الدكتور عبد العزيز المقالح التبع اليماني المعاصر

الانتقادات الموجهة إلى د. عبد العزيز في قصيدته (رسالة إلى الوطن)

ربما لم أصل إلى مرحله أستطيع أن أجيد فيها الكتابة عن شخصية بحجم الدكتور “المقالح”، ولكن ما دفعني لذلك هو ما أثارته قصيدته التي نشرها مؤخراً بعنوان (رسالة إلى الوطن) وما جاء من بعض ردود فعل عقيمه وضيقة الأفق حول مطلع القصيدة، وهو ما يعيد ذاكرتنا إلى فترات ماضيه وما تعرض له من حملات مسعوره من بعض الفئات المأزومة رداً على بعض قصائده، وهي مشكلة عانى ويعاني منها المجتمع العربي بشكل عام تتمثل في التكفير ومحاكمة الشعر والأدب والإبداع أخلاقياً، ولا تنظر إلى الشعر أو الروايه على أنه عمل فني بذاته له قوانينه المتسمة بالرمزية، وله خصوصيته كظاهرة جمالية تخيليه، تعيد صياغة الواقع بإحساس كاتبها وهو فن يخرجك نحو عالم المتخيل وقد تبدو بعض أجزائه مبهمة لا يفهمها إلا ذوي الاختصاص حيث يجب التعامل مع الإبداع الشعري والحكم عليه من خلال الانطباع العام والإحساس الذي يثيره وليس اعتماداً على جزء منه.

أعمال الدكتور عبد العزيز

الدكتور “عبد العزيز المقالح” صوت ووجه اليمن في المحافل العربية والدولية، لا يكاد يحضر اسم اليمن إلا وكان “المقالح” مقترناً به، ارتبط اسمه بالحرية منذ إعلان فجر الثورة اليمنية ضد الامامه والتخلف والرجعية، فخاض معارك تنويريه وأدبية لنشر الوعي والثقافة والإبداع، ومن وجهه نظري إنما جعله رائداً من رواد الشعر الحديث هو تأثره بالخط الثوري القومي ومحاولة كسر قيود العزله والرتابه التي كان يعاني منها الوطن العربي واليمن على وجه الخصوص، ومثلما قام العسكريون بتغيير الأنظمة المستبده وقيام أنظمة جديدة للحكم استطاع الدكتور “عبد العزيز” وغيره من الشعراء في الوطن العربي الخروج من عباءة الشعر الكلاسيكي وقيام نظام جديد للقصيده.

مكانة الدكتور عبد العزيز 

الدكتور المقالح لا يقل أهمية عن ملوك اليمن وتبابعته، الذين ما زالت أسماؤهم تتردد منذ الآلاف السنين لما تركوه من آثار لم يستطيع الزمن تغييبها برغم حقد الحاقدين على تاريخنا وحضارتنا، وإذا كان التبابعه قد غزو البلدان وفتحوا الأمصار بخيولهم وسيوفهم فقد فتحها الدكتور المقالح بقلمه وفكره وإبداعه، ووضع بصماته اليمانيه صاغها شعراً ونثراً وروايات أشبه ما تكون بنقوش مسنديه على جدار الزمن، فاستحق أن نسميه التبع اليماني المعاصر، فقد جعل اليمن وتاريخه وحاضره محور اهتمامه وابداعه، ففي كل حرف يخطه قلمه يتجلى اسم اليمن، فهو الحاضر في كل حدث من أحداثه، منذ بداية مسيرته إلى اليوم، وهي حاله اتحاد بينه وبين الوطن تجلت في أحد قصائده التي قال فيها:
في لساني يَمَنْ 
في ضميري يَمَنْ،
تحتَ جِلْدي تعيشُ اليمنْ 
خلفَ جَفْني تنامُ
وتصحو اليَمَنْ،
صرتُ لا أعرفُ الفرقَ ما بينَنا..
أيُّنا يا بلادي يكونُ اليمنْ؟!

مقابلة مع الدكتور عبد العزيز في برنامج إضاءات

آراء الدكتور حول هجمات الجماعات الإسلامية على الشعر والأدب

وعوداً لذي بدء؛ تعرض معظم الأدباء والشعراء والروائيين العرب واليمنيين لهجمات شرسة من بعض الجماعات الإسلامية واعتبروا أن بعض النصوص الشعرية والروايات فيها تعدٍّ على الذات الإلهية، وفي حوار مع الدكتور “عبدالعزيز” في برنامج إضاءات مع الإعلامي “تركي الدخيل” عام 2007 رداً على سؤال حول معاركه الأدبية والفكرية مع المحافظين التي وصلت حد التكفير قال الدكتور: “ربما نسيت تلك المرحلة وما فيها من آلام مزعجة، وهؤلاء الذين كفروني لا يفهمون بعض الأشياء وحاكموا قصائدي محاكمة غير أدبية لأنهم غير متخصصين بالإبداع”. وأضاف “هذا حصل أيضا مع أعمال أدبية لروائيين.

وإزاء رؤية بعض المحافظين لأعمال بعض المثقفين أنها تعد على الذات الإلهية، يقول: “من حقهم أن يتحفظوا ولكن على أساس الفهم، وأما في مجال الأدب والشعر فأرى أنه لا يجوز أن تتم محاكمة أي إنسان إلا من قبل المتخصصين”، ونسأل ماذا يقصد الشاعر؟ وهل نيته حسنة أم ماذا؟ وعندما تتم العودة للمتخصصين نحمي المبدعين.

وختاماً أقول بأنه وخلال نصف قرن من عمر اليمن الحديث حمل “المقالح” وغيره من أبناء الوطن معالجة الفكر الثقافي، ونفض الغبار عن تاريخ وحضارة اليمن، وإيصال صوت المثقف اليمني للوطن العربي والعالم بعد سنوات عاشها اليمن تحت حكم الإمامه مغيباً عما يدور حوله من نهضة ثقافية وادبيه وعلميه حول العالم، وكم هو مؤسف أن نرى اليوم بيننا في اليمن والوطن العربي من يحملون الأفكار الرجعية، والرؤى الضيقه، فيوزعون صكوك الغفران وتهم التكفير باسم الدين ومحاكمه الإبداع.

أطال الله في عمر التبع اليماني المعاصر الدكتور عبدالعزيز المقالح.
مع تحياتي رياض الفرح

 

أضف تعليقك هنا