سبب الشر في الدنيا

الناسك وحيوانات الغابة

كان يعيش في الغابة ناسك متعبد زاهد طيب القلب، وتأنس له ولا تخشاه جميع الحيوانات المفترسة التي تعيش هناك، وتربطهم صداقة قوية فيما بينهم إلى درجة أنهم كانوا دائما يتبادلون أطراف الحديث ويتحدثون معا ويفهم كل منهم الأخر.

وذات يوم استلقى الناسك على ظهره تحت شجرة في الغابة، وتجمع حوله كل من غراب، وحمامة، وأيل، وثعبان كي يخلدوا إلى النوم في المكان نفسه، وأخذت الحيوانات الأربعة تتجادل فيما بينهما وتتدبر سبب وجود الشر في الدنيا.

رأي الغراب بسبب وجود الشر

وهنا قال الغراب : ” إن الجوع هو سبب وجود الشر في الدنيا. فعندما تأكل حتى الشبع تحس بأنك تجلس على غصن الشجرة تصدح طربا، وتشعر بالراحة، وينشرح صدرك غبطة وسرورا بكل ماهوحولك ، ولكن بعد يوم أو يومين مجرد أن تشعر بالجوع، فيصبح على الفور كل شيء على النقيض كريها، وتضيق بك الدنيا، وحينئذ يسيطر عليك صراع بداخلك ، وكأن شيئا ما يجذبك إلى مكان ما بعيدا، وتطير من مكان إلى آخر، وينتابك شعور بالخوف وبعدم الطمأنينة، وما أن ترى من بعيد

قطعة من اللحم فتارة ستشعر بالغثيان، وتارة أخرى ستندفع بشكل عشوائي، وبلا تمیز، فمرة ترى الناس سيرجموك بالحجارة، وسيضربوك بالعصا حتى الموت ومرة اخرى ستنهشك الذئاب والكلاب، وفي النهاية سيقضى عليك. فكم يذهب الكثير من اخواننا أدراج الريح ويهلكون بسبب الجوع، ولهذا فالجوع هو سبب الشرفي الدنيا.

رأي الحمامة

ثم قالت الحمامة: ” أما أنا فأرى أن الجوع ليس سبب الشرفي الدنيا ، وإنما تعيش وحيدا دون أن تعول احدا ، فهذا أمر سهل ولا يحتاج إلى أدني عناء ولن يساورك أي هموم مضنية، فجندي واحد في الميدان لايساوي شيئا,, نرشح لك أيضاً: قصص وحكايات .. ويد واحدة لا تصفق، أما بالنسة لنا نحن معشر الحمام فتعيش أزواجا معا متحابين.

فإذا كنت تحب وليفتك، فدائما ما يساورك الشعور بعدم الطمأنينة وعدم السكينة من أجلها، فدائما ما تفكر فيها مليا يا ترى هل هي تشعر بالشبع أم لا : هل تشعر بالدفء أم لا ومجرد أن تطير وليفتك إلى م كان ما بعيدا عنك، هنا تثبط عزيمتك ويعتريك في التو واللحظة الشعور بالهلاك التام ، وتساورك الأفكار السيئة، وتدور في رأسك الأسئلة يا ترى هل ستكون فريسة للصقر؟ أم سيقتنصها الصيادون؛ عندئذ تسرع في الطيران بحثا عنها وينتابك الشعور بأنك وقعت في بلية كما وأن محنة تنزل بك، فالمصيبة تكمن في أن هل اختطفها صقر؟ أم وقعت في فخ و فتنطلق على الفور في الطيران إلى أبعد مدى للبحث عنها وتشعر وأنك تقع في مأزق.

فإذا هلكت وليفتك فهذا شيء بشغ، فلن تأكل ولن تشرب، وستقوم بعمل واحد فقط وهو البحث عنها وأنت تجهش في البكاء . وبسبب هذا كم من هلاك سيصيبنا إ وبذلك فإن الشرفي الدنيا ليس بسبب الجوع، وإنما يرجع إلى الحب

رأي الثعبان

بعد ذلك قال الثعبان : “لا، ليس هذا بصحيح، فالشر في الدنيا ليس نتيجة الجوع أو الحب، ولكنه يرجع إلى الغضب. فإذا عشنا جميعا في سلام ووئام دون غضب أو سخط فسنشعر جميعا بالرضا.

ولكن عندما يثار بك الشر والغضب فتشعر أنك لا تمتلك نفسك من الغضب وهذا أمر بشع، هنا ستفكر فقط كيف تصب كل غضبك ونقمتك على من أثار حفيظتك فتجد الثعبان هنا يطلق فحيحا تعبيرا عن الاستهجان والازدراء ، ويزحف ويقع في نفسه شعور بالخوف والذعر والبغض الشديد مما يدفعه بالبحث عن فريسة وعند استحواذه عليها يلدغها حينها لن تجد من يشفق عليك لدرجة أنه ينتابك الشعور بالغضب وتهلك نفسك بيدك . فالشر في الدنيا سببه الغضب

أما الأيل فقال

: ” إن الشر الذي يسود العالم لأيكمن في الغضب ، أو في الحب أو في الجوع، إنما الشر يكمن في الخوف. فإن لم يكن هناك ما يخيفنا فإن كل شيء سيكون على ما يرام. فنحن معشر الأيائل لدينا سيقان سريعة للركض بقوة هائلة. نستطيع أن نصد هجوم أي حيوان صغير ذی قرون ونهرب بعيدا خوفا من الحيوان المفترس حقا فمن المستحيل أن لا تخاف. فبمجرد أن تسمع خشخشة أغصان الشجر في الغابة، وحفيف أوراقها سرعان ما ينتاب كل جسمك قشعريرة وترتعش من الخوف ، ويخفق القلب وكأنه يريد أن يقفز ويطير بكل ما أوتي من قوة وما تبقى له من أنفاس فتارة ستجد هناك الأرنب يركض بسرعة وينتقل من مكان إلى مكان ، وتارة أخرى سيضطرب الطير ويرفرف بجناحيه عدة مرات ويرتعد خوفا ، وأحيانا سينكسرالغصن اليابس، ووقتها ستعتقد أن حيوانا مفترسا يشن هجوما على حيوان أخر.

رأي الناسك

فستجد حيوانا يركض هربا خوفا من الكلب، وسيهاجم حيوان مفترس أخر إنسانا، وفي أغلب الأحيان سيساورك الشعور بالخوف وتجرى مسرعا مندفعا ولا تعلم إلى أين ؟ ولكنك ستركض بكل ما لديك من قوة وستنهار وتسقط عند أول منحدر حاد يقابلك وتكاد تموت من الخوف. وحينها ستنام وأنت فاتح إحدى عينيك وتغمض العين الأخرى وستسمع ما يدور حولك وأنت خائف، لأنه لا يسود الأمن والأمان، فالشر يرجع إلى الشعور بالخوف”
عندئذ قال الناسك .

لا ليس الشرمن الجوع، ولا بسبب الحب، ولا مصدره الغضب، ولا يرجع إلى الخوف، ولكن السبب في كل ما يساورنا من عذاب هو من النفس البشرية. فالإنسان هو الذي يسبب الجوع، والحب ، والغضب ، والخوف.

فيديو مقال سبب الشر في الدنيا

أضف تعليقك هنا