قوة العطاء…

يقول عظيم جمال وهارفي ماكينون في كتابهما قوة العطاء بأنه أظهرت إحدى الدراسات بأن الأشخاص الذين يمارسون قدراً كبيراً من الإيثار – أي تفضيل الآخرين على أنفسهم – يتمتعون بتدفق كمية أكبر من الإندروفين، وهذه الكمية يمكن أن تعطي دفعة للجهاز المناعي، الأمر الذي يساعده على التعافي سريعاً من العمليات الجراحية ويقلل من الشعور بالأرق وعدم الارتياح.

منبع الشعور بالراحة النفسية

وتمكن العلماء أيضاً بفضل تكنولوجيا المسح الضوئي الحديثة للمخ من اكتشاف دليل على أن البشر مبرمجون على العناية ببعضهم البعض وتقديم يد العون لبعضهم البعض، وإن الشعور بالراحة النفسية منبعه الأساسي سخاء الروح والأفعال، ويعبر بيروفيروتشي عن العطاء فيقول أن نكون عطوفي القلب هو أقصر الطرق لكي نصل إلى ما نصبو إليه.

لماذا ينبغي علينا العطاء؟

يعود عليك العطاء بالعديد من الفوائد منها أنه يمكن أن يحقق فارقاً إيجابياً للآخرين، وهناك فائدة عاطفية وبدنية وأيضاً مالية ستعود عليك، ويمكن أن يساعدك للوصول إلى كامل طاقاتك وقدراتك، ويمكن أن يعطي لحياتك معنى أكبر وإشباعاً وسعادة أكثر.

فكر في هذه الإحصاءات:

واحد من كل أربعة أشخاص في العالم يموت جوعاً، واحد ونصف بليون شخص في العالم لا ينعمون بقدر كاف من المياه النقية، يعاني عشرين مليون شخص في العالم على الأقل من ويلات الحروب، والاعتقال، والتعذيب، يموت طفل كل بضع ثوان من أمراض يمكن الوقاية منها، سبع سكان العالم يعانون الأمية، يتعرض ثلاثة ملايين شخص في الولايات المتحدة، أغنى دولة في العالم، إلى التشرد سنوياً.

بعض فوائد العطاء

ومن فوائد العطاء هي أن تكسب علاقات جديدة، والشعور بالأمان، والحصول على وظائف، والتمتع بصحة جيدة، والشعور بالقوة والفخر والإنجاز، والسعادة، والسلام والحب.

وإن العمل بشكل تطوعي من شأنه أن يقوي جهازك المناعي، ويقلل من معدلات الكولسترول، ويقوي من قلبك، ويقلل من فرص التعرض لآلام الصدر، وبصفة عامة يقلل من الشعور بالإجهاد.

وقد قال الرومي فأبلغ حيث قال إن رجلاً مر بجوار شحاذ سائلاً لماذا يا إلهي، لا تفعل شيئاً من أجل هؤلاء الأشخاص؟ فرد الشحاذ قائلاً بل إنه قد فعل، لقد خلقك.

ماقاله بعض العلماء والمفكرين عن العطاء

فالعطاء يظهر قوانا الداخلية ويبرزها.
وكما قال غاندي بأنه لكي تجد نفسك عليك أن تنساها في خدمة الآخرين.

فالكثير من بذل الذات يعني الكثير من اكتشافها.
وكما يقول كورنيل ويست بأن الحياة الثرية تعني في جوهرها خدمة الآخرين، ومحاولة ترك العالم على حال أفضل مما وجدته عليه.

وكما يقول الرافعي بأنك إن لم تزد على الحياة شيئاً كنت أنت الزائد عليها.
وكما قال غاندي ذات مرة أن هناك دائماً ما يكفي للمحتاج، ولكن ليس هناك ما يكفي مطلقاَ للطماع.
وكما يقول أوج أوندينو بأن النجاح بدون سعادة هو أسوأ أشكال الفشل.

ماذا يمكنك أن تعطي؟

ويمكنك أن تمنح وأن تعطي الحب، والضحكة، والمعرفة، والقيادة، والأمل، والحياة، والوقت، والمال، والمهارات، والصحة، والحنان، والرعاية، والنصيحة.

وكما يقول ستيفن كوفي بكتابه العادات السبع للناس الأكثر فعالية بأن الحب يحتاج إلى فعل، وليس التصرف بسلبية، وإنه يتطلب ممارسة وفعلاً.

