الضحية رقم «9»

يروى أنه في إحدى الدول قررت الحكومة بناء مديرية عامة لخدمة شؤون الدولة والمواطنين، وبناءً على هذا القرار وبعد تشييد البناء قامت بتعين مدراء وموظفين ومستخدمين من كافة الدرجات للعمل ضمن نطاق هذه المديرية، وكما هو معروف لدى جميع المؤسسات والمديريات أن السلطة الأعلى يطلق عليها “المدير العام” ودوره يتمحور في قيادة المديرية بما فيها إلى التطور والسير إلى الأمام وعكس ذلك سيؤدي إلى العجز والانكسار.

إقالة المدير وتعيين مديرين جدد  

وعلى ضوء هذه المعطيات تم تعين مدير عام من ذوي الخبرة والكفاءة العالية لقيادة الدفة، ولكن وبعد استلامه بفترة وجيزة بدأت سفينته بالغرق وبات من المحال أن تنجو إلا بإقالته وتعين من هو أفضل منه لتدارك ما يمكن تداركه.

ما مضمون الأوراق التي تركها المدير السابق؟

وفعلاً تمت الإقالة، وتم تعيين البديل المناسب ومع تسلم البديل وجد عدة أوراق ملونة في خزنة الأوراق المهمة موضوعة داخل ظرف مكتوب عليه لكل مرحلة لون؛ أي عند كل صعوبة تواجهها عليك أن تفتح لون معين وتتبع تعليماته، كانت الألوان أصفر وأزرق أخضر وأحمر أما الأصفر فكان مكتوب فيه النصيحة الأولى التي يجب عليه اتباعها في حال واجهته المطبات، وأما الأزرق ففيه النصيحة الثانية التي يجب عليه اتباعها في حال زادت المشاكل، وكذلك كان اللون الأخضر، أما الأحمر فكانت النصيحة الأخيرة التي تحمل معها الرحيل، وكان من وضع هذا الظرف «ظرف الألوان» هو المدير السابق وذلك بغرض الاستفادة من تجربته السابقة والتعلم منها وما ينبغي فعله عند كل مرحلة حتى لا يواجه خطر الإقالة.

ما نتيجة اتباع المديرين الجدد لنصائح المدير السابق؟

المدير الحالي أعجبته الفكرة وأحب أن يستفيد من أخطاء سلفه، فما كان منه إلا بفتح كل لون وتطبيق ما فيه من تعليمات عندما تواجهه المشاكل والصعوبات حتى وصل للون أحمر وفيه كانت النصيحة الأخيرة أن الاستقالة خير من الإقالة، ولم يتردد فيها أبداً، حيث قدم استقالته فوراً ومضى يجر أذيال الهزيمة وهكذا كان حال كل من يخلفه من المدراء صعوبات فمشاكل فألوان فرحيل ولم يفكر أحد بتغير هذه القاعدة من المدراء، فالكل يريدها مقشرة وجاهزة لتحمل بعدها الخيبة.

أعمال الضحية رقم (9) “المدير الأخير” عند استلامه الإدارة 

هكذا جرت الأمور في هذه المديرية إلى أن جاء دور المدير رقم «9»، الذي أبى أن يكون مثل أسلافه السابقين، وأول ما قام به هو تمزيق ظرف الألوان، وبناء استراتيجية جديدة تحمل معها تلك السفينة إلى بر الأمان مع الاستعانة بالخبرات والعقول النيرة والعمل على إعادة إعمار ما هدمته تلك الألوان، فكان النجاح حليف هذا المدير، وفي فترة قياسية باتت هذه المديرية الصغيرة في قمة التطور والازدهار، كما أصبح لديها فروع في جميع المدن، ولكل فرع مدير وموظفين ومستخدمين حتى صار المدير رقم «9» المدير العام لأكبر مديرية في تلك البلاد والمسؤول عن تعين المدراء ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وكل هذه الترقية التي حصلت له بفضل خبرته وعمله الدؤوب والمثابرة لإيجاد الحلول والأفكار الجديدة وتركه للتواكل الذي دمر كل من جاء قبله….

انتهت القصة وقد يتساءل أحدنا أين الضحية في الموضوع؟؟
الضحية هو نفسه المدير رقم «9» لو لم يكسر الصندوق ويخرج من قوقعة المدراء السابقين الذين كانوا ضحايا لأنفسهم عندما قرنوا أنفسهم بالمدير الأول وتعليماته، فقط الرقم «9» من آمن بقدراته ورسم الطريق الصحيح لمهامه فكان العنصر الأهم في كل الأمور…

والضحية هو انا وأنت عندما لا نؤمن بقدراتنا
الضحية هو الطب عندما يقف عاجزاً عن مداواة الأمراض «المستعصية»
الضحية هو الذكاء عندما ينحصر بعالم اسمه « أينشتاين»
الضحية هي الحدود التي نرسمها ونقف على عتباتها
الضحية هو كل إنسان لا يطور بعمله شيئاً ….
فهل عرفنا من الضحية ؟؟؟

فيديو مقال الضحية رقم «9»

أضف تعليقك هنا