يُقرَأ اسمُها (هدى حسين).. ويُستشعر تربيةٌ تسري في الوتين!

“اغرس قيمة، تبني أجيال” جملة عميقة، ذات معنى سامٍ، ويتخللها مسؤوليات عديدة لا يحتملها إلا مَن كان أهلًا لها.. جملة تعيدنا لـ ذكريات ٢٠١٧ حين أقدمت أيقونة مسرح الطفل (هدى حسين) على خطوة غير مسبوقة بـ ترشّحها لـ تكون أحد “صُنّاع الأمل” في العالم العربي تحت ذاك العنوان الذي لم يكن مجرد شعارًا رنّانًا، بل حقيقة يستشعرها كل من عَرِفَ (هدى).

هدى حسين والفن

مع مرور السنين، واختلاف الرسائل، وتعدد الدروس.. بَقِيَت الموهوبة فطريًا موالية لـ مبادئها، مُتمسّكة بـ قِيَمها، صادقة في كلماتها، ولطالما أوفَت بـ وعودها التي اتخذتها منهجًا في حياتها وكل أعمالها الموجّهة لـ كل شرائح المجتمع.

استطاعت (هدى حسين) أن تتلوّن بـ دور الصديقة، الأخت الكُبرى، الأم، والحبيبة القريبة لقلب كل مَن جالسها أو حتى عَرِفَ جانبًا يسيرًا من شخصها، الذي دخل بيوت الخليج منذ نعومة أظفارها وحتى يومنا هذا .. شخصها الذي لم يأتِ بمثله الزمن، ولم يستطع تكراره الدهر، ولن يتمكّن مِن استبداله أحد من ذُريّة آدم.

المسرح؛ أرض العجائب الخاصة بـ (هدى) التي تسحر كل من يدخلها بـ موسيقاها، مواعظها، صدقها، عفويتها، وتفرّدها بـ أسلوبها عن بقية الخشبات .. كَوّن التراب السحري في موسم عيد ٢٠١٩ مسرحية  “سحيلة أم الخلاجين” التي احتوَت  -بلا مُبالغة- كل الأعمار لـ جمالية الديكور، انسيابية مفردات مهندس الكلمة (عبداللطيف البناي)، لمسات الأستاذة (نجاة حسين) التي غمرت الخشبة، تنوّع الألحان، وخِفة القصة -رغم ثِقَل معانيها-، وبراعة (هدى حسين) المُنقطعة النظير التي امتزجت بـ صوتها الذي داعب بـ عذوبته قلوب الحاضرين بين الحين والآخر.

“سحيلة أم الخلاجين” عرض مُتكامل احتوى على عناصر وقصص مُتعددة تمكَّن كُل مَن جسّدها مِن تأدية الدور على أتم وجه.. كما أنه مليء بـ الحِكَم، المبادئ، وأساليب الحياة التي يجب اتباعها والتمسّك بها في زمن أغدق مسارح الطفل بـ الإستعراضات وفرّغه من معناه وهدفه الحقيقي.. عَرّجت “سحيلة” على عدة حِكَم من خلال لوحاتها المختلفة.. بعض تلك الحِكَم كانت تحث على العزّة، الكرامة، الجد والكد والتعب من أجل تحقيق الأحلام، وعدم التنكّر وجحد الماضي حتى وإن كان بسيطًا لا يرقى لـ ذائقة المجتمع السطحية المُغترّة بـ الشكليات والكماليات، كما أن العرض كان مليئًا بـ حب متبادل بين (هدى) وكل مَن حضر لها؛ التفاعل بين الأطفال وشخصيات القصة، والتجاوب من الكبار مع سَير الأحداث كان مُبهرًا، إلا أنهما ليسا بـ مُستَغربَين عن جمهور تغذّى على الوفاء.

دعت (هدى) مُحبيها لـ يكونوا جِبالًا في قوتهم، صلابتهم، ثباتهم، وتحمّلهم لـ كل المصاعب التي قد تعصف بهم خلال مُتغيرات الحياة .. مُتناسية أن أخلاقيات جمهورها مُستشفّة من تربيتها، ومحفوظة في قلوبهم بـ صوتها، وحاضرة في عقولهم كُلّما مرّوا بـ أحداث تشابه أحداث عالجتها عبر مسرحها.

قالوا قديمًا أن “الناس لـ الناس، والكل بـ الله”، ونقول اليوم “المسارح لـ الجميع، و (هدى) واحدة” .. فـ ما يربط (هدى حسين) بـ جمهورها قصة تستحق أن تُصنّف ضمن حكايا “ألف ليلة وليلة”!

فيديو مقال يُقرَأ اسمُها (هدى حسين).. ويُستشعر تربيةٌ تسري في الوتين!

 

أضف تعليقك هنا