بأي ذنب قتلت

بقلم: عدنان الغامدي

وأد البنات

من العادات التي كانت عند العرب في الجاهلية وأد البنات. وأد البنات يعني أن تدفن الفتاة وهي حية. وأتى الإسلام ليغير هذه العادة التي تنتهك أهم حق من حقوق الإنسان وهو حق الحياة حيث قال تعالى: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)[1]. كما حرّم الإسلام بالتحديد وأد البنات في قوله تعالى: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ (9))[2]. كان العرب في تلك الفترة يمارسون هذه العادة الشنيعة لسببين: السبب الأول هو الخوف من العار أي أنهم كانوا يخافون أن تغزوهم قبائل أخرى وتسبى نساؤهم. أما السبب الثاني فهو خشية الإملاق أو الفقر وفي هذا قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31))[3] وفي هذه الآية يؤكد عز وجل على أن الرزق بيد الله تعالى فكيف تخشى الفقر والله تعالى وهو الغفور الرحيم يرزقهم. أردت بطرح مسألة وأد البنات مدخلاً لمناقشة بعض العادات في المجتمع التي تهضم حقوق المرأة. من هذه العادة ؛ نستنير بالإسلام في تغييره لها.

تكريم الاسلام للمرأة

إكراه الفتاة على الزواج مما لا تريد الزواج به – كما تعتاد بعض القبائل والعائلات – محرم فالإسلام كرم المرأة ووضعها في موضعها المناسب. يأتي الإسلام هنا ويشترط شرطاً مهماً من شروط صحة الزواج وهو رضا الفتاة أو القبول كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ( لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ )[4]. يتضح لنا من هذا الحديث أن رأي المرأة مهم لاكتمال عقد النكاح ، وإجازتها لهذا العقد مهمه ، كما أن الإسلام لا يبيح لوليها أن يكرهها على بيع أو إجارة بدون إذنها فما بالك بأمر يترتب عليه بناء أسرة.

يشترط البعض عند الزواج تكافؤ النسب وتعتاد المجتمعات والقبائل ذلك. فهذا التفريق بين البشر بالنسب غير صحيح ولنا في الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم أسوة في ذلك فقد زوج النبي ﷺ أسامة بن زيد فاطمة بنت قيس القرشية، وزوج أباه زيد بن حارثة زينب بنت جحش أم المؤمنين قبل النبي عليه الصلاة والسلام -وهي أسدية، وزوج عبد الرحمن أخته لبلال الحبشي. كما أن الإسلام آخى بين المسلمين فبأي حق نفرق بين هذا وذاك؟. وضع الإسلام المعيار في قبول الزوج هو الدين والخلق بقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكُم من ترضونَ دينَهُ وخلُقهُ فأنْكحوهُ ، إلا تفعلوا تكن فِتنةٌ في الأرض وفسادٌ . قالوا : يا رسولَ اللهِ ! وإن كانَ فيهِ ؟ قال : إذا جاءكُم من ترضونَ دينهِ وخُلقهُ فأنْكحوهُ . ثلاث مرات)[5]. أكد النبي صلى الله عليه وسلم أن المعيار هنا هو الدين والخلق فما بالنا حتى الآن نعتاد عادة سيئة في التفريق بين الناس بأصولهم ونسبهم؟!.

ختاماً 

من هدي الإسلام اعطاء المرأة حقوقها كاملة في الحياة أولاً بتحريم وأد البنات وهو حق لكل إنسان وليس للمرأة فقط. ثانياً أنه أعطاها حقها في اختيارها من يشاركها حياتها ، ولكن ما زال المجتمع يتمسك ببعض العادات السيئة كإكراه المرأة على الزواج ممن لا تريد أو ألا تزوج إلا من يتكافأ في النسب معها. ورأينا في هذه المقالة الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية على أن هذه العادات تخالف الشريعة الإسلامية ولكن من سماحة الإسلام أنه واقعي ويأخذ في الاعتبار اختلاف الثقافات و المجتمعات. وبعد مرور قرون من هدي الإسلام لترك هذه العادات أما آن لنا كمجتمع أن نغيرها؟.

[1] سورة المائدة آية 32

[2] سورة التكوير آية 8 ، وآية 9

[3] سورة الإسراء آية 31

[4]  رواه البخاري (6968) ، ومسلم (1419)

[5]  رواه البخاري (5090) ومسلم (1466)

بقلم: عدنان الغامدي

من العادات التي كانت عند العرب في الجاهلية وأد البنات. وأد البنات يعني أن تدفن الفتاة وهي حية. وأتى الإسلام ليغير هذه العادة التي تنتهك أهم حق من حقوق الإنسان وهو حق الحياة

 

أضف تعليقك هنا