لم أكن أعرف وعرفت

مما تعلمته في العمل

لم أكن أعرف كثير من الأمور لكنى فى هذا العمل عرفت، عرفت أنى ساقابل طوال حياتى أناس متعبين وأنه من باب الأدب أن اتحمل متاعبهم، وعرفت أنه سيمر عليا كل يوم رجل أو امرأة عجوز،بطيئ الحركة، كثير السؤال وسريع الغضب ربما سيعكر صفو يومى ومزاجى ولكن من باب الرحمة أن احترم سنهم لأنه قريبا سأكون مثلهم، عرفت أن عملى شاق ولكنه ممتع.

عرفت أن زحمة العملاء تمثل ضغطا عصبيا كبيرا ولكن خدمتهم هو ما يجعل لعملى قيمة، عرفت أن عصبيتى الزائدة ستترك لى متاعب كثيرة ولذا قررت أن احاول أن ابدو هادئا نوعا ما، عرفت أن محاولاتى المستمرة للضحك مع العملاء و إرضائهم ما هى إلا لعبة جميلة استمتع بها فتجعل لوقتى الذي أقضيه معهم معنى ثمين، عرفت أن كونى محبوبا أهم بكثير من كونى أى شيء آخر على الاطلاق.

عرفت أن مدح الناس لي هبة وهدية يومية يرسلها لى ربى كي ابتسم. عرف ان ابتسامتى فى وجوه الناس تُصفى قلبى من أي شر، وعرفت أن مجاراتى للبعض فى غير ما أحب يجعلنى أحب نفسي أكثر، وعرفت أن التعاون ومساعدة زملائي ملكة فنية لا يدرك قيمتها الكثيرون.

عرفت أن دموعى التى أعانيها ليلا لن تمسحها إلا يداي، وعرفت أننى كلما ضحيت بما معي إعاد الله لي ما كان كما كان بل وأكثر وعرفت أنا ما لدي من مال هو مجرد ورق لا يشترى سوى السلع التى تبور وعرفت أن سعادتى ستكلفنى أموالا طائلة وفى النهاية لن تتحقق إلا بالرضا.

العمل جعلني أدرك معاني لم أكن أفهمها

جعلنى عملى _الذي أكثرت الحديث عن عدم حبى له_ أدرك معانى وقيم لم أكن افهمها، رأيت بشر من طين مثلنا تماما لكنهم فى الأصل أنقى من الماء وأصفى من اللبن نوع من البشر لن يتكرر كثيرا فى الدنيا، هم ربما لا يملكون مثلنا مناصب وشهادات وسيارات وأموال يبدوا عليهم أنهم أقل قدرا منا ولكنهم والله أرفع وأعز ورغم قلة ما لديهم لكن نفسوهم أعز بكثيرا منا، فهم ليسوا عبيدا للمال.

عرفت أن السنة التى تحوى داخلها ١٢ شهر لم تعد تمر عليا سنة وإنما أقل بكثير، ورغم أن هذا يجعل يوم ميلادى يأتى أكثر من مرة فى العام إلا أنها مزحة لطيفة، وعرفت أن السند فى العمل يعطينى شعورا رائعا بالأمان فتصبح حياة عملى هادئة ولذيذة، وتيقنت أن مكانى لم يكن حلمى من قبل ولكنه هدية عظيمة من السميع القدير.

عرفت وعرفت وعرفت وربما سئمت حتى تعلمت وفهمت أن فى باطن الأمر شيئا مختلف، أجمل من الظاهر لما فيه من براءة ونقاء وبساطة، فلتدركوا قيمة ما تفعلوا حتى تحبوا ما سخرنا الله فيه.

فيديو مقال لم أكن أعرف وعرفت

أضف تعليقك هنا

إيمان النفيلي

إيمان النفيلي
كاتبة حرة، باحثة في مجال اقتصاديات السعادة ومدربة بالنقابة العامة لمدربي التنمية البشرية.