نظريات التطور الإنساني

الحديث عن نظرية داروين وما اعتمد عليه علماء التطور الإنساني في أبحاثهم

انطلقت هذه النظريات بالنظرية الداروينية التي أطلقها داروين في القرن التاسع عشر والتي حاول من خلالها أن يرجع أصل الإنسان إلى نوع من القردة الإفريقية، وقد استند علماء التطور الإنساني في أبحاثهم على المكتشفات و اللقى الأثرية التي تبين تحركات الجماعات الأولى والتي يعتقدون بانحدار الجنس البشري منها.
ومن بين هذه المكتشفات عظام وجماجم وهياكل عظمية وغير ذلك تعود لأزمنة غابرة تصل لآلاف السنين ، فحاول هؤلاء العلماء جاهدين ربط تلك المستحاثات بالإنسان المعاصر فوقعوا في نفس الغلط الذي وقع فيه أستاذهم داروين.

ملخص موجز لبعض نظريات التطور الإنساني (نظرية داروين)

وملخص هذه النظريات وبشكل موجز أنها جعلت بداية الإنسان عبارة عن كائن يشبه القرد ويمشي على أربعة أرجل، ثم تطور نتيجة تحولات بيولوجية في جسمه ودماغه وتحولات تتعلق بسلوكه الاجتماعي والفردي، فصار يمشي على رجليه مع انحناء كبير في العمود الفقري وبدأ يشكل جماعات متحدة ثم تطور حتى صار يمشي منتصباً وبدأ بتكوين العلاقات الاجتماعية ثم وصل أخيراً إلى مرحلة الإنسان المفكر.

وبدأت سلسلة التطور المزعومة بنوع من القردة يدعى (African Apes) وهو نوع منقرض من القردة الإفريقية، فحاولوا دراسة تطوره بيولوجياً واجتماعياً فانتهى بهم الأمر إلى أنه بدأ حياة اجتماعية بعد الحياة الفردية فوصلوا إلى الحلقة الني تدعى (Homindai) ، ثم أتى بعد ذلك الكائن ذو القدمين (Bipedalism) الذي حمل تطورات تتعلق بالعمود الفقري ثم حدث بعد ذلك تطور في الجسم بحيث صار كبيراً وكذلك الأمر بالنسبة للدماغ.
وبحسب زعمهم فإن ذلك الكائن كان قادراً على عبور المياه سباحة والتي لا يستطيع الإنسان المعاصر أن يعبرها وافترضوا نتيجةً لذلك انتشار هذا الكائن في استراليا بعد مغادرته إفريقيا.

مجموعات الإنسان بناءً على دراسة المستحاثات المكتشفة

وبناء على دراسة هذه المستحاثات ميزوا بين ثلاث مجموعات للإنسان القديم والذي يعد بحسب زعمهم سلفنا المباشر :

  •  المجموعة الأولى   (Ardipithecus).
  •  المجموعة الثانية (Australopithecus).
  •  المجموعة الثالثة   (Paranthropus).

وقد اكتشفت مستحاثات المجموعات الثلاث في كينيا وأثيوبيا وجنوب إفريقيا واستراليا والتي تعود بحسب زعمهم لحوالي 4 مليون سنة، واستمر تطور هذا الكائن لحوالي 600 ألف سنة مضت حيث ظهر النوع المسمى (Homo Heidelbergensis)، أي إنسان هيدلبيرحينزس نسبة إلى الفك العظمي المكتشف في ألمانيا والذي وجدت مستحاثاته في إفريقيا وأوروبا والصين.

مستحاثات ما يسمى إنسان النياندرتال (Neanderthal Man)

ثم ظهرت مستحاثات ما يسمى بإنسان النياندرتال (Neanderthal Man) والتي اكتشفت في إفريقيا وأوروبا وغرب آسيا والتي تعود بدورها بحسب زعمهم إلى 300 ألف سنة مضت ، وعند إنسان النياندرتال تنقطع سلسلة تطور الإنسان القديم وهنا الإشكال الذي وقع فيه علماء التطور الإنساني.

