النفوس المريضة الجزء الأول

الخير والشر

إِنَّ المُجْتَمَعَ الَّذِي نَعِيشُ فِيهُ الآنَ أَصْبَحَ مرتعا لِلنُّفُوسِ المَرِيضَةِ آلَتَي تَخْلُقُ المُنَازَعَاتُ وتتطيح بِالأَفْكَارِ الصَّحِيحَةِ وَتَتَّهِمُ الآخَرِينَ بِدُونِ اُدْلُهُ مَلْمُوسَةٌ،
إِنَّ الحَيَاةَ أَصْبَحْتُ مَلِيئَةً بِهَؤُلَاءِ النَّاسِ, فَحَيَاتُهُمْ لَا تَسْتَقِيمُ حَتَّى يَرَوْا بِأُمِّ عَيْنِهِمْ الشَّرِّ وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى رَاحَتَيْ الخَلْقِ وَفِيٍّ قُلُوبَهُمْ ،هَؤُلَاءِ يَتَفَنَّنُونَ فِي أَذَى الخَلْقِ وَيَعْتَبِرُونَ أَنْفُسَهُمْ أَنَّهُمْ هُمْ السَّادَةُ وَدُونَ غَيَّرَهُمْ عَبِيدٌ لَا يُجِيدُونَ فُنُونَ القَتْلِ وَلَا دَهَاءَ الثَّعَالِبِ فَهَمٍّ عَلَى يَقِينَ بِأَنَّهُمْ قَدْ وَلِأَهِمَ اللهُ عَلَيْنَا لِيُصَحِّحُوا مَفَاهِيمَ لَدَيْنَّا تَوَارَثْنَاهَا عَبْرَ الأَجْيَالِ يَظُنُّونَ أَنَّهَا خَطِيئَةٌ, لَقَدْ عَانَى مُنْذُ قُرُونٍ مَضَتْ أُنَاسٌ دُونَنَّا, لَمْ يَجِدُوا مَنْ يُصَحِّحُ مُعْتَقَدَاتِهُمْ, وَيُبِينُ لِهُمْ الخَبِيثَ وَالطَّيِّبَ, فَاِسْتَسْلَمُوا لِهَؤُلَاءِ البَشَرِ الَّذِينَ نَسَفُوا كُلُّ قَوَاعِدِ العِلْمِ وَالأَخْلَاقِ, وَمَحْوًا مِنْ ذَاكِرَهٍ التَّارِيخُ أبْطَالٌ, كَانُوا يَضْرِبُوا لِهُمْ الأَمْثَالَ

وَضِفْ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ خَاضُوا حُرُوبًا, سُفِكَتْ فِيهَا دِمَاءُ الأَبْرِيَاءِ, شيوخا وَنِسَاءٌ وَأَطْفَالٌ, وَأَنْ قَرَأْنَا التَّارِيخَ حَقًّا, سَنَجِدُ أَمْثِلَةٍ لِهُمْ كَثِيرَةٍ.

أمثلة على من سفك الدماء

فالمغول عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ كَمْ عَاثُوا فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَقُتِلُوا وَنَهَبُوا وَسَرَقُوا لَا لِأَجْلِِ شَيْئًا إِلَّا إِشْبَاعِ نُفُوسِهِمْ المَرِيضَةِ فَكَانُوا إِذَا مَرُّوا عَلَى قَرْيَةٍ اِغْتَالُوا رِجَالَهَا وَاِغْتَصَبُوا نِسَائِهَا وَدَمَّرُوا القَرْيَةَ حَتَّى أَصْبَحَتْ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَ وَصَفَتْ المَصَادِرُ القَدِيمَةُ غَزَوَاتِ المغول بِأَنَّهُ دَمَارٌ شَامِلٌ وَعَلَى نِطَاقٍ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ مَثِيلٌ فِي بَعْضِ البُلْدَانِ وَالمُدُنِ

وَإِذَا أَمْعَنَّا النَّظَرَ فِي كُتُبِ التَّارِيخِ سَنَجِدُ فِينَّا نَحْنُ أَيْضًا مَنْ كَانَ يُشْبِعُ غَرَائِزَهُ وَشَهْوَتَهُ فِي القِتَالِ وَسَبٍّ وَقَذْفِ النَّاسِ

