسه فيما بعد ليرسم له حياة خاصة، تحت مظلة ما يتمنى او يحلم به أو يطمح في ان يتحقق، وعندما يكبر يأتي ليحقق ما كان يتمنى او يحلم به، يصطدم بواقع يمنعه عن تحقيق احلامه وأمنياته، فيجد نفسه ضائعا مع ما كان يحلم به او يتمناه، وهنا تبدأ اخطر مرحلة وأصعب قرار في حياة الإنسان، وهو أمر من امرين لا ثالث لهما، اما ان يتخلى عن كل شي..! ويتعايش مع الواقع ويخفي نفسه خل تلك الضحكة الكاذبة، او يهرب عن ذلك الواقع والمجتمع وسط زوايا الانعزال.

الانعزال وأثره السلبي

أرى الانعزال ليس حلا في التخلص من الواقع ألمؤلم والمجتمع المتلون، لأنه قد تفوتك فرصة الالتقاء بشخص، هو الوحيد القادر على انتشالك من ذلك الواقع المرير الذي انت فيه، وهذا ما نسميه بالصديق او القرين الشقيق للروح عكس الاخ او شقيق الجسد.

وأيضا التعايش مع الواقع قد لا يكون حالا! لأنه أي جرعة اضافية من تلك العذابات قد تنهي حياتك الى الأبد، وهنا تكمن حيرة الأنسان وصعوبة اتخاذ قراره، في كيفية التخلص مما هو فيه، بجوٍ ملؤه هذا التخبط والضياع، ستجد معظم بل اغلب قرارات ذلك الشخص غير موفقة، لأنها تستند الى مبدأ الحلول العاجلة أو الناجعة، والتي بدورها تكون اشبه بالادوية المهدئه للوجع، ولكنها تخلق مرض اخر سيصيب الانسان كأعراض لمرض اخر، وبذلك تتغذى بكتريا الانعزال والتوحد والقنوط على تعفن تلك القرارات وصعوبة تداركها فيما بعد.

استبدال المجتمع!

وأخيرا نستطيع ان نلخص ما تقدم بأن: لكل انسان في الدنيا هنالك وجع يكمن في جوفه، ناتج عن حياة خاصة لم تتحقق، اجبره الواقع على تركها، ولكن لم تسعفه ذاكرته في نسيانها، والسبب الاول والأخير في عدم تحقيقها هو: أن (المجتمع ) لم يسعفه في ذلك مع صعوبة تطبيق حياته الخاصة فيه بفحوى ( القانون أو العرف والتقاليد والعادات)، أضف الى ذلك لا يمكن ان يتعامل الشخص مع المجتمع كما يحب و يريد، اختلاف الاراء والقناعات والعقائد  يخلق مشاكل كارثية، تصل بالشخص الى درجة الهروب من الحياة بالانتحار.

والحل هنا جدا بسيط وهو: بما اننا عرفنا بان المجتمع هو السبب الرئيسي في ذلك، اذن علينا استبدال المجتمع! وقد يفهم احدنا بأنه يصعب استبدال المجتمع او ترويضه لصالحنا، ولكن عليه ان يفهم بأن المجتمع ليس بالضرورة  أن يكون جماهير او مجموعة اشخاص بمختلف الاعمار، فقد يكون هنالك شخص واحد يمثل المجتمع بأسره.

شخص واحد قد يكون هو المجتمع كله بالنسبة لك

وأخيرا نقول: اننا نبحث في المجتمع عن الصدق والوفاء والحب والتضحية والتعامل بالأخلاق، أو نجملها بما يهوى الإنسان، وكل تلك الصفات قد تجتمع في أنسان واحد فقط! يكون هو المجتمع كله بالنسبة اليك، تتخذه لك شقيق للروح وقرين للحياة، فتجد بذلك الشخص كل ما تحب وتريد، عندها حاول أن تتجاهل المجتمع من حولك بما لا يضرك أو يضره، وتركز على علاقتك بهذا الشخص فقط، فتجد نفسك بحاجة اليه في جميع الأوقات.

وبنفس الوقت ان هذا الشخص قادر على ان يعوضك عن المجتمع كله، ويختزل لك جميع من حولك فيه، والأجمل من ذلك بأنك انت من تباشر في اختيار وصناعة ذلك الشخص المناسب، وهذا ما يبقى مرهون بتعاملك معه انت ايضا، فيجب ان يكون ضمن الاطر والأسس التي هو يتعامل بها معك.

فيديو مقال كيف تعشق صديقك؟

أضف تعليقك هنا