الإدارة الحديثة نشأة و شخصيات

تطور العالم الاقتصادي

ومع بداية عصر الحديث أي حوالي العام 1800 شهدت هذه الحقبة اكتشاف الأمريكيتين واستعمارهما وبدأت حلقة من الاتصالات بين أجزاء من الجديد و القديم وبدأ طور جديد من التجارة الدولية وحيث التبادل التجاري العالمي للبضائع والسلع والحيوانات والمحاصيل الغذائية. وحدث ما يطلق عليه عملية “التبادل الكبير” و في بعض الأحيان يطلق عليه “التبادل الكلومبي” وهو عملية تبادل جرت على نطاق واسع  للنباتات والحيوانات و المعادن والخيرات وذاك  بعد تنقل الأشخاص والتبادل الثقافي والفكري فيما بين الأمريكيين الأصليين والقادمين من أوروبا ،  من ثم تأثير ذلك في نوعية وكمية المحاصيل التي أدت إلى زيادة سكانية في العالم كما يذكر.

ومع بداية ظهور “النظرية الاقتصادية ” في دول المدن الإيطالية الشمالية في العصور الوسطى؛ خاصةً جنوة، والبندقية وميلانو وما تبعه في ذاك العصر ظهر الاستعمار الأوروبي خلال القرنين الخامس والتاسع عشرمن نتائجه “الثورة الصناعية”  وعملت على لزيادة الإنتاج مع تقليل التكلفة حيث كان للمستشارين في المؤسسات والشركات الدور الأساسي في وضع قواعد أساسية لنظم وأساليب هذا التوجه والتي أضحت فيما بعد النواة لعلم الإدارة وما تبعه من زيادة في الأعمال والنشاطات البشرية واتساعها و تشعبها نحو مزيد من التخصص والتنوع نتج عنه ما يسمى اليوم علم الإدارة .

ظهور الإدارة

فظهرت الإدارة كعلم له أصوله وقوانينه ومبادئه ونظرياته في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ، حيث وضع العالم الألماني كارل إميل فيبر نظريته ” البيروقراطية ” ، ثم تلى ذلك دراسات العالم الأمريكي فرديك تايلور عن “الإدارة العلمية” ، و بيتر دراكر الأب الروحي “للإدارة الحديثة” و لا يخفى هنا دور الأمريكي ويليام ادواردز ديمنغ صاحب مفهوم ” الجودة الشاملة” ونحن هنا في هذا المقال نركز على هذه الأربع شخصيات المهمة و المؤثرة في الإدارة مع عدم إغفالنا للكثيرين ممن أسهموا في تطور هذا الفكر و العلم و منهم  دراسات العالم الفرنسي هنري فايول ، جورج التون مايو رائد “المدرسة السلوكية” ، ودراسات علم النفس الإداري ودراسات ماسلو “هرم ماسلو” للإحتياجات  واتجاهات هيرزبرج ، التي شكلت و بلورت الفكر الإداري .

كارل إميل فيبر (1864 –1920)

عالم اقتصاد وسياسة ألماني ، ومن مؤسسي علم الاجتماع الحديث ودراسات الإدارة العامة وهو من عرف “البيروقراطية”  ويعتبر كتابه الأكثر شهرة  كتاب” الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية “وأيضا كتابه “السياسة كمهنة” من أهم طروحاته الإدارية وهو من قدم تعربف للدولة بأنها الكيان الذي يحتكر الاستعمال الشرعي للقوة الطبيعية, وأصبح هذا التعريف محورياً في دراسة علم السياسة فيما بعد.

ركز فيبر في دراسته على الأديان حيث استقى النموذج المثالي للبيروقراطية والذي يتميز بالعقلانية . ولقد ميز فيبر بين ثلاثة نماذج مثالية للسلطة تعتمد على تصوراته للشرعية هي السلطة الملهمة – السلطة التقليدية – السلطة القانونية.

فريدريك تايلور  (1856 – 1915)

مهندس ميكانيك أمريكي  كان من أوائل المستشارين الإداريين . كما يعدّ من قادة الفكر في حركة الكفاءة الصناعية، وأفكاره تعدّ عالمياً مؤثرة خلال الحقبة التقدمية.