الفن في العطاء

وكما ورد في موقع Laughs بأن الطفل يضحك مائة وخمسين مرة في اليوم، أما البالغ فيضحك في المتوسط خمس عشرة ضحكة فقط يومياً، وهذا يعني أن البالغين لا يضحكون بالكم الكافي وهذا أمر غير مضحك، ويشير بيتر بيندر من خلال كتابه القيادة من الداخل بأن كل إنسان يمتلك بذور العظمة، ولا يحتاج الأمر سوى أمرين حتى يصبح المرء قائداً، وهما تنمية المهارات الضرورية، والتغلب على أعظم عائق وهو الخوف، وتكمن قيمة القائد في العثور على القيم الكامنة داخل الآخرين.

وكما قال ويليام وارد بأن المعلم العادي ينقل المعلومة، والمعلم الجيد يفسرها، والمعلم المتفوق يظهرها، أما المعلم الرائع فيكون مصدراً للإلهام، وإن سر النصيحة السديدة هو أن تفهم ظروف الشخص الذي تنصحه ودوافعه ومشاعره، وحينها سيكون من المرجح أن تلقى نصيحتك كل التقدير.

العطاء إلى النفس

وأنت في مقدورك العطاء إلى نفسك، وأسرتك، ومجتمعك، والمؤسسات غير الهادفة للربح، وكوكب الأرض بأسره، وكما تقول المقولة فالأقربون أولى بالمعروف، وفاقد الشيء لا يعطيه، فالعطاء للنفس ضروري، فالحب يبدأ بك أنت، ومن لا يحب نفسه لا يحب الآخرين، ومن لا يقدر نفسه لا يقدر الآخرين، وعليك أن تصغي لصوتك الداخلي، أو ما يسميه علماء النفس بحديث الذات، وامنح نفسك وقتاً للراحة، وكن رحيماً بنفسك.

العطاء في الأسرة

وعطاؤك في أسرتك، وأعظم كرم في الأسرة هو الكرامة، فليس هناك ما يسمى بالكرامة داخل الأسرة.
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي” أخرجه الترمذي.

ومن بين الأشياء العجيبة التي توصل إليها جون جوتمان أحد رواد العمل البحثي في مجال الحياة الزوجية، هي نسبة التوازن التي يمكن أن تساعد في نجاح زواجك مساعدة كبيرة، وهي أن تذكر لشريكك خمسة أشياء إيجابية في مقابل شيء واحد سلبي، فإن فرص نجاح واستمرار زواجكما كبيرة.

العطاء للمجتمع وللعالم

وعلينا أيضاً المسؤولية المجتمعية، والمبادرات التطوعية في المجتمع، والعطاء على مستوى العالم.

فها هو الشيخ عبد الرحمن السميط الذي بلغت إنجازاته الخيرية ما يتجاوز إنجازات الدول، فقط اعتنق على يده الإسلام ما يقرب من 11 مليون من الأفارقة، وقد دعم 9500 من الأيتام، وقام بتمويل 95000 طالب، وبنى 5700 مسجد، وأنشأ 200 مركز لتدريب النساء، وأنشأ 860 مدرسة، و4 جامعات، و102 مراكز إسلامية، و9500 من الآبار، وطبع 51 مليون من المصاحف وقام بتوزيعها، رحم الله الشيخ عبد الرحمن السميط.

وكما يقول خليل جبران إن من يعيش في القلوب يستحيل أن يموت.

كيف تتمكن من العطاء بشكل صحيح؟

وكما يقول روبرت سكولر بأنه ما الذي ستحاول القيام به إذا علمت أنك لن تفشل؟
فامنح باحترام.
وكما يقول خليل جبران بأن الرياح لا تهب على البلوط العملاق بصورة ألطف مما تهب بها على أصغر ورقة شجر.
وعليك العطاء بتواضع.
وكما قال أفلاطون بأنه كن عطوفاً، فكل شخص يعيش في معركة قاسية.
وامنح دون قيد أو شرط.

وكما يقول رالف إيمرسون بأنه من أجمل تعويضات هذه الحياة أنه لا يمكن لأحد مساعدة شخص آخر دون أن يساعد نفسه.

متى يمكنك العطاء؟

والإجابة الموجزة على هذا السؤال هو اليوم، فالعطاء في وقت الشدة.
كما قال خليل جبران أن الشخص الذي تسبب لك في الجرح قد يكون مجروحاً هو الآخر، وربما مع عطفك هذا سوف ينتهي هذا الجرح.

وعش حياة بسيطة.
وكما قال سقراط بأن الحياة التي لم تجربها لا تستحق العيش فيها.
فللعطاء قوة جبارة، فتعلم فن العطاء وتمتع بقوة العطاء، لتبدأ منك ومن المركز، ثم تشع على المحيط وعلى الآخرين.

فيديو مقال قوة العطاء…

أضف تعليقك هنا