التركيز على استخدام الاختبارات الموضوعية في التقويم المدرسي ودور المشرف التربوي

بقلم: زكية حسن حلواني

تعد الاختبارات من الوسائل الشائعة والمستخدمة في تقييم الأشخاص بشكل عام، وفي التقويم التربوي بشكل خاص، حيث تستخدم في المدراس والجامعات بشكل أساسي ضمن خطط وبرامج وزارة التعليم بالمملكة.

مشكلة التركيز على استخدام الاختبارات الموضوعية

وأسلط الضوء في هذا المقال لتبيان مشكلة التركيز على استخدام الاختبارات الموضوعية بكثرة في التقويم التربوي؛ لما تشكله هذه الاختبارات من أهمية فهي تستهدف تحديد نقاط القوّة والضعف لدى الطلبة بشكل خاص، وقياس مستواهم العلمي، من ثم توقّع ما يمكن أن يصبحوا عليه في المستقبل، كذلك فرز الأشخاص وفق مستواهم التعليمي إلى مجموعات، وتحديد مراتب الطلاب حسب فروقات مستوياتهم العلمية، ودراسة المناهج التي تقدم للطلاب، ومدى نجاعتها وحاجتها للتغيير أو التطوير والتحسين.

سلبيات الاختبارات الموضوعية

إن التركيز على استخدام الاختبارات الموضوعية بكثرة في التقويم يظهر لنا سلبيات عدة، وذلك للأسباب التالية: حيث إنه ومن خلال التركيز على هذه الاختبارات فحسب في التقويم التربوي، لا يمكن قياس قدرة الطالب على التعبير والتركيب وتنظيم الأفكار، وتعطي مجالاً للنقل (الغش) بين الطلبة، وفي بعض الأحيان يعتمد الطالب على حدسه وتخمينه في اختيار الإجابة الصحيحة.

نظرًا لطبيعة هذه المشكلة التي نناقشها في مقالنا الأول من سلسلة التقويم التربوي، تظهر لنا عند بحثها ودراسة تأثيرها ونتائجها فإننا نرى أن موقع المشكلة من جوانب التقويم مرتبط بشقين وهي المعلم والمنهجية التي يتبعها في عملية التقويم التربوي ، إذ أن بالتركيز على الاختبارات الموضوعية وإهمال بقية الاختبارات كالاختبارات المقالية، فلا يمكننا الخروج بنتائج دقيقة وواضحة لعمليات التقويم التربوي المنفذة أو البناء عليها في تنفيذ برامج أو تعديل الخطط بحيث تخدم أبناءنا وبناتنا من طلبة وقياس مستوياتهم بشكل صحيح.

ونخلص بمقالنا إلى بعض المظاهر والأعراض الخاصة بالتركيز على هذا النوع من اختبارات التقويم التربوي وتمثلت بالنقاط التالية:

تبين مخرجات الاختبارات الموضوعية ضعف التفكير الإبداعي لدى الطلبة، وضعف التعبير المقالي، وتنظيم الأفكار لديهم.

   يزيد التركيز على الاختبارات الموضوعية مستوى الخوف والقلق من الخطأ منها لدى الطلبة، فهي تعتمد على الحل من خلال الاختيار دون إتاحة الفرص المناسبة لبقية جوانب التفكير الابداعي لديهم.

حيث إن إجاباتها لا تتطلب أكثر من عملية التأشير على الإجابة الصحيحة فإنه يخشى من احتمال نجاح بعض الطلبة عن طريق الغش والتخمين والصدفة، لأن الإجابات مكتوبة أمام الطالب، ودوره لا يتعدى وضع إشارة على الإجابة الصحيحة.

   التكلفة المادية العالية نسبيًا، فالاختبارات الموضوعية بكثرة مفرداتها وشموليتها وكثرة نماذجها وصورها تتطلب الكثير من الإعداد الورقي.

  إن الاختبارات الموضوعية تفتقر إلى الصدق والشمول والموضوعية وتركز في معظمها على المستويات المعرفية الدنيا وإهمال المستويات المعرفية العليا.

