بقلم: إبراهيم جلال أحمد فضلون
التحديات والأزمات التي تواجه النظام الإقليمي العربي
الأزمات أثقلت كاهل الحدود العربية، بكُلفة أولها إنساني وأوسطها اقتصادي وأخرها (عربي عربي) يفُوق التصور، وفي محيط عالمه دول تواصل مشاريعها التوسعية في حدودها (بسوريا والعراق ولبنان وفلسطين، واليمن، وليبيا)، من تركيا وإيران إلى إسرائيل، وصولاً لاقترب العالم من حوله إلى حرب عالمية هوجاء بلا عقل (نووي) نتيجة الغزو الروسي لجارته الأوربية أوكرانيا. وبالتالي نرى المشرق العربي يعاني احتلال الصهاينة لأرض فلسطين في حُرقة وقهر أمام الملأ من العالم، كقضية مركزية، أحاطها التهديد الإيراني من شرقه، لتتأزم أمورها وتختلط أوراقها في شمال أفريقيا ومغربه العربي لتزداد الأزمة الليبية اشتعالاً، وتتدهور علاقات الجارتين الشقيقتين (الجزائرية – المغربية) إلى أسوأ حالاتها، لتتعمق بأوسط أزماتها قضية المياه بسد النهضة الإثيوبي وصراعه المفتوح بين مُثلث أبناء النيل فيه (إثيوبيا ومصر والسودان)، وجوارهما يغرق الصومال في مزيد من الرمال الدموية المُتحركة بعالم من الإرهاب والجماعات المُتطرفة، كل ذلك الدمار سببهُ العقليات التي تتعامل بمنطق (نفسي نفسي)، مما جعل كثيراً من المراقبين ينعون الجامعة وعدم جدواها في ظروف صعبة ومعقدة.
حيثُ يواجه النظام الإقليمي العربي تحديات بنيوية تكاد تفرغه من مضامين هويته القومية، كصراع مضيفة “قمة الجزائر التي” لم تتطرق إلي الأزمة المغاربية من الأساس وسط سجال التصريحات بعد انتهاء جدول الأعمال، ورفض الوساطات من جانب الجزائر، ليفجر العداء القديم حطباً إضافياً في موقده، و قطع العلاقات الدبلوماسية وأنابيب الغاز إلى أوروبا، فكيف ستكون قمة ناجحة في ظل القطيعة رغم كونها فرصة للحوار وتهدئة الأجواء، فهل أصبحت الأزمة أكثر استعصاء بعد “لم الشمل”؟. خاصة بعدما تحركت إيران -الداعمة للإرهاب وتهديد الجيران حتى اليمن- أيضاً حيث أفهمها المغرب بدعم بوليساريو، جبهة تحرير الصحراء التي تتبناها الجزائر، لكن ما حصل كان بعيداً تماماً من الهموم والطموحات.
مبادرة “لم الشمل” في قمة الجزائر العربية
لقد شهد عالمنا العربي خطوة متقدمة على مستوى التنسيق الجاد في قمم عالمية كقمة المناخ وإطلاق المبادرات الخلاقة، وقبلها قمة العُلا لدول مجلس التعاون، وقمة جدة (العربية الأميركية) وبلورة أبعاد واتجاهات العملية السياسة العربية إقليميًا ودوليًا، لتتحول البوصلة العربية لعملها ومركز قوتها الفاعل بفضل ما وهبه الله لها نتيجة موقعه ودوره وثرواته التي نهبها العالم بالاستعمار محاولاً تكرارها، ليكون الوعي منذُ ذلك الحين بالتصدي للتحديات الإقليمية، والوقوف على الملفات الرئيسة التي تمركزت بعد القضية الفلسطينية حول كيفية التعامل العربي مع حالة الاستقطاب العالمي، لاسيما بعد غزو أوكرانيا، التي أبرزت العلاقة مع القوى الدولية الكبرى، وطرق التعامل مع نقص إمدادات الطاقة وسلاسل الغذاء نتيجة الأزمة الدولية الراهنة، مما وضع القادة العرب على المحك في قدرتهم على إصدار قرارات قابلة للتنفيذ الفوري، وهو الأمر الذي جعل هناك حاجة ملحة إلى الوحدة والتكامل العربي الشامل والتعامل مع تحولات العالم برؤى عالمية وخطط طموحة وسياسات عقلانية، ليكتسب أبعاده الفعلية لتترك “قمم الخليج” بصماتها في قمة الجزائر العربية بعنوانها “لم الشمل” بعد تأجيل طالها لـ3 سنوات، لتكون في ذكرى انطلاق ثورتها الوطنية التحررية قبل 68 عاماً، وهي تعي أنه وبلا شك، لا جدوى من استرجاع لغة بيانات بقيت من دون تنفيذ.. والتي سبقتها خلافات الجيران بتلاسُن ومشادات مغربية جزائرية حول بنود جدول الأعمال والبيان الختامي، لكن المتعارف عليه أن للضيف حق على صاحب الدار وهو اكرامه، فالجزائر لا تملك الجامعة بل ترأس الدورة الحالية، وليس من حقها إملاء المواقف على ضيوفها الأعضاء، ورفضهم وتحفظهم لكثير من الأشياء لا يعني نجاح القمة بأي شيء”..
هل ستنفذ القمة العربية قراراتها المتخذة بشأن مبادرة “لم الشمل”؟
وأخيراً: كان يفترض أن تشكل مختلف هذه الوقائع جدولاً دسماً لأعمال لم الشمل العربي، فمنذ زمن طويل ما عاد المواطن العربي يأمل كثيراً من اجتماعات قادتهم، عدا قمم واجتماعات (ذُكرت سابقا) تُعدُ من بوادر الحلول المُثلى، لما رأيناه في تنفيذ مقرراته ومبادراته بقمة شرم الشيخ والمناخ العربي العام وصولاً إلى تكريسها في الرياض موعدنا القادم لقمة الملوك والرؤساء والأمراء.. فإلي أين تذهب القمم المُقبلة؟.
بقلم: إبراهيم جلال أحمد فضلون