الطاقة المتجددة
تعد الطاقة من أهم المصادر التي تعتمد عليها الدول لنموها الاقتصادي والاجتماعي، وبخاصة الدول الصناعية وتلك التي تعاني من شتاء قارس أو صيف حار؛ لذا ازداد الطلب على الطاقة بشكل عام وعلى الطاقة المتجددة بشكل خاص في معظم الدول ولا سيما المتقدمة منها.
أنواع الطاقة المتجددة
الطاقات المتجددة هي عديدة ومتنوعة، منها من يعتمد على طاقة الشمس لإنتاج الكهرباء، للتدفئة والتبريد على السواء، ومنها من يعتمد على طاقة الهواء، قوة اندفاع الموج أو انسياب المياه في الشلالات، لكن لا بدّ من السؤال: هل كل هذه الطاقات متساوية بفاعليتها؟ هل استدامتها فعّالة تجعلنا نستثمر فيها دون سواها من الطاقات الأخرى؟
للإجابة لا بدّ من التعريف بالطاقات الأكثر استعمالاً في الوقت الراهن وبطرق عملها بمختصر مفيد، للتّمكّن من القيام بالمقارنة البناءة.
الطاقة المتجددة التي تعتمد على طاقة الشمس
إن الطاقة التي تعمل على الألواح الشمسية الفوتوفولطية من أجل تحويل طاقة الشمس إلى كهرباء، تعتمد على علم المواد وتقنية تصنيع خلايا من مواد النانوية من أجل تحسين نسبة مردوديتها بحوالي 30 إلى 40 % كأقصى حد لجيلها الثالث المتطور جداً. المتر المربع الواحد من هذه الألواح ينتج تقريباً 150 واط كهرباء. لكن هذه الطاقة إن لم تكن موصولة بشبكات الكهرباء المحلية، فهي بحاجة إلى التخزين عبر بطاريات عديدة ومكلفة جداً من أجل استعمالها في فترات الليل. إن هذه الطاقة ذات مردود جيد في منطقة الشرق الأوسط التي تتمتع بفترات شمس طويلة (تقريباً 10 ساعات يومياً و300 يوم مشمس في السنة). مؤخراً استعملت هذه الطاقة لإنارة الطرقات ليلاً. لكن بالرغم من فعاليتها في السنوات الخمس الأولى، إلا أنها أصبحت بعد ذلك خردة، لأنها احتاجت إلى الصيانة وإلى تغيير بطارياتها الغالية الثمن، التي تستهلك مع مرور الزمن.
الطاقة الشمسية الحرارية تستخدم ألواحاً معدنية أو قساطل زجاجية ذات مواصفات حرارية معينة تمكنها من امتصاص حرارة الشمس لتسخين مياه الخزان. تعتمد هذه الطاقة للاستخدام المنزلي بمعدل ثمانية أشهر في السنة بحيث تصل درجة حرارة المياه في الايام الحارة الى حوالي 90 درجة مئوية.
الطاقة المتجددة التي تعتمد على طاقة الهواء
بالنسبة للطاقة التي تستخدم قوة وسرعة الهواء فهي معتمدة في أغلبية الدول المتقدمة. إن المراوح التي يبلغ ارتفاعها 80 متراً تنتج ما يقارب 2 ميغاواط كهرباء فتغذي حوالي 2000 منزل، أي قرية صغيرة، إن الهواء المتواجد في هذا الارتفاع هو بالأغلب نشط ويساهم في حركة المراوح، لكن هذه الطاقة بحاجة إلى وصلها بشبكات التوتر العالي للحصول على مردود فعّال. إن تخزين طاقتها يتمّ عبر بطاريات مكلفة جداً وقصيرة الأمدّ. كما أن المراوح ذات الأحجام المتوسطة والصغيرة منها تعتمد بالدرجة الأولى على قوة وسرعة الهواء الذي قد لا يتوفر دائماً في معظم المناطق وعلى مدار السنة (سرعة الهواء يجب أن تصل إلى 12 متر في الثانية من أجل مردود عال).
كذلك هي الحال للطاقة البديلة التي تعتمد على قوة دفع موج البحر فإنها طاقة فصلية وغير دائمة إلا في بعض الأماكن القليلة.
الطاقة المتجددة التي تعتمد على قوة انسياب المياه
إن الطاقة البديلة التي تعتمد على قوة انسياب المياه في الشلالات عبر التوربينات والتي تقوم بدورها بتحويل قوة الانسياب إلى طاقة كهربائية، ترتكز بالدرجة الأولى على توفر كميات كبيرة ودائمة من المياه الجارية التي بالاغلب يتمّ تجميعها في السدود، وهي طاقة لا يمكن تخزينها ويجب ضخها في الشبكات الكهربائية. لكن شح المياه الذي يغلب على معظم المناطق أصبح رائجاً والطلب على المياه أضحى متزايداً.
التخزين عبر الطاقة الترمواليكتريك أو الكهروحرارية
لتجنب عملية تخزين الطاقة يجب إيجاد طاقة بديلة لا تعتمد على قوة الطبيعة من شمس، هواء، مياه وأمواج، ألا وهي الطاقة الترمواليكتريك أو الكهروحرارية. هذه الطاقة بإمكانها تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة كهربائية. إنها تعمل من خلال استعمال خلايا نانوية ذات مقباس سيبيك معين يمكّنها من تحويل الفرق بدرجات حرارة الأسطح المتوازية إلى فرق بالفولتاج الكهربائي. فكلما طورنا صناعة المادة النانوية المستعملة وحسّنا من طريقة انتاجها، رفعنا من قدرة الخلايا على إنتاج الطاقة الكهربائية من فروقات حرارية ضئيلة.
أمثلة توضح كيفية التخزين عبر الطاقة الترمواليكتريك أو الكهروحرارية
بإمكان هذه الطاقة أن تستعمل في كل الأوقات وفي مختلف الأماكن وليست بحاجة للتخزين لأن إنتاجها متواصل دون انقطاع نهاراً وليلاً وعلى مدار أيام السنة. فمثلاً، إن صنع غلاف من الخلايا النانوية الكهروحرارية للهاتف المحمول التي تستخدم الفرق الحراري المتواجد بين بروسيسور الهاتف الحار والفضاء الخارجي البارد نسبياً، تمكّن الهاتف من شحن نفسه بنفسه دون الرجوع إلى استخدام الطاقة الكهربائية. كما أن استخدام الفرق الحراري بين المياه الباردة التي تدخل إلى خزان مياه السخان الذي يعتمد على طاقة الشمس، والمياه الساخنة الخارجة منه تمكننا من تحويل الطاقة الحرارية المتواجدة في السخان إلى طاقة كهربائية، لذلك تعتبر هذه الطاقة الأفضل للاستخدام من بين الطاقات البديلة لأنها تمتاز بفترات انتاج أطول وبمردود أعلى وهي لا تتأثر بتغير الفصول، بالأماكن والأوقات.