اسلام الهاشمي الحامدي , قصة قصيرة ” الصالح و الطالح ” .

اقتراض نادر من الأدهم المال

ذات يوم في احدي الاحياء السكنية الفقيرة كان هناك رجل صالح و صادق يدعي الادهم ، كان يعمل في مجال الخردوات يأتي من بضاعته من العتبه و يتاجر بها في دكانه الصغير ، خيوط و ابر و صوف و يعمل ايضا في مجال تخيط الحقائب و سوست البناطيل و الجواكت ، وكان يعرف عنه أنه حسن المعاملة و جيد السمعه .

ذات يوم ذهب إليه احدي شباب الحي و انتظره أمام الدكان لحين انتهاء صلاه المغرب ، اتي إليه الادهم بعد انتهائه من الصلاه و القي عليه السلام وقال : مرحبا نادر ، كيف حالك ؟!
بخير ..
قالها نادر في ضيق نفس وغضب .
ما بك ؟! لماذا يبدو عليك الدجر .
قالها الادهم وهو يفتح دكانه ، و يدخله و يضي ضوء المكان فدخل خلفه نادر ، فجلس الادهم أمام ماكينه الخياطه وشرع في البدء في العمل .
فقال له نادر : اريد بعض المال للضرورة القصوى .
تبسم الادهم و مسح علي وجهه وقال : اخي في الله ، لقد اعطيتك في الماضي بعض المال و لم ترده الي و استودعت الله في مالي ، وعلمت بعدها بانك ممن يتعاطون المخدرات و لا تنفق علي زوجتك و ابنتك الصغيره ، فكف عني و انتهي مني ، لن أعطيك شيء.
رحل نادر وهو في ضيق شديد يحدث نفسه في الطرقات فضرب جرز هاتفه فأجاب : نعم ؟!
– اين انت يا نادر ؟!
– احاول تدبير المال لكي من اي شخص .
– أن علم زوجي بما حدث وهو عقيم سوف يقتلك و يقتلني .
– حسنا اعطني مهله زمنية قصيرة .
– انت ايضا لديك عائلة و تخشي عليهم من الفضائح .
– اعلم اعلم ، وداعاً الان ، سوف احدثك لاحقاً .

حالة نادر المادية البائسة

اغلق الجوال و دخل المقهي المزدحمة يبحث في كل ركن من اركانها علي صديقه حسين ، حتي أن اتسعت عينها لرؤيته فذهب إليه .
– ما بك ؟!
قالها حسين في فضول فقال له :
اريد بعض المال ولم اجد من يقرضني إياه .
فقال حسين وهو يمسك بيده معصم نادر :
وما الذي يجبرك علي الاقتراض و انت بغلا كبير ، تستطيع أن تأخذ المال بالقوة يا احمق .
عقد نادر حاجبيه و تلعثم وهو يتمتم :
ما ماذا ؟!
– اسرق من تعرفه و تعرف أنه يكنز المال كنزا .
قالها حسين وهو خافضا صوته مبتسما فرحآ .
رفع نادر ناظريه اعلي اليمين ثم حك فروه رأسه من الخلف و أردف قائلا :
شكراً لك على النصيحه .

ذهاب نادر لسرقة الأدهم

وفي الليل و مع قله الاقدام في الحاره اسفل عمود النور القي نادر بسجارته و دهسها بقدمه اليمنى ، تقدم الي دكان الادهم و ظل يطرق الاقفال حتي أن كسرها و اقتحم المكان و ظل مثل المجنون يبحث عن المال فلم يجد شيئاً قط .
رفع ناظريه فرآي الادهم يقف أمامه ، فتسعت عيناه اندهاشا و تعجبا ، فدخل الادهم الدكان و جلس علي كرسيه أمامه وقال :
أن المال مال الله وان الأرزاق تقسم علي العباد بالتساوي ، والرزق ليس في المال فقط ، الرزق في المال و الصحة و الزوجة و البنين ، و إن لم تجد رزقك فقد منعه الله عنك لسبب لا يعلمه أحد سوى هو و انت ، فاخرك من دكاني عليك السلام .
انقض نادر عليه و اعتلاه و نازله من اللكمات ما يطفئ به نار صدره حتي أن اختلط الدم بوجه الادهم و قال له : حسبنا الله ونعم الوكيل .
نزلت تلك الكلمات علي اذن نادر كالصاعقة فهو يسمعها دائما من الكثيرين و منذ أن سمعها و باتت تلاحقه الأزمات و المحن ، كر و فر من الدكان و هو يتصبب عرقا شديدا ، و قام الادهم من مضجعه بعد أن اجحظت عيناه من البكاء و هو يقول :
لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم ، استغفرك ربي و اتوب اليك ، حسبنا الله ونعم الوكيل .
ظل نادر في الحاره يسير مثل القارب الذي تصارعه الأمواج العاتية ، يترنح يمينا و يسارا حتي أن اغشي عليه و سقط أرضا بعد أن ارتفعت خفقات قلبه بشدة .
استفاق نادر داخل منزل الادهم يشعر برعشه و سخونه شديدة و ينهال منه العرق .
انها الحومه .
قالها الادهم و هو يتأمله نادر و مازالت جراحه لم تطيب بعد ، فشعر نادر بالخجل الشديد و أردف قائلا :
سامحني اني اسف .
تبسم الادهم و قال : ادعو ربك أن يغفر لك .
اشعر بان الله امد في عمري لحاجه ، بعد أن أخذت عقار يذهب العقل و فعلت مافعلت بك ، استغفر الله العظيم و اتوب اليه و اشهد ان لا اله الا الله و اشهد ان محمد رسول الله .
هون عليك .
قالها الادهم ثم قام و صلي الي ربه و دعي ربه بصلاح الحال له و له ، و حين انتهائه من الصلاه اطمئن علي نادر فوجده نائما ، فذهب الي فراشه و غط في نوما عميق .

عودة نادر للعمل

وفي الصباح استيقظ الادهم فلم يجد نادر ، فبحث عنه ثم انطلق الي دكانه و فتحه باسم الله و دخل
وانشغل بالزبائن حتي أن مر عليه نادر و قال له :
سلام الله عليك اني استودعك الله .
نظر له الادهم و نظر إلي حقيبته التي يحملها متسائلا فرد سؤال عنيه نادر و قال له :
سوف اعود الي عملي القديم في البحر الاحمر ، فما زال مكاني فارغ و سوف ارسل الي زوجتي و ابنتي راتبي كله كل اول شهر ، فدعوا لي الله بالصلاح وقت صلاتك .
تبسم الادهم و قال له : أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، و ادعو الله انت فإنه سبحانه قريب مجيب الدعاء ، بالتوفيق اخي العزيز .

ربما عمل صغير مع شخص سليط او شيطان من شياطين الانس ، يجعله يخجل من نفسه و يقومها ، فجميعنا خطأون و خير الخطاون التوابون ، فتعامل مع الجميع علي أنهم اخوانك ولكل منا مشاكله و هموم الحياة لا تنتهي فلا تكن حمل زائد في حياة اخوك الإنسان , فربما يصبح الطالح صالح بحسن المعامله.

فيديو مقال اسلام الهاشمي الحامدي , قصة قصيرة ” الصالح و الطالح ” .

أضف تعليقك هنا