أكثر خمسة أمور يتندم عليها المرضى قبل الوداع الاخير: عرض و نقد للكتاب لدكتور صالح ال حيدر

ملخص الكتاب الذي يتحدث عن الأمور التي يتندم عليه المرضى

سمعت حديثاً عن كتاب يتناول أكثر خمسة أمور يتندم عليها المرضى في مراحل متقدمة من مرضهم قبل موتهم وحقيقة أصابني الفضول فاشتريت الكتاب، و أكملت قراءته حديثاً وهو ليس كما انتظرت للأسف، لكن جدير ببعض التلخيص حقيقة.

الكاتبة حصلت على عمل في أستراليا، في مجال عناية المرضى في أيامهم الاخيرة قبل الوداع الاخير بسبب امراض مستعصية.

 وليس غريباً أنها حصلت على هذا العمل دون مؤهل علمي أو خبرة في هذا المجال، ولمن لا يعرف هذا المجال أقول هي لا تحتاج لذلك لان اشرافها محصور على عناية بدنية من غسل و اطعام و ما شابه، و هو أقل من التمريض بمراحل.

المشكلة هنا أن الكاتبة أعطت للكتاب عنوان و كأنه بحثاً و هو لا يتعدى سوى كونه سرد لما جرى بينها وبين المرضى من كلام عام عن حياتهم و حياتها و من ضمنها كلام عن ما يندم عليه أولئك المرضى في أخر رحلة حياتهم وقد ادركوا ان النهاية قربت لا محال.

و هي خمس نقاط دون معرفة نسبة و عدد المرضى الذين يشاركون هذا الندم !!

لكني وجدتها نقاط جديرةً بالمشاركة، وكما هي استنتجت من تلك النقاط عبراً انطلاقاً من فهمها و خلفيتها و تجربنها في الحياة فلكل واحد من لابد استنتاجه الخاص لذا أود طرح اهم ما في الكتاب في اسطر قليلة، و اترك لكم استنتاجكم الشخصي الخاص و أشكر واقدر لكم أضافتكم و ملاحظاتكم و دمتم.

THE TOP FIVE REGRETS

of the DYING

A life Transformed by the Dearly Departing

BRONNIE WARE

  • Regret 1: I wish I’d had the courage to live a life true to myself, not the life others expected of me.
  • Regret 2: I wish I hadn’t worked so hard
  • Regret 3: I wish I’d had the courage to express my feelings 
  • Regret 4: I wish I had stayed in touch with my friends
  • Regret 5: I wish I had let myself be happier

ماهي الحقائق التي وصل إليها المرضى قبل رحيلهم؟

رغم اتفاقي مع المضمون إلا أن خلافي معه نابع من رؤيتي وفهمي لبعض الحقائق من زاوية أخرى. المرضى توصلوا لخمسة حقائق كانت نتاج تجارب حياتهم المتنوعة، وهي ما عبرت عنه الكاتبة بعنوان اكثر خمسة أمور يتندم عليها اصحاب الأمراض المستعصية قبل الرحيل!

رؤيتي لتلك النتائج والتوصيات هي أولاً  مشاركتها ولكن من منظور آخر،  والسبب لأني أنظر اليها بعين  المؤمن بالآخرة سواء كنتُ مسلماً او تابع لأي دين اخر يؤمن بالجزاء الاخروي العادل.

عودة للكتاب و أليكم ترجمتي (فهمي الشخصي) لتلك النقاط الخمس المشتركة، والتي تمثل أكثر ما تندم المرضى قبل موتهم والعهدة على الكاتبة:

الحقائق الخمس

١. وددتُ لو كانت لي الشجاعة أن أعيش حياتي كما يناسب شخصيتي، كما أريد أنا، وليس كما كان الاخرون يريدون، ويتوقعون مني!

٢. وددتُ لو لم أجهد نفسي بالعمل.

٣. وددتُ لو كانت لي الشجاعة على أن أبوح بمشاعري بصورة اشمل و اوضح.

٤. وددتُ لو أني بقيت على تواصلٍ مع أصدقائي.

٥.وددتُ لو أني منحتُ نفسي قدراً أكبر من السعادة.

جاء في الأصل:

  • Regret 1: I wish I’d had the courage to live a life true to myself, not the life others expected of me
  • Regret 2: I wish I hadn’t worked so hard
  • Regret 3: I wish I’d had the courage to express my feelings 
  • Regret 4: I wish I had stayed in touch with my friends
  • Regret 5: I wish I had let myself be happier

الحياة الدنيا عند البعض هي مبلغ همهم وعلمهم

حقيقةً إن فهمي، وتحليلي الشخصي أن جميع النقاط تصب في خانة واحدة!، فهي فهم أدق و أوضح لطبيعة الحياة الدنيا غالباً و تجربة الكتابة في أستراليا هي حصيلة فهم أُناس عندهم الحياة الدنيا مبلغ همهم و علمهم و لا دار قرار لهم سواها الا ما ندر منهم.