وَالحُجَّاجُ بِنْ يوسِف خَيْرٌ مِثَالٌ فَهُوَ شَخِّصِيهُ مُعَقَّدُهُ لَا تَفَهَّمَ مَا كَانَ يُجَوِّلُ بِخَاطِرِهِ وَالتَّارِيخِ يُحْكَمُ بِيَنِنَا عَلَى مَا فَعِلَّةِ الحِجَاجِ مَعَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بِنْ المسيب فَيَقُولُ الذَّهَبِيَّ بِأَنَّهُ كَانَ ظلوما جَبَّارًا خَبِيثًا سأفكا لِلدِّمَاءِ

وَيَقُولُ اِبْنُ كَثِيرٍ بِأَنَّهُ كَانَ فِيهُ شَهَامَةَ عَظِيمِهِ وَفِيٌّ سَيْفُهُ الهَلَاكُ وَالظُّلْمُ وَيَقُولُ بِآنِهِ كَانَ يُكَثِّرُ تِلَاوَةَ القُرْآنِ وَلَكِنَّ كَانَ مُتَسَرِّعًا فِي سَفْكِ الدِّمَاءِ وَأَنْ كَانَ الحُجَّاجَ بِنْ يوسِف لَهُ حَسَنَاتٌ مَغْمُورَةُ فِي بَحْرِ سَيِّئَاتِهِ

أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ لَا حَصْرَ لَهَا كَانَتْ تَشَبُّعَ غَرَائِزِهَا فِي سَفْكِ الدِّمَاءِ نُفُوسَ مَرِيضِهِ كَانَتْ تَسْتَخْدِمُ المَسَاكِينَ وَالأَبْرِيَاءَ دُرُوعًا لِهُمْ فَتَدُقُّ الطُّبُولُ وَتُزَحِّفُ الجُيُوشُ وَيُقْتَلُونَ وَ وَيَقْتُلُونَ وَهْمَ عَلَى يَقِينٍ أَنَّهُ يُدَافِعُونَ عَنْ مُعْتَقَدَاتِهِمْ آلَتِي يُؤْمِنُونَ بِهَا لَا يُعْلِمُونَ نَوَايَا وَخَبُثَ مَنْ يَقُودُهُمْ فِي تِلْكَ المَعَارِكُ الطَّاحِنَةُ هَؤُلَاءِ المَرَضِيُّ يَعِيشُونَ حَوْلَنَّا بَلْ بَيْنَنَّا بَلْ مِنْ المُمْكِنِ أَنْ تَكُونَ أَنْفُسَنَا أَيْضًا.

الوَبَاءَ النَّفْسِيَّ

إِنَّ هَذَا الوَبَاءَ النَّفْسِيَّ قَادِرُ عَلَى تَدْمِيرِ الأُمَمِ وَإِذْلَالُهَا وَالحُرُوبُ آلَتُي حَدَثَتْ فِيمَا مُضِيُّ خَيْرِ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ ،فَأَلْمَانِيًّا تَحْتَ قِيَادَةِ هِتْلَرَ جَعَلَتْ أَوْرُبَا وَالعَالَمُ فِي مَعْرَكَةٍ طَاحِنَةٌ لَيْسَ المَالَ وَحْدَهُ الَّذِي جَعَلَ هِتْلَرَ يَخُوضُ الحَرْبَ بَلْ نَفْسُهُ المَرِيضَةُ آلَتُي أَسَّسَتْ وَرَسَّخَتْ اِعْتِقَادَ وَاحِدٌ لَدَى النَّاسِ فَتَبَنَّوْهُ وَأُمَنِّهُ بِهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ العَرَقَ الأرى الجِرْمَانِيُّ فِي قُمْهُ هَرَمُ البَشَرِيَّةِ فَإِذَا فَتُحْنَا كُتُبُ التَّارِيخِ وَتَحَقَّقْنَا مِنْ كُلِّ حَدِيثٍ أَوْ كَلِمَةٍ لِوَجْدِنَا نُفُوسٍ تَشْتَهِي وَتَعْشَقُ كُلَّ مَا هُوَ يُحَرِّضُ عَلَى الكَرَاهِيَةِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ.

هُنَاكَ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ سَنَتَحَدَّثُ عَنْهَا لَاحِقًا إِنْ شَاءَ اللهُ فِي المَقَالِ الثَّانِي

فيديو مقال النفوس المريضة الجزء الأول

أضف تعليقك هنا