” ألا يا ليت الطفولة تعود يوما”

الحياة الجديدة المعقدة

كل يوم وكل ليلة وأنا أمام الشبكة العنكبوتية، أضيق ذرعا بكل ما ألصقت به صفة “جديد” أيا يكن .. لأنه لا يحمل سوى الرداءة والابتذال والسخافة عياذا بالله .

ولا أجد لنفسي مخرجا من “سيطرة الجديد” الذي نعلم أن أصحابه يريدون من ورائه كسب المال والشهرة والظهور على القنوات وفي صفحات الجرائد فقط .. إلا أن أعود بذاكرتي إلى أيام الصغر، أيام الطيبة والهدوء والسكينة ونقاء وصفاء النفوس والقلوب.

ذكريات الماضي البسيطة

أيامها، كانت جدتي رحمها الله بمثابة “العين الساهرة” عليّ مثلما كان ولا يزال والداي الكريمان كذلك ، لا أزال أتذكر بكل اشتياق وحنين أنني كنت أذرع منزلها – الواقع بحي أكدال بالرباط – جيئة وذهابا، وبالذات كل يوم جمعة ،كنت لا أرى في قنواتنا ولا أسمع في إذاعاتنا إلا كل ما هو هادف وقيّم ومفيد، بدءا من دروس تفسير القرآن الكريم، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلك البرامج الدينية التي حملت على عاتقها مهمة التوعية والتعريف بمبادئ وأخلاق ديننا السمح .

مرورا بالبرامج الاجتماعية التي تلامس هموم الناس وأحوالهم في مختلف جوانب الحياة ، وبالمسلسلات التاريخية التي تعود بنا إلى أيام عز وتقدم ورخاء عاشتها أمتنا أدبا وفنا وثقافة وحضارة اعترف بعراقتها المنصفون ، وبالحصص الرائعة التي كانت تقدم لفنوننا التراثية المعبرة بصدق عن مشاعر وأحاسيس الشعب، حتى قالوا إنها “ديوان المغاربة”.

قنوات التلفاز اليوم

ليس كما هو سائد في قنواتنا اليوم:مسلسلات لا تمت بصلة إلى أعراف وعادات وتقاليد مجتمعنا، وإلا فسهرات يستدعى إليها من لا يعرفون من الفن إلا الاسم والرسم، وبعض “أغانيهم” تتضمن ألفاظا تخدش الذوق العام وتخلّ بالحياء.

كنا جيلا طيبا بامتياز، هادئا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لا كما هو جيل اليوم “صاخب لدرجة جنونية لا تتصور ،ويتفشى فيه الحقد حتى لأتفه الأسباب” (إلا من رحم الله تعالى طبعا).

الماضي أجمل

من قال إن “ما فات مات” فقد كذب أشد الكذب، فالذكريات الرائعة والجميلة لا تموت مهما مرّت عليها أيام وأشهر بل وسنوات وقرون ،وإذا اتّهمني واحد من “أنصار الجديد” ب”البكاء على الأطلال” لن أخجل من الرد عليه: لي أطلالي فدعني أشتاق إليها  ولكم جديدكم ولا شغل لي به “وللناس فيما يعشقون مذاهب”.

وسأظل أردد ما دامت بي الحياة: “ألا يا ليت الطفولة تعود يوما “.

فيديو مقال ” ألا يا ليت الطفولة تعود يوما”

أضف تعليقك هنا