النقاط الخمس التي جمعهتا الكاتبة

 اقصد النقاط الخمسة مجموعة هي ملخص لفلسفة حياة افراد أرادوا للدنيا ان تكون هي ذاتها هدف عيشهم لا شيء قبلها ولا شيء بعدها!

النقطة الأولى

 المرء منا ابن أبويه، وابن بيئته. فلطالما عملنا و تصرفنا كما يملي علينا أهلنا حين كنا صغاراً و كما يملي علينا مجتمعنا حين كبرنا ثم كما يملي علينا أبناءنا حين هرمنا!،

التوازن العقلي والعاطفي

النقطة هنا ليس من منظور العمل الصح أو الخطأ في نظر الكاتبة، وفي نظري كذلك بل في أيضاح أن التوازن العقلي و العاطفي في عمق أي شخص منا مفتاح تقدمه في أي مجالٍ في هذه الحياة.

الشغف والاهتمام هما مفتاح التقدم

ولا يكفي أن تكون صاحب عمل او دراسة مرموقة في نظر المجتمع وتلك نظرة تختلف من بيئة لأخرى، الاهم ان يكون للفرد منا حباً ورغبة فيما يفعل ويعمل، ويدرس، فالشغف والاهتمام والفضول هم مفاتيح التطور والتقدم و في المحصلة الرضا والاستقرار النفسي في نظري. 

تتكلم الكاتبة في كتابها عن حياتها الشخصية، وكيف تبدلت أدوار حياتها

في الكتاب تطبق الكاتبة النصائح على تجربة حياتها الشخصية كما تفعل في كل فصول الكتاب و تتكلم كيف هي نفسها تبدلت ادوار حياتها، و ما تفعله سلباً و ايجاباً تبعا لبيئتها وقد سافرت و تغيرت عليها بيئة العمل مرات عدة، تقول إذا كنا نحن البشر نتأثر بالبيئة فلابد أن نختار بيئة صالحة منذ البداية، وهذه النقطة المعروفة سلفاً اكثر ما عجبت به في الكتاب و اتفق معها تماماً،

لأن البيئة هي نتاج افراد والافراد نتاج البيئة وكما قال سيدي و مولاي أبا الحسن:

فلا تصحب أخا الجهل وإياك وإياه……فكم من جاهل أردى حليماً حين أخاه

والمقصود هنا من فهمي ليس الدين والاخلاق فحسب، انما سقف الطموحات ومجال المنافسة و طرق التتافس في أي بيئة و مجتمع، فمن عاش في مجتمع مادي كان أغلب طابعه كذلك والعكس صحيح غالباً.

النقطة الثانية

وددتُ لو أنني لم أُجهد نفسي بالعمل.

 و أضف هنا من عندي (أجهد نفسي كثيراً) كثيراً حتى اتعدى حدود التوازن، واتجاوز على حقوق النفس والاهل و المقربين.

وإلا فإن الجهد والتفاني في العمل سمة حميدة في كل ثقافة وعرف و دين‘ وهي مما ينبغي ان يفخر به المرء لا العكس، الا ان المقصود هنا هو الذوبان في العمل و ترك واجبات آخرى لا تقل أهمية عن العمل، 

من الناس من يعيش ليعمل، ومن يعمل ليعيش، ومن يعيش ويعمل

فمن الناس من يعيش ليعمل، و منهم من يعمل ليعيش، ومنهم من يعيش و يعمل.

في الكتاب يقول أحد المرضى:”ليس العيب في التفاني والتمادي بكل إخلاص في العمل، لكن هناك أمور أكثر أهمية من العمل في الحياة. التوازن هو الأهم “.

الفيلسوف الصيني ورأيه في العمل

واذكر هنا قول الفيلسوف الصيني كونفوشيوس: أختر عملاً تحب، بعدها لن تعمل يوما آخر في حياتك!المقصود هنا تحول العمل من مجرد العمل مصدراً لكسب العيش الى هواية وشغفا، وهما من  شروط اتقان العمل و التطور. 

عل ماذا ينص القران والحديث في العمل؟

وقد  أُمرنا من ربنا على لسان نبيه أن نتقن العمل، كما قال ص: (إن الله تعالى يُحبُ إذا عمل أحدُكم عملاً أن يُتقنه).

فأنا أن لم أجد ممتعاً في العمل جعلت الاتقان غاية العملِ، و أتخذتهِ سبيله في كرامة عيش الأولى ونيل حُسن الآخرة، قال تعالى: (وابتغ فيما آتاكَ اللهُ الدارٓ الآخرة و لا تنسَ نصيبكَ من الدنيا).

النقطة الثالثة

وددتُ لو كانت لي الشجاعة على أن أبوح بمشاعري تجاه الآخرين !!!

لم أفهم المقصد وراء هذه النقطة حتى أكملت هذا الفصل حقيقة و ملخصها يحكيه أحد المرضى في آخر أيام حياته:

“من السهولة أن تلهينا مشاغل الحياة عن الناس الذين نُحب، من أفراد العائلة و الأصدقاء. يجب أن نراجع علاقاتنا بتجرد. الناس لا يدركون هذه الحقيقة الا بعد فقدان احد ليعيشوا او يرحلو مع الندم” جود.

