حقيقة وحكمة تخاصم أهل النار

تعددت الأيات القرأنية في الكتاب الحكيم التي ذكرت أحوال أهل النار – نجانا الله وإياكم منها – بداية من حسابهم ثم حشرهم وسوقهم إلى جهنم ، ولحظة رؤيتهم لها ورؤيتها لهم ، ثم دخولهم  فيها وما يتبع ذلك من صنوف وألوان العذاب داخلها. 

ولكن العجيب أن هناك العديد من الأيات التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن أهل  النار يتحدثون ويتجادلون ويتخاصمون ومنها قوله تعالى

{هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالو النار (59) قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار (60) قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار (61)} [ص : 59-61]

جدال و تخاصم وحديث أهل النار أثناء تلقيهم كل أنواع العذاب

في الحقيقة فقد توقفت كثيراً عند تحدث وتخاصم أهل النار، وكيف تتاح لهم إمكانية هذا الحديث بهذه الكيفية وهم يعذبون في النار أشد العذاب، ذلك العذاب الذي لا يطيقه بشر، فكيف يمكن لأهل النار – أعاذنا الله وإياكم منها – أن يجدوا الفرصة والمساحة الزمنية والنفسية لهذا الحديث والتخاصم والتجادل.

وفي هذا المقال أنقل لكم خلاصة ما توصلت إليه، فأقول وبالله التوفيق أن نار الأخرة ولهول وشدة العذاب فيها لم تترك أي نوع من انواع العذاب إلا واشتملت عليه، كل ما يمكن أن تتخيل من أنواع العذاب الجسدي موجود في النار وبأقسى وأقصى الدرجات.

العذاب النفسي لأهل النار

إن  العذاب الجسدي لا يمكن أن يغني عن العذاب النفسي ذلك العذاب الذي يكون في بعض الأوقات أشد من العذاب الجسدي مهما بلغت شدته.
وهذا مشاهد في دنيانا ، ألا ترون كيف يدفع العذاب النفسي بعض الناس إلى أن يحرق نفسه حيا متلقيا بذلك واحد من أبشع أنواع العذاب الجسدي، فقط ليهرب من هذا العذاب النفسي.

أصناف العذاب النفسي التي يعاني منها أهل النار

وما أنبأنا النبي المصطفى عنه من أن الناس في يوم القيامة يطلبون دخول النار هروبا من شدة العذاب النفسي الناتج عن القلق والتوتر الشديدين تحت وطأة طول الانتظار قبل العرض والحساب، ولذلك كان حتما أن توجد صنوف العذاب النفسي وبقوة ضمن عذاب النار، وذلك من خلال عذابات الحسرة والندم والقلق والتوتر والإهانة والذل وخلافه،ولما كان مثل هذا العذاب النفسي لا يمكن أن يتأتى بصورته الكاملة وسط خضم هذا العذاب الجسدي الأليم، لذلك كتب على أهل النار أن يكون عذابهم الجسدي غير متصل، بل إنهم أقرب ما يكونون إلى السجناء والنار هي أقرب ما تكون إلى السجن الكبير الذي يحتوي على العديد من الزنازين (جمع زنزانة وهو مكان الحبس) وفي هذه الزنازين التي تختلف أسمائها ، وتتنوع وسائل العذاب بها يكون تلقى أصناف العذاب المختلفة.

تخاصم وجدال أهل النار واستغاثتهم من شدة العذاب النفسي والجسدي

وفي ساحة هذا السجن الكبير (النار) يخرج هؤلاء السجناء من المعذبين فتتاح لهم إمكانية الحديث والتجادل والتخاصم،بل ويبدؤن في البحث عن الطعام والشراب والظل فلا يجدوا إلا مزيداً من العذاب الجسدي والنفسي، فيحاولون الهروب من هذا السجن فلا يستطيعون ويحاولون الاستنجاد والاستغاثة بأصحاب النار من الملائكة الكرام فلا يتلقون إلا اللوم والتقريع والإهانة.
وهكذا تستمر تلك الحياة الأليمة في تقلب بين أشد صنوف وأنواع العذابات الجسدية والنفسية إلى أن يشاء الله.

أعاذنا الله وإياكم من ذلك، و أكرمنا برحمته بأن يزحزحنا عن هذا العذاب المهين ويدخلنا إلى جنته، ويكتب لنا الفوز بمغفرته ورضاه.

فيديو مقال حقيقة وحكمة تخاصم أهل النار

أضف تعليقك هنا

د. أحمد حسنين

خبير إدارة المشروعات واستشاري الادارة الاستراتيجية ،باحث في مجال العلوم الإدارية والتنمية البشرية ،كاتب ومفكر استراتيجي ، له العديد من المقالات والمؤلفات .