فالأبحاث الحديثة أثبتت أن الإنسان الحديث (Modern Man) لا يرتبط بإنسان النياندرتال وبالتالي بالأنواع التي تسبقه وهذا الموضوع ما يزال محل خلاف ونقاش حادين، وقد رأى بعض العلماء أن العلامات البارزة لإنسان النياندرتال المتأخر كالرأس المنحدر وتقاطع الحاجبين الكثيف والوجه الطويل المملوء بالأنف، وكل ذلك لا يعني أن يكون السلف المباشر للإنسان الحديث.

الملاحظات على النظريات المتعلقة بتطور البشرية

  • نلاحظ من خلال النظريات العديدة الباحثة في التطور البشري أن غالبية المستحاثات المكتشفة أو التي أُخذت بعين الاعتبار منشأها إما إفريقي أو أوروبي وأحياناً صيني بدرجة أقل بينما مستحاثات غرب آسيا التي لا تقل أهمية عن باقي المستحاثات بل تفوقها أهمية لم تولَ الدراسة اللازمة من قبل علماء التطور ، فهؤلاء العلماء يلتفتون سريعاً لدراسة المستحاثات المكتشفة في إفريقيا وأوروبا واستراليا ويشيحون بوجههم عن المستحاثات الموجودة في الغرب الآسيوي أي في الجزيرة العربية والشام والعراق والأناضول.
  • أما الملاحظة الأخرى فنرى أنهم يحاولون إعادة تاريخ هذه المستحاثات لأزمنة غابرة تصل أحياناً لملايين السنين معتمدين في ذلك على دراسة الكربون المشع، والتي إلى الآن لم يجزم العلم بصحتها بشكل تام ومطلق، وهم لما يرجعون تاريخ المستحاثات يعطون لذلك رقماً تقريبياً يتأرجح ماراً بمئات الآلاف من السنين فتجد عندهم عبارات تنص أن هذه العظام تعود لحوالي 4-5 مليون عام فهنا نطاق التأرجح مليون عام وهذا يدل دلالة واضحة على تخبط هؤلاء العلماء في تقديراتهم.

وبالإضافة لما سبق فإن الدراسات التي أجُريت على العظام المكتشفة أثبتت أنها تختلف جذرياً عن عظام الإنسان ولا يمكن أن تكون عظاماً لكائن يمكن عدّه سلفاً لنا ، كما أن أبحاث الحمض النووي (DNA) لم تعطنا إلى الآن جواباً شافياً حول إمكانية ربط الإنسان الحديث بإنسان النياندرتال .

أسباب نشوء نظريات التطور البشري

ونظريات التطور البشري نظريات واهية لا تعدو أن تكون محض افتراضات مبنية على تقديرات خاطئة وذلك باعتراف علماءها أنفسهم ، ويمكننا إجمال سبب نشوء هذه النظريات لسببين رئيسيين :

السبب الأول: العداء بين العلم والدين

العداوة المستحكمة التي نشأت بين العلم و الدين المسيحي منذ مطلع عصور النهضة الأوروبية.

الصراع بين العلم والدين المسيحي

إن عصور النهضة الأوروبية حملت في طياتها صراعاً عنيفاً بين العلم و الدين المسيحي وذلك نتيجة معاداة الكنيسة لكل ما هو جديد في العلم ويعارض تعليماتها، فالكنيسة الأوروبية في العصور الوسطى ونتيجة شعورها بالنقص أمام تعاليم الدين الإسلامي وبالأخص القرآن الكريم الذي لا يضاهيه أي كتاب سماوي أو غير سماوي في الإعجاز العلمي، كل ذلك أدى برجال الكنيسة إلى تبني نظريات علمية كانت سائدة في ذلك الأوان وتعد من المسلمات وعدوها مقدسة.

واعتبروا كل من يحيد عنها كافراً وبالأخص دوران الشمس حول الأرض واعتبار الأرض مركزاً للكون، فلما وضع علماء النهضة الأوروبية النظريات العلمية اصطدموا برجال الكنيسة مما أدى لحدوث الصراع بينهما والذي بلغ ذروته في محاكم التفتيش التي نتج عنها إعدام الآلاف من العلماء وحرق الآلاف من المجلدات.