ومن الأسباب المؤدية لهذه المشكلة التربوية:

1) التركيز الواضح على الاختبارات الموضوعية في عملية التقويم التربوي نتيجة للقصور الذي يعاني منه المعلمين في بناء واستخدام الاختبارات التحصيلية، فنجد أن تركيز جهودهم في التدريس من أجل اجتياز الطلاب للاختبار دون اعتبار لتطوير قدراتهم في مجال التفكير الناقد وحلول المشكلات وإمدادهم بالمهارات والقيم والاتجاهات التي يمكن أن تدوم مع الفرد بعد التخرج بحيث يكون قادرًا على الاستمرار في التعليم ومجابهة صعوبات الحياة.

2)قصور كفايات المعلم في مجال طرائق التدريس أدى إلى تبني المعلم لأساليب تدريس آلية تركز على نقل المعرفة دون الاهتمام بعرض المثيرات التي من شأنها تطوير وصقل عمليات التفكير العليا اللازمة لاستمرار التعلم واكتساب المهارات اللازمة.

3)عدم ملائمة كم المقررات الدراسية التي تعطي للطالب، وهذا بدوره أرغم المعلم على محاولة إنهاء المنهج وتقييم تحصيل الطلاب لتحديد الناجحين والراسبين وفق الخطة المحددة دون اعتبار لجودة المخرجات التعليمية.

4)كثرة المهام الإشرافيه للمعلمين، إضافة لكثرة عدد الطلاب في الفصل يحول دون قدرة المدرس على تدريس وتقويم الطلاب بأسلوب يعزز تنمية قدراتهم على التفكير الناقد وحل المشكلات وتنمية مهارات التعلم الذاتي واستخدام أساليب التقويم لتعزيز عملية التعلم.

من الأسباب المهمة لدى المعلمين للتركيز على الاختبارات الموضوعية، سهولة التصحيح والتقييم، حيث إن الاختبارات المقالية تتطلب منه القراءة الوافية لكل الإجابة، ومدى قدرته على إجراء التقويم الدقيق، فيلجأ ويحبذ التقويم عبر الاختبارات الموضوعية.

دور المشرف التربوي والحلول المقترحة:

نظرًا لما يمثله دور المشرف الإيجابي من أهمية في تقنين هذا التركيز، والمحافظة على التنويع في أساليب التقويم التربوي، بما يساهم في تعزيز القدرات الإبداعية للطلبة، بالتالي يلزمنا التركيز على الجوانب التالية:

يلزم المشرف التربوي التوجيه بتنويع طرائق وأدوات التقويم وأن تكون على درجة عالية من الموضوعية والصدق والثبات حتى يمكننا الاطمئنان على نتائجها عند اتخاذ القرارات التربوية.

كما يلزمه تقييم برامج ومناهج إعداد المعلمين لإكسابهم كفايات تتناسب مع النماذج الجديدة لتقويم التحصيل الدراسي.

ويلزمنا في العمل الاشرافي العمل على إعداد برامج تدريب للمعلمين الحاليين؛ للارتقاء بمستوى أدائهم كمقيمين، ليتسنى لهم القدرة على إجراء وتقييم الاختبارات المقالية وغيرها من اختبارات التقويم التربوي المختلفة.

كما يلزم تركيز الاهتمام على تطوير قدرات العاملين في القطاع التربوي في مجال كيفية استخدام نتائج التقويم في رفع أداء وتحفيز الطلاب للتعلم وتوجيه عملية التعلم لإكساب الطلاب القدرات والمهارات التي يمكن أن تعزز استمرارية عمليات التعلم واكتساب الاستراتيجيات اللازمة لتطوير قدرات الطلاب على عمليات التفكير وحلول المشكلات وغيرها.

ختامًا

وبرغم أهمية الاختبارات الموضوعية، إلا أن التركيز على استخدامها في عمليات التقويم التربوي بكثرة وبشكل منفرد أحيانًا، يؤدي بنا إلى أن نهمل جوانب عديدة في التقويم، من قياس للجوانب التفكير الابداعي وتنظيم الافكار لدى الطلاب، والحصول على نتائج دقيقة يتم من خلالها الأخذ بالاعتبار فروقات مستويات الطلبة العلمية، وصولاً لتحقيق مخرجات تعليمية ذات كفاءة وفاعلية عالية.

بقلم: زكية حسن حلواني

إن التركيز على استخدام الاختبارات الموضوعية بكثرة في التقويم يظهر لنا سلبيات عدة، حيث لا يمكن قياس قدرة الطالب على التعبير والتركيب وتنظيم الأفكار.

 

أضف تعليقك هنا