تقول الكاتبة معقبة: يجب علينا ان نتوقف عن التفكير اننا مخلدين او ان من حولنا يعيشون ابداً.

النقطة الرابعة

وددتُ لو أني بقيت على تواصلٍ مع أصدقائي

لم أفهم المغزى من هذه النقطة حتى قرأت الفصل كلهُ ففهمت ان المقصود أن أصدقاء الصغر و اصدقاء القدم هم من يجعل المرء منا ان يكون على طبيعته كما أحبه أصدقاءه لا كما يريده أهلهُ، أقربائه أو زملاء العمل !!

هذه النقطة كانت غائبة عني تماماً و لا أتفق معها كلياً لذا لن أعلق كثيراً.

علاقات المرء تُقام بصدق في مرحلة ما من حياته

مما فهمت من تفاصيل الكتاب ان المقصود كذلك أن علاقات المرء تُقيم بصدق أعمق في مرحلة ما من الحياة لها خصوصية تتطلب تواجد الصادقين من أقرباء و اصدقاء، لذا فأن الأولى بنا تقيم صدق الصلات مسبقا لنعطي كل ذي حق حقه، والله أعلم.

اذكر نفسي و الاخرين بالحكمة: الطريقة الوحيدة لتكسب صديقاً أن تكون انت صديقاً.

النقطة الخامسة

وددتُ لو أني منحتُ نفسي قدراً أكبر من السعادة

وهي خلاصة حياة هؤلاء و نتيجة حتمية لحكمة يكتسبها معظمنا لكن للاسف بعد فوات الاوان.

ماهي السعادة، وكيف تتحقق

السعادة ! ماهي السعادة وما هي شروطها و ماهو طعمها ولونها و ماهو سقف السعادة!؟ اسئلة كثيرة لن يستطيع أحداً الاجابة عنها، والسبب هو قياس اكثر الناس السعادة بمقياس مادي و تحديد شروطها بعوامل خارجية، وبعد فوات العمر يكتشف هؤلاء أن السعادة منبعها داخلي و استعداد شخصي، يقول الامام الشافعي؛

إذا ما كنت ذا قلب قنوع ….. فأنت ومالك الدنيا سواء

يقول ابراهيم لنكولن:

Most folks are as happy as they make up their minds to be. Abraham Lincoln

السعادة قرار شخصي

ببساطة السعادة قرار شخصي. كل ما كان يريد هؤلاء او جُلّهم هو سعادة الدنيا و نسوا أن السعادة ليست وجهة يصلونها بل هي الرحلة بحد ذاتها، واذا ما كانت الاهداف مشرفة مقنعة كان رغد العيش حاصلاً  بقناعة راسخة لان السعادة ليست هدفاً بحد ذاته بل هِي نتيجة و محصول لعمل و لفكر شخصي.

Happiness is not a goal; it is a by-product.

Eleanor Roosevelt

ثقافة الموت

تقول الكاتبة أن ما ينقص مجتمعاتنا هو ثقافة الموت لانها نتيجة حتمية لهذة الحياة.

أقول إن الأصعب من فهم الموت هو الحياة نفسها و ما الموت الا نتيجة حتمية لها، وليس الموت نهاية المطاف انما الموت انتقال لطور آخر، قال تعالى:  وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ.

ومعنى حيوان من التظخيم لانها دائمة.

السعادة هي الموازنة بين الدنيا والآخرة

السرُ مختصراً: الذكاء في التوازن فسعادة الدنيا بتطويع لحظاتها لزرع ثمر الاخرة، و كما قيل منذ اكثر من آلاف من السنين؛ أعمل لدنياك كأنك تعيش ابداً، و أعمل لأخرتك كأنك تموت غداً.

وليست هذه دعوة للتصوف الشكلي الخالي من المضموم بنبذ الحياة و هو القائل سبحانه: و لا تنسَ نصيبكَ من الدنيا!. 

ملخص النقاط كلها

لو جمعنا النقاط كلها مع بعض لوجدناها كلها تدل على شيء واحد اخذت الدنيا هؤلاء على حين غفلةٍ فمضت كومضة حتى تفلتت من بين يدهم فأكتسبوا الحكمة بعد فوات الاوان.

ليست السعادة في جني المال والمناصب

ليست السعادة في جني المال والمناصب و لا يجب ان يكون العمل سببا لفقدان الاهم وهم الاحبة من حولنا بمن فيهم اصدقاء العمر الصدوقين، أجعل كل يوم من أيامكم يوم وداع فأحسنوا الوداع لمن حولكم، و تذكروا انكم انتم انفسكم من يصنع سعادتكم والله ولي التوفيق.

بسم الله الرحمن الرحيم:  وِمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّار.

فيديو مقال أكثر خمسة أمور يتندم عليها المرضى قبل الوداع الاخير

أضف تعليقك هنا