وقد اشتهر بكتابه مبادئ الإدارة العلمية ) The Principles of Scientific Management  )

إستقال من منصبه في شركة ميدفال، وأصبح المدير العام للتصنيع  وذاك ما أدى إلى ظهور مهنة جديدة وهي “المهندس الاستشاري في الإدارة ” ، و بالرغم من تقاعده استمر في تخصيص الوقت والمال لتعزيز مبادئ الإدارة العلمية من خلال المحاضرات في الجامعات والجمعيات المهنية،  كما تم نشر كتاب القيم ” مبادئ الإدارة العلمية ” تجاريا في عام 1911.

في عام 1912 ومن خلال جلسات الاستماع أمام لجنة خاصة من  الكونغرس  للتحقق من نظمه الخاصة وغيرها من أنظمة إدارة المتاجر زادت شهرة تايلور ، وقد كان مخلصا لنظريته وواصل شرح المثل العليا ومبادئ نظامه الإداري حتى وفاته.

بيتر دراكر (1909 – 2005 )

كاتب إقتصادي أميركي من أصل نمساوي ، ولد في فيينا عاصمة النمسا في 1909م كان والده محامياً ووالدته طبيبة عاش معظم حياته في الولايات المتحدة الأمريكية تخرج من  كلية كليرمونت للدراسات العليا بكاليفورنيا  وقام بتأليف أكثر من 40 كتاباً تعتبر من أعظم المؤلفات في مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة وقد تُرجمت كتبه لأكثر من 20 لغة. و كان يكتب مقالات وتعليقات في “وول ستريت جورنال” و“هارفارد بيزنس ريفيو” وأنتج أربع سلاسل تعليمية مصوّرة عن علم الإدارة .

أجمع الكل على أنه “الأب الروحي للإدارة” ، فهوحقيقة الذي حدّد مفهوم الشركة في تحليله الرائع لشركة جنرال موتورز وصاغ مفهوم ” الإدارة بالأهداف ” وهو من قال ” أن أهم شئ فى التواصل هو سماع ما لم يقال” قدم و طرح فكرة “اللامركزية ” فى الاربعينيات و التي أخذت بها الشركات العالمية وأيضا هو أول من قال أن الموظفين يجب أن يعاملوا ك ” أصول ” وليس ” كخصوم “.

ويليام ادواردز ديمنغ (1900-1993)

مهندس تصنيع أمريكي، حصل على الدكتوراه في الرياضيات والفيزياء. طرح نظريته المسماة “بدائرة ديمنغ” التي بناها على أربعة محاور (خطط – نفذ – افحص – باشر). ونادى بها كوسيلة لتحسين “الجودة” غير أنه لم تحظى بإهتمام كبير في الولايات المتحدة في أوائل الأربعينيات و كان حينها أستاذ بجامعة نيويورك فسافر لليابان بعد الحرب العالمية الثانية بطلب من الحكومة اليابانية لمساعدة صناعاتها في تحسين الإنتاجية والجودة ونجح في هذه المهمه ولدرجة أن الحكومة اليابانية كرمته و أطلقت عام 1951 م جائزة أسمتها (جائزة ديمنغ) وهي تمنح سنوياً للشركة التي تتميز من حيث الابتكار في برامج إدارة الجودة.

و أخيرا

علم الإدارة إختصارا هو تشكيل آلية لتحقيق الأهداف والتطلعات للأعمال وكما إستعرضنا لأهم شخصيات الحديثة لهذا العلم نرى تدرج طبيعي و سلس لما تحتاجه البشرية لإدارة مواردها  فبعضه خطط له و البعض أو الكثير فرضته آلية التوسع و أنشأته بعض العوامل المستجدة  و لا تزال الصورة تتشكل و لكن ما علينا هو الفهم و المعرفة ولإحاطة قدر الإمكان لبناء خططنا أو بالأصح حياتنا لما يفيدنا و يطورنا ويجب أن نأخذ بالإعتبارالتوجه العالمي اليوم نحو مفهوم “الذكاء الاصطناعي” وهو إختصارا قدرة الآلة أو الحاسوب على محاكاة العقل البشري وطريقة عمله، من حيث التفكيرو التحليل  والاكتشاف والاستفادة قد بدأت بوادر ذلك مع تطور الحاسوب و الأنظمة الذكية في منتصف القرن العشرين ومبشرة بحقبة إدارية بمفاهيم جديدة تسايرهذا التغيير أو النقلة التي يصعب التنبأ بشكلها و أبعاد تأثيراتها.

فيديو مقال الإدارة الحديثة نشأة و شخصيات

أضف تعليقك هنا