نعمة عدم الكمال ..

التمتع بالرحلة ثم الهدف

الطالب الذي يسعى لدرجات الامتياز بعملية جد وجهد وتعب وعناء لا طائل من جهده، جميل ولكن ما قولك بمن طلب العلا سهر الليالي؟

أقول من يطلب العلا يتمتع فالوصول للقمة هدف وإنما تمتعك بالرحلة هدف آخر، وإنتاجية المتمتع غير إنتاجية الذي يلهث لتحقيق الأهداف، وذلك الآخر الذي يريد أن ينقص وزنه ويجوع ويتعب من الخطأ فعله، فهو يحول حياته إلى شقاء، بدلاً من أن تنزل وزنك بسنة اجعلها سنتين وإنما بدلاً من أن تشقى تسعد فالقضية اختيار كما يقول بشير الرشيدي.

المثاليون أشقياء لأنهم يستخدمون كلمات مثل “يجب، لابد، ينبغي …” فهذه الكلمات هي مصادر للشقاء، والمثاليون دائماً ما يشعرون بالنقص، والنقص جميل لكن استكمال هذا النقص هو التحدي، كيف تستكمل هذا النقص؟

إن امتلاك زمام قصتنا وحبنا لأنفسنا أثناء هذه العملية هو أشجع شيء سنقوم به أبداً كما تقول برينيه براون في كتابها نعمة عدم الكمال، وإن امتلاك زمام قصتنا يمكن أن يكون صعباً لكنه لا يقارب صعوبة قضاء حياتنا هاربين منه، وتقبل نقاط ضعفنا مخاطرة لكنه لا يقارب خطر اليأس من الحب والانتماء والمتعة، تلك التجارب التي تجعلنا بأكثر أحوالنا ضعفاً، فلن نكتشف القوة اللانهائية للنور إلا عندما نتحلى بالشجاعة الكافية لاستكشاف الظلمات.

التحلي بنعمة عدم الكمال

فلكي تتحلى بنعمة عدم الكمال عليك بأن تنمي المصداقية أي أن تتخلى عما يظنه الناس.

وكما تقول مارجريت يونج بأنه غالباً ما يحاول الناس أن يعيشوا حياتهم بالعكس، فهم يحاولون الحصول على أشياء أكثر أو مال أكثر، كي يفعلوا أموراً أكثر مما يرغبون في فعلها، كي يكونوا أكثر سعادة، وطريقة حصول الأمر بالفعل هي العكس، فعليك أن تكون على حقيقتك، ثم تفعل ما عليك فعله حقاً، كي تحصل على ما ترغب به.

وعليك بتنمية التعاطف مع الذات والتخلي عن الكمالية، كما تقول آنا كويندلن بأن الأمر الشاق بحق، والمدهش حقاً، أن تتخلى عن أن تكون كاملاً، وأن تبدأ العمل لتصير نفسك.

إن الكمالية ليست تحسين للذات بل هي بجوهرها تدور حول محاولة نيل الرضا والقبول، ففهم الفرق بين السعي الصحي والكمالية ضروري لخفض الدرع أرضاً والتقاط حياتك، وإن الكمالية مدمرة للنفس، ببساطة لأنه لا يوجد هناك شيء كامل، فالكمال لله وحده، وهو هدف لا يدرك.

وكما يقول كريستوفر جيرمر بأن لحظة من التعاطف يمكن أن تغير يومك، وسلسلة من مثل هذه اللحظة يمكن أن تغير مجرى حياتك.

وعليك بتنمية روح مرنة وأن تتخلى عن الخدر وانعدام الحيلة، فلم يكن في وسعها أن قط أن تعود وتجعل بعض التفاصيل أجمل، كل ما كان بوسعها فعله أن تتقدم للأمام، وأن تجعل الكل أجمل كما تقول تيري كلاود.

التحلي بالشكر والمتعة

وعليك بتنمية الشكر والمتعة، وأن تتخلى عن الشعور بالندرة والخوف من المجهول.

وكما تقول أديلا روجرز جونز بأن المتعة تبدو كخطوة خلف السعادة، السعادة هي نوع من الأجواء التي بوسعك أن تعيش بها في بعض الأحيان حين تكون محظوظاً، والمتعة هي النور الذي يملؤك بالأمل والإيمان والحب.

وعليك بأن تنمي البديهية والإيمان الواثق وأن تتخلى عن الحاجة لليقين، وعليك بتنمية الإبداع، والتخلي عن المقارنة، وعليك بتنمية اللعب والراحة، والتخلي عن الإجهاد كرمز للمكانة وعن الإنتاجية كرمز لجدارة الذات، وعليك بتنمية الهدوء والسكون، والتخلي عن القلق كأسلوب حياة، وعليك بتنمية العمل ذي المعنى، والتخلي عن الشك في النفس و “يفترض أن”، وعليك بتنمية الغناء والضحك والرقص، والتخلي عن أن تكون رائعاً ومسيطراً دائماً.

كما يقول مارك توين ارقص كما لو أنه لا أحد يراك، غن كما لو أنه ليس هناك من يسمع، حب كأنك لم تتأذ من قبل قط، وعش وكأنك في نعيم.

وكما جاء في التنزيل الحكيم “لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ” سورة البقرة الآية 286.

فتخل عن رغبتك في الكمال وتمتع بنعمة عدم الكمال.

فيديو مقال نعمة عدم الكمال ..

أضف تعليقك هنا