(الاحتِناك)

حوار رب العالمين مع إبليس اللعين

موقف واحد ذُكر في القرآن في أربعة مواضع، فيه الإجابة على سؤال حيوي ومصيري لكل إنسان ، إنه موقف حوار رب العالمين مع إبليس اللعين، لنقرأ سوياً: (حوار رب العالمين مع إبليس في القرآن الكريم ).

  1. ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧)﴾ الأعراف
  2. ﴿قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ *  إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾الحِجر
  3. ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) ﴾ الاسراء
  4. ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83)﴾ص

كيف عرف ابليس أنه سيستطيع إغواء أكثر الناس؟

والسؤال هنا كيف عرف ابليس أن سيستطيع  إغواء أكثر الناس؟ بل أقسم على ذلك “فبعزتك لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين“، وفي المقابل ربنا -سبحانه- لم يقل له لا تستطيع ،بل جاء التهديد له ولمن تبعه بجهنم وبئس المصير.والمتأمل لتاريخ البشرية، سيدرك هذه الحقيقة وهي أن أكثر أهل الأرض -تقريباً في كل زمان- هم أتباع الشيطان والقلة هم أتباع الرحمن!!

بل وصل به الأمر إلى تعبير مقزز عن طريقة تعامله مع البشر، فقد قال :” لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًاأي لأسوقنهم كما تُساقُ الدابة، فالعرب تقول حنك الدابة يحنكها: إذا شدَّ في حنكِها الأسفل حبلا ليقودها، وكم هي صورة قبيحة للإنسان وقد شُدَّ حبلٌ في عنقه ثم يُقاد منه، فمَن يرضى بتلك الصورة؟؟ لكنها وقعت وفعلها ابليس اللعين منذ زمن وإلى الآن وحتى في المستقبل، فكيف عرف أنه قادرٌ على ذلك؟

الدلائل على إغواء إبليس للناس

عند مراجعة الآيات وتدبرها يتبين أنه صرَّح بذلك وجهر به بناءاً على ركنين اثنين:

  • معرفة نفسه من حيث “التعمير” فقد حصل على العمر الطويل إلى قيام الساعة” قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ(14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ” (15) الأعراف، والثاني معرفة “قدراته” فقد أقدره الله على الإغواء ” قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي” أي أعطيتني القدرة على الإغواء.
  • معرفة خصمهفهو قد عَلِم أنّ الله خلق البشر لعبادته وصلاح الأرض، وأنّه أودع فيهم ما يُعينهم على تلك المهمة، وعلم أنه من أجل تحقيق ذلك ركَّب فيهم الشهوات وعرف مدخلها وهو “التزيين” أي التحسين، فوَّظف ذلك لتحقيق مآربه “لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ“. وأمر ثانٍ “القعود” وهو أن هذا يتطلب المواظبة والاستمرار وعدم اليأس لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ” وهذا الفعل يتضمن الملازمة، والثالث هو التنوع في التزيين من كل جهة ومن كل طريق “ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ.

الخيار لك بين أن يحتنكك الشيطان أو أن تكون عبداً للرحمن

وهكذا تمت الخُماسية الإبليسية : التعمير والقدرات والتزيين والقُعود والتنوع، وتم ما كان يسعى إليه ابليس، ليس بإضلال العباد فقط، بل بتحنيكهم وجعلهم كالبهائم يقودها إلى هلاكها وهي تبتسم، وكل هذا بقدرٍ من الله وحكمٍ يعلمها -ونعلم بعضها- .لكن الحلقة لم تكتمل فثمة فريقٌ من البشر أدرك الحقيقة بالبصر والبصيرة، وعرف الحق بالنقل والعقل، وعمِل ما أراه رب الخلق، فتعامل مع ابليس على حقيقته فاتخذه عدو، وتلك بداية الانتصار في المعركة الدائمة. فالخيار لك بين أن يحتنكك الشيطان أو أن عبداً للرحمن. (اقرأ المزيد من المقالات على موقع مقال من قسم إسلام).

فيديو مقال (الاحتِناك)

 

أضف تعليقك هنا