المطالعة رياضة العقل

بقلم:  إيمان الخطابي

المطالعة هي رياضة عقلية للإنسان، فهي تمكنه من تشغيل قدراته الفكرية و هو يمارس مهمة التأمل و التحليل و المناقشة فالقراءة هي المتنفس الثاني للقارئ بعد الطبيعة، حيث تعطيه مجال الحرية في التفكير و الإبداع و إنتاج الأفكار، و فرصة لبناء آرائه الخاصة و معتقداته؛ و من خلالها يستثمر نفسه بتنمية ثقافته و ذاته، فيستطيع النقاش و بناء البراهين و الدلائل رغم الاختلاف    و الانتقاد و الاعتراض، و يستطيع تبادل المعارف و الحوار العقلاني أيضاً، كما تمنح له الأمل في الحياة.

لماذا أصبحت المطالعة جامدة في زماننا هذا؟

تعرف المطالعة نوعاً من الجمود إن صح القول؛ لأن الإنسان أصبح يميل للتكنولوجيا أكثر من ميوله للكتب الورقية فالأولى سهلت على المجتمع تحصيل المعرفة بمجرد الضغط على بضعة أزرار إلكترونية، فأصبحت علاقة الإنسان بالمطالعة تثبت لنا النفور و الملل فكيف يمكن للإنسان أن يبني علاقته بالكتاب؟ و كيف يمكن تشجيعه على المطالعة؟…

ماهي الأسباب الكامنة وراء تراجع حب المطالعة لدى جيلنا؟

تكمن مجموعة من العراقيل في عدم انتشار ثقافة المطالعة و منها: أن بعض الفئات لا تملك صوتاً و شعوراً باطنياً يحثها على المطالعة و الإشتياق لكتبها الدينية و الفلسفية و التاريخية، حيث أنها تقرأ فقط عندما تكون مجبرة على امتلاك معلومة ما لضرورة معينة، والبعض الآخر يجهل كلمة المطالعة تماماً  إذ لا يحب مجال الكتب بتاتاً فتجد اهتماماته بعيدة عن عالم القراءة، أما الفئة الأخيرة التي لا تشجع و لا تربي جيلاً يرث حب الكتب و المطالعة فهي الأسرة لأن الكثير منها لا يعزز هذه الثقافة الضرورية في تربية و تعليم الأطفال، و هذا بحد ذاته مشكل يجعلنا أمام إشكالية مستقبلية تشكل خطر الجهل لدى الأجيال الصاعدة.

كيف نغرس في جيلنا حب المطالعة؟

إن توجيه الأطفال و الشباب للمطالعة اليومية لأمر ممتع و مجهود يستحق التقدير لأن ثماره تكون جيدة، نحتاج اليوم إلى أمهات و آباء يوفرون لأبنائهم كتباً حتى يتعلمون منهم، فالأبناء يحبون تقليد الآباء في تصرفاتهم و أعمالهم،  لذلك حبذا لو نقرأ لهم صفحة كل يوم و نناقش معهم جوهر الموضوع ليشعروا بقيمة المطالعة و ليمتزون بنفوس طموحة من الطفولة، فليس من الضروري أن يقرأ الإنسان صفحات كثيرة و عدداً كبيراً من الكتب ليسمي نفسه قارئاً، إنما يحتاج الأمر إلى بناء ذلك الحب و الحافز الذي يجعله يهرب من العالم و الناس إلى الكتب رجوعاً إلى علوم الأسلاف و بحثا عن كتب ذاتية تحمل حلولاً سيكولوجية و سوسيولوجية،  وهذه المهارة تحتاج إلى التعود و الصبر و المثابرة لامتلاك هذا الشعور الجميل.

“خيرُ جليسٍ في الأنام كتابُ” فكيف نكرِّس هذا المفهوم؟

الكتاب هو الصديق الوفي للإنسان فيمده بالمعرفة و كسر الملل، إن الإهتمام بالمطالعة و الهدف منها هو ما يحدد جوانب كثيرة من شخصيتنا، ويجعلنا أكثر نضجاً و فهماً؛ و ينمي وعينا و ينير عقولنا و خيالنا فيمكننا أن نشجع الأجيال على القراءة داخل بيوتنا باقتناء عناوين مفيدة وسهلة الإستيعاب وقراءتها بشكل جماعي للتحفيز على حب المطالعة؛ وأيضاً إنشاء مجموعات لمناقشة هذه الكتب التي ستساعد على التنمية الذاتية للأفراد، وستساهم في تأسيس مجتمع قارئ يهوى امتلاك ثقافة متميزة تمنح له الوعي بالواقع و كما قال مونتسكيو: “حب المطالعة هو استبدال ساعات السأم بساعات من المتعة”.

بهذه الخطوات يمكننا أن نتغلب على مشكلة عدم الإنشغال بالمطالعة، و زيارة المكتبات و المعارض التي تمنحنا فرصة لإمتلاك كتب غير متاحة بشكل كثير، و لابد الاستهلال بقراءة عنوان و محتوى جذاب و مفيد ليمنح لك مناعة إيجابية على الإستمرار        واكتساب مهارة جديدة مع المداومة.

بقلم:  إيمان الخطابي

أضف تعليقك هنا