أيهما أنجح الزواج عن عقل-حب؟

بقلم: خالد فواز الشيخ

ما الطريقة الأمثل لاستمرار الحياة الزوجية؟

أدوات الإختيار الناجح

العقل أم القلب

الكل يحلم بذلك الحب المفعم بالمشاعر.. والكل يحلم بذلك البيت المليئ بالسعادة، وبالتواصل مع شريك لطالما انتظره وأحبه ورسم معه تلك الصورة الوردية، وبذل كل جهد للوصول إليه….

لكن القليل من يسأل:

كيف الوصول لذلك الحب وذلك البيت؟

هل أحب من أختار أم أختار من أحب؟

هل الحب قبل المعرفة أم بعدها؟

أيهما أولى بالإختيار الصحيح: هل هو القلب وانفعالاته أم العقل ومحدداته؟

المقصود بانفعالات القلب: الانجذاب المجرد عن المعرفة المطلوبة عن الآخر.

والمقصود بمحددات العقل: الاختيار بعد العلم بالمطول في الآخر1

فما هو السبيل؟ وما هي الأسس التي يجب أن نخطوها في ظل هذا الفشل والاضطراب الكبير على صعيد العلاقات الزوجية وتحولها من سكن و راحة إلى عذاب و هموم؟.

نظرة الإسلام إلى طريقة اختيار الزوج  

نظر الإسلام لاختيار الشريك من ناحيتين: عامة يجب أن يشترك فيها الجميع من قوله صلى الله عليه وسلم: “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.”(2)

وناحية خاصة، بكل فردين، وهي الانسجام والتكامل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يختار لنفسه، ولأصحابه، وفق معرفته الخاصة بهم، فقد جاءت من تعرض نفسها عليه صلى الله عليه وسلم فنظرها من الأعلى الى الأسفل، وطأطأ رأسه، معبراً عن رفضه، ثم قال أحدهم: زوجنيها.. فزوجه إياها.

وجاءت بنت قيس تستشيره صلى الله عليه وسلم أن معاوية، وأبا جهم، خطباها فقال: “..انكحي أسامة بن زيد” قالت فكرهته فقال: “انكحي أسامة” قالت فنكحته فجعل الله في ذلك خيراً (3) ، ولم يكتفِ بالصفات المطلوبة فحسب، فأمر الخاطبين أن ينظر كل منهما للآخر، ليدرس كلُّ طرف مدى انجذابه وتقبله للآخر، فلا بد من المعرفة الكاملة جوهراً ومضموناً.

كما لم يغفل الإسلام الجانب العاطفي والحب فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم قوله :”لم نرَ للمتحبين مثل النكاح” (4)

وقد توسط صلى الله عليه وسلم لمغيث عند بريرة، الذي كان يحبها كثيراً (5)، لكن الإسلام  قدم معاييراً وصفات محددة على الحب وهو سبحانه يمنُّ عليهما به (وجعل بينكم مودة ورحمة..).

نظرة علماء النفس إلى طريقة اختيار الزوج 

ولا يختلف الأمر كثيراً، عند علماء النفس والاجتماع في نظرتهم للاختيار، فلا يلتفتون كثيراً إلى الحب المجرد، نشره أ.د “آرون زائيف” على موقع (سكولوجي تودي) بحثاً تحدث فيه أن الزواج القائم على الغرام والمشاعر الملتهبة دون النظر إلى عناصر الشراكة الأساسية، هو اختيار رومنسي يزول مع زوال أسبابه.

وفي بحثٍ آخر نشرته عالمة النفس “سوزان بيزغادو” على الموقع نفسه، أكدت أن الحب عاطفة متغيرة وأنه لا يؤسس قاعدة صلبة للزواج، وأنه أبعد ما يكون واقعياً عن كلام الشعراء والمغنين…..

كما يقيدون صحة الاختيار، اعتماداً على  أولا على التكامل، الذي يتأتى من معرفة كل من الطرفين بدوره بواجبه، والتشابه في البيئة، والفكر، والثقافة، ولا يغفلون عن قيد المادة، الذي يعتبرونه مهما في صحة العلاقة.

وهذا لا يقلل من قوة الحب في تثبيت أركان هذه المؤسسة، إلا أن كثيرا منهم يؤكد على أن غالب الحب ينشأ بعد أشهر من بداية الزواج، فالحب يتألق بعد المعرفة الحقيقية والمعاملة اليومية التي تراعي الرغبات وتلبي الحاجات، ويوافق ذلك واقع الزواج المبني على حب الذي ينتهي في كثير من الأحيان بالطلاق (7 )، وأكد الاستاذ في علم الاجتماع “سول جون أن”

الزواج يكون أكثر نجاحاً إذا لم يسبق بحب، ولعل ارتفاع معدل الطلاق في الدول الغربية عن العربية أحد نتائج الزواج عن حب، فأكثر الزواج في الدول الغربية عن حب، وأكثر الزواج في الدول عربية عن عقل (تقليدي) (8)

وكل من الطريقتين معرضة للفشل إلا أن الزواج عن عقل هو أقل عرضةً للفشل لأنه مبني على المعرفة، أما الزواج عن حب إن لم يكن محظوظاً بالصفات المطلوبة فمصيره الفشل ومصيره أولاده الحرمان، والتعرض لكثير من الامراض النفسية، والانحراف السلوكي والخلاقي.

بقلم: خالد فواز الشيخ

 

أضف تعليقك هنا