إعتماد علماء الغرب في نظرياتهم على التجريب والتجريد ونبذ الدبن

وقد صارع علماء الدين الكنسي بكل ما أوتوا من قوة، فنبذوا الدين جانبا‌ً واعتمدوا على التجريب و التجريد الأمر الذي أدى بهم إلى الإفراط في المادية وبالتالي إنكار الألوهية لله سبحانه و تعالى وجعلها للطبيعة، ومن هنا بدأت عبادة الطبيعة في أوروبا فأصبح القول الشائع بين العلماء (أمنا الطبيعة، والطبيعة لا تسمح بذلك والقانون الطبيعي لا يتقبل ذلك ………….الخ)، واعتمد العلماء بشكل أساسي على التجريب المادي فكل ما هو محسوس يعتقدون به وما عدا ذلك غير مقبول بالنسبة لهم.

والصراع الذي بدأ في القرن السادس عشر بين العلم والدين المسيحي كانت الكفة في  بدايته ترجح لصالح الكنيسة، ولكن ما إن دخل القرن التاسع عشر حتى استسلمت الكنيسة وتركت المجال للعلماء يصولون ويجولون كما يشاءون، وفي ذروة هذا الانتصار ظهرت الداروينية وبما أن العقول الأوروبية كانت متعطشة لكل ما يخالف الاعتقادات الدينية وكانت النفوس الأوروبية منتشية بالنصر نتيجة الظروف الاستعمارية.

فإن أفكار داروين وجدت رواجاً سريعاً في صفوف الأوروبيين وبما أن القرنين التاسع عشر والعشرين حملا في طياتهما عهود الاستعمار الأوروبي للعالم الأمر الذي أدى إلى فرض أفكارهم وعلومهم وفلسفتهم، فإن هذه النظريات وجدت طريقها لغزو العالم بأكمله.

السبب الثاني: التعصب القومي الأوروبي

النظرة العنصرية الغربية المتمثلة بالتعصب القومي الأوروبي ضد كل ما هو شرقي و بالأخص فيما يتعلق بالشرق العربي الإسلامي.

محاولة علماء الغرب ضرب كافة المعتقدات الدينية للأديان السماوية

إن السبب وراء تهافت علماء الغرب على هذه النظريات ومحاولات إثباتها هو ضرب كافة المعتقدات الدينية للديانات السماوية الثلاث (الإسلام والمسيحية واليهودية) وكل ذلك لأن منشأ هذه الديانات شرقي انطلق من المشرق العربي الإسلامي (من بلاد الشام والحجاز ومصر والعراق)،

وهم نتيجة تعصبهم كرهوا أن يكون الفضل للشرق العربي الإسلامي في ذلك فحاولوا جاهدين إبعاد أصل الإنسان وكيف تطور ووصل لحضارات راقية عن مركزه الحقيقي وهو المشرق العربي الإسلامي، والاتجاه به صوب إفريقيا التي ما تزال تعيش إلى الآن التخلف، أو يحاولون ربط ذلك بالإنسان الأوروبي القديم الذي إلى وقت متأخر كان همجياً يأكل لحوم البشر كما يشير إلى ذلك ول ديورانت في قصة الحضارة حيث يذكر أن بعض الأوروبيين حتى القرن العاشر كانوا ما يزالون يأكلون لحوم البشر.

حقد الغرب على الحضارة الإسلامية

كل ذلك ناتج عن حقدهم على الشرق وتعصبهم لقومياتهم وفي ذلك يقول أحدهم وهو البروفسور الألماني أترني: ( لأي شيء يدرس أولادنا تاريخ أمة أجنبية ولماذا يقص عليهم قصص ابراهيم و إسحاق ؟ ينبغي أن يكون إلهنا ألمانياً).

فالنقص الذي كان يشعر به الغرب حيال الشرق وحضارته المغرقة في القدم أدى إلى تضاعف حقدهم على هذا الجزء من العالم، فما أن ظهرت هذه النظريات ووجدوا بعض العظام هنا وهناك، حتى وجدوا ضالتهم في محاولتهم نزع الفضل عن الشرق في نشوء تلك الحضارات، فحاولوا بكل ما أوتوا من وسائل علمية وغير علمية إثبات هذه النظريات ليخلصوا في النهاية إلى أن الشرق لم يكن في يوماً من الأيام مهداً للحضارات بل كان ملتقى حضارات فقط.

فيديو مقال نظريات التطور الإنساني

أضف تعليقك هنا