العدل والمساواة ؟

السرقة

وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (*) [ سورة المائدة] الآية 38 

في الفهم التفسيري الفقهي الاسلامي ذهب المعنى إلى البتر والفصل أي بتر اليد حتى لا تكون موجودة فما مقدار اليد المبتورة المفصولة والتي هي جزاء بمقدار الكسب فهل يمكن أن تكون جزء منها أو كلها أو إصبع أو بعضا منهم .

فالمفتاح للآية الكريمة هي أن البتر بمقدار الكسب فهو جزاء مقابل مقدار السرقة وهذا غير متيقن من الحكم الفقهي الذي يذهب في اقل حالاته إلى بتر الأصابع وفي أشد حالته الفهمية المذهبية إلى بتر اليد من الذراع .

العدالة والمساواة في الاسلام

وهذا لعمري لا يتحقق مع مفهوم العدالة والمساواة والذي نرفعه كشعار لديننا الاسلامي بين من يسرق الدينار ومن يسرق المليار بعد التحقق من جميع الدوافع المعاشية منها والنفسية والطروف الزمكانبة ، فإن استنفذنا طلب معرفة الدوافع المنجية للسارق من الحاجات وكان حكم إيقاع العقوبة عليه لعدم معذوريته في الفعل فإن البتر لأيديهما هما الاثنين يفتقد للعدل وللمساواة ، وسيتمنى من سرق دينارا لو أنه سرق المليار لتساوي العقوبة في الفهم أنه البتر.

 تحديد عقوبة السرقة

إلا أن الآية المباركة تقول أن العقوبة بمقدار الكسب وهذا يعني أن هناك تفاوت بين سارق الدينار وسارق المليار فكسب هذا ليس ككسب ذاك وعقوبة هذا ليست كعقوبة ذاك  ، وهذا التمييز في مقدار العقوبة لا يتحقق مع مفهوم البتر إلا أن يكون الفهم هنا بمعنى قطع الأسباب والطرق على المجرم حتى لا يسرق كما أن بتر  يده لا يردعه ولا يقطع عليه الطرق مطلقا فمن قطعت يده يستطيع ممارسة هذا الجرم بيده الأخرى ولو بترت الأخرى لن يعدم الوسيلة .

لكنه لن يقدر على ذلك مادام خلف القضبان مسجونا بمقدار ما كسب من السرقة وهنا نستطيع أن نحدد عقوبة من يسرق دينار وعقوبة من يسرق مليار فهما سيعاقبان بما كسبا وتحديد مقدار العقوبة بمقدار الكسب ، ومن هنا تتحقق العدالة والمساواة المناداة بها واقعيا وليس شعارا متناقضا مع الممارسة ، فالقطع هنا في الآية تعني سد الطرق والمنافذ على من تسول له الاعتداء على ممتلكات الغير وسرقتها مثل قطع الطريق ليس تهديمه او حفره بل من المارة منه وقطاع الطرق من من يمنعون الناس من أمنهم فيترصدون لهم ، كما أن الآية أوضحت المعنى في ( بما كسبا ) أي بما كان مقدار الكسب عندهم تكون العقوبة ومقدارها .

فيديو مقال العدل والمساواة ؟

أضف تعليقك هنا

علي البحراني

علي البحراني