تعرّف على حكم زراعة الشعر

التزيين والتجميل

يتضح بين الناس أن حب التزين ومحاولة إصلاح ما يعاب به المرء أمر فطري أقرته الشريعة في العديد من المواقف، ففي حديث الثلاثة الذين أوَوْا إلى الغار: «وَأَتَى -أي المَلَكُ- الأَقْرَعَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: شَـعَرٌ حسَـنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا، قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ، وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا» أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وفي السنة الشريفة الحديث الذي أخرجه أبو داود عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ: “أَنَّ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ رضي الله عنه قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ”.

وأخرجه الترمذي وقال: [هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ … وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ شَدُّوا أَسْنَانَهُمْ بِالذَّهَبِ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لَهُمْ] اهـ.
وهو حجة في هذا الباب، وقد اعتمد عليه الكثيرين في فتاواهم، وحسب أحد أطباء مشفى فيرا كلينيك فإن زراعة الشعر فهي عبارة عن عملية تجميلية حديثة يقوم فيها الطبيب بأخذ بصيلات الشعر من المنطقة السليمة من فروة الرأس ليغرسها في المناطق المصابة بالصلع حتى تنمو من جديد.

وزرع الشعر له حالات:

  • أولا

    •  زراعة الشعر لنفس الشخص المنتفع:

      • وحكمه أنه يجوز،  فالإنسان له أن يأخذ من نفسه لنفسه مقدمًا المصلحة الراجحة له، ويشبه العلماء هذا بمن هو معرض لأن يصاب وجهه بأداة ما، فمن حقه أن يزيح الأذى عن وجه بيده حتى لو ستصاب يده، فإن كان الأمر كذلك فنزع الشعر من بعض الأماكن من الجسد لوضعها في مكان آخر من البدن جائزٌ أيضًا.
    • قد صدر عن مجلس الفقه الإسلامي -التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة- قرارات؛ منها:

      • ” أنه يجوز نقل العضو من مكان من جسم الإنسان إلى مكان آخر من جسمه، مع ضرورة التأكد من أن المنافع المتوقعة من هذه العملية أرجح من الضرر المترتب عليها، بشرط أن يكون ذلك لإيجاد عضو قد فقد، أو لإعادة شكله، أو وظيفته المعهودة له، أو لإصلاح عيب فيه، أو إزالة دمامة تسبب للشخص أذًى نفسيًّا أو عضويًّا. نقلًا عن “أحكام الشعر” (ص: 184).
  •  ثانيًا

    • زراعة الشعر من غير المنتفع به أي من شخص آخر:

      • وهو جائزٌ أيضًا على قول من قال بجواز الانتفاع بشعر الآدمي، وهو مذهب محمد بن الحسن، قال الحافظ العيني الحنفي في “البناية شرح الهداية” (8/ 166، ط. دار الكتب العلمية): [ولا يجوز بيع شعر الإنسان ولا الانتفاع به، ولا خلاف فيه للفقهاء إلا رواية عن محمد رحمه الله يجوز الانتفاع بشعر الآدمي، استدلالًا بما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين حلق رأسه قسم شعره بين أصحابه، وكانوا يتبركون به، ولو كان نجسًا لما فعل؛ إذ النجس لا يتبرك به] اهـ.

ومما سبق يتضح:

  • يتضح أن الصورة الواضحة لنا من زراعة الشعر لا تندرج تحت في الوصل الذي ورد النهي عنه في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَعَنَ اللهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ»، وقد ورد أيضًا عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم.
  • قال الحافظ العيني في “عمدة القاري” (19/ 226، ط. دار إحياء التراث العربي): [الواصلة هي التي تصل شعرها بشعر آخر تكثره به، وهي الفاعلة، والمستوصلة هي الطالبة] اهـ.
  • وبذلك فإن زراعة الشعر لا يأخذ نفس حكم الوصل؛ فهو لا يشبهه لغةً ولا شرعًان كما أن في الراجح عندنا من أن سبب النهي عن الوصل التدليس، كما هو مذهب الشافعية ومن وافقهم، فإن قيل: فهذا تدليس.

الوصل وزراعة الشعر

الوصل يخالف زراعة الشعر، فوصل الشعر يكون فيه الشعر الموصول يغطي ويدارى الشعر الأصلي، أما زراعة الشعر، فيكون الشعر المزروع ملك الفرد تمامًا كزراعة أحد الأعضاء وبالتالي يختلف الحكم.

والخلاصة

فإن عملية زراعة الشعر إذا كانت تدوم نتائجها كالشعر العادي فهو جائزٌ ولا يُعَدُّ غشًّا ولا خداعًا، أما إذا كان ينبت بصورة مؤقتة ثم يزول، فحكمه حكم الباروكة: إن قُصد بها التدليس والغش في الخِطبة مثلًا، أو قصد به فتنة الآخر للوقوع في الإثم، فهو حرام، أما إذا لم يقصد شيئًا من ذلك فليس حرامًا.

فيديو مقال تعرّف على حكم زراعة الشعر

أضف تعليقك هنا