مذبحة الجامعَين

كثرة الموت والأحزان

لبشاعة ما نشهده منقولاً عن الإعلام بوسائله على اختلافها صار مشهد الموت و أرقامه من معتادات الأيام التي نتلقاها بلا مشاعر حقيقية أو أن مشاعرنا قد أنهكت لكثرة ما تلقت من النوائب و الأحداث فتراوحت ما بين تبلد و عدم اكتراث مع شيء من الحمد على نعمه و بين حزن شديد يستحيل حنقاً و حقداً على طرف آخر من أزمة المحزون على ما قد فقد هو أو من يتصل به بعيد أو قريب، و يستشري في نفسه ذلك الحنق و يستولي على تفكيره فيتطور حتى يبلغ مبلغ رد الفعل الجسدي، يستعين على ذلك بعنفوان محتارٍ أصلاً فيما يتجه إليه ذلك لخواء الفكري أو وعي مغيب حتى يقع على ما يغري نزعة الشباب المتوثب فيه و يلصق به شيئاً من القدسية المصطنعة أو الثأر المزعوم.

تكرُّر هذا المشهد و تردده على البصر عود الذهن على صورة ختامية مصمتة تشوبها لوهلة خاطفة رهبة الموت و تختفي ثم يتحول المنظر إلى جسد ملقى هنا أو هناك كأنما كان ينتظر وصول المصور أو هكذا هييء لي على الأقل.

لم يعد المجال يتسع و لا الوقت للتفكير في ظروف هذا المشهد الرهيب و مسبباته و لا رد فعل الضحية قبيل وفاته و لا ما يشهده المجرم في مناماته.

مجزرة نيوزيلندا

قد تكون مجزرة نيوزيلندا هي ثاني حادثة بث مباشر لمشهد قتل على الفيسبوك بعد حادثة كليڤلاند بولاية أوهايو الأمريكية، مرت الأولى بضجة أقل على بشاعتها لأن منفذها مختل نفسياً قتل بريئاً واحداً، لكن ماحدث اليوم في الجامعين من قتل لمتعبدين في يومهم المقدس على الهواء لهو مستوى آخر من مستويات الصدمة التي لم يسبق لها مثيل، يفتح أعيننا أكثر على تفاصيل ماقبل المأساة و أثناءها و ما بعدها و كل تبعاتها التي نتمنى ألا تذكي نيران التطرف و الكراهية المتنامية من أعلى مستوى الدول نزولاً إلى مستوى الشعب الواحد داخل دولته التي يحتكم لتشريعاتها.

لا يختص طرف من الأطراف بوصمة التطرف! فهم جميعاً كذلك لأن التوسط في المعتقدات و الغالب أن هذا التوسط هو ما نشأت عليه تلك المعتقدات، و ما يتجاوز حدود هذا التوسط يتجه نحو التطرف الذي يؤدي في أقصى حدوده إلى جرائم ترتكب تحت عدة مسميات قد تشترك في استغلال العاطفة الدينية أو القومية أو كلاهما.

نسأل الله جل في علاه أن يرحم الميتين و يبلغهم عليين و يربط على قلوب ذويهم و كل المتألمين لمصابهم.

فيديو مقال مذبحة الجامعَين

أضف تعليقك هنا