الموقف المصري من أزمة الخليج مع إيران

من خلال متابعتى لأزمة الاعتداء على ناقلات النفط فى خليج عُمان الأيام القليلة الماضية لاحظت أن هناك بعض السياسيين الخليجيين وخصوصا الدكتور خالد الدخيل ينتقدون عدم وضح موقف مصر تجاه ايران ويريدون منها ابداء موقف أكثر حدة يتناسق مع مواقف دولهم.

مصر ومصلحتها مع إيران

ردى عليهم وعليه بوضوح وهو مجرد رأى وجهة نظر تحتمل الصواب والخطأ ، انه مصر ليس لها مصلحة في معاداة ايران ولاهى مشتبكة معها في اشتباك مباشر في قضايا المنطقة الا في اليمن فقط وتحديدا عند مضيق باب المندب لحماية مصالحها الاستراتيجية لانه المعبر المباشر لحركة التجارة الى قناة السويس المصرية وهى ممر وشريان حيوى للاقتصاد المصرى يجب تأمينه بشكل مستمر وفعال، ثم ان دول الخليج قد جعلت من الأمن العربى عموما رهينة للأمن الخليجي والذى تحول بدوره الى رهينة للأمن الاسرائيلي بشكل غير مباشر بشكل يتناقض مع الأجندة الأمنية المصرية وأولوياتها.

إيران ومصالحها 

ايران هى العدو الأول لدول الخليج ومصالح دولها متشابكة معها في الخليج نفسه وفي عدة دول مطلة على حدودها بريا ، وبالتالى فأولوياتها هى المواجهة معها وملاحقة نشاطاتها في الاقليم كله بالتعاون القوى العظمى وبالتحديد أمريكا ومع القوى الاقليمية وبالتحديد اسرائيل ، وأما تركيا فهى العدو الأول حاليا للدولة المصرية، لأن النظام التركى بقيادة اردوغان برعايته للتنظيمات وحركات الاسلام السياسى في الشرق الأوسط يستهدف تقويض أركان النظام الجمهورى في مصر واسقاطه من خلال دعمه ورعايتها لهذه التنظيمات عن طريق جهاز مخابراته وعن طريق التمويل وعن طريق الاعلام وعن طريق استضافة بلده لأعضاء هذه التنظيمات والمصنفة انها كيانات ارهابية في معظم دول الشرق الأوسط.

موقف مصر من تركيا

وبالتالى فان أولويات المواجهة للدولة المصرية ليست الدخول أو التورط في مواجهة مع ايران لا يعرف حدودها ولا أهدافها ولا يعرف حجم المكاسب التى ستحصدها مصر من الاشتراك في مثل تلك المواجهة، بل مواجهة تركيا وذيولها من التنظيمات والكيانات الارهابية، ناهيك عن مواجهة أخرى مستقبلية في اطار الصراع على غاز المتوسط التى قطعت مصر فيه شوطا كبير لحجز مكانها على خريطة سوق الغاز عالميا من خلال السعى لتحويل مصر الى مركز عالمى لإسالة وتسويق الغاز الى مختلف دول العالم.

الشعب المصري

قد لا يدرك البعض واحتمال الأغلبية من الشعب المصرى خطورة التنظيمات والكيانات الارهابية المدعومة من تركيا وتأثيرها على مصر ، فهى تمثل مخلب قط لتركيا داخل الدولة ومخابرات تركيا وهى قوية بالمناسبة تعمل ليل نهار لاختراق أجهزة الدولة وتغيير المزاج الشعبى وتحويله ضد الدولة فى الوقت التى مازالت فيه مقاومة أجهزة الدولة ليست على المستوى المثالى الذى يستطيع صد هذا الاختراق بشكل كامل أو السيطرة عليها أو على الاقل مجابهته اعلاميا وذلك أضعف الايمان.

مصر والإستقرار الأمني والإقتصادي

مصر أولوياتها حاليا هو الحفاظ على الاستقرار الأمنى والاقتصادى وتثبيت الوضع الحالى بغض النظر عن اختلاف البعض مع طريقة ترسيخ هذا الاستقرار وتثبيته ، لكن الأهم هو عدم الانزلاق الى أى نوع من أنواع الفوضى التى يمكن ان تشكل خطر على الدولة ومستقبلها وحيث انه لا خيارات متاحة أمام القائمين على ادارة الدولة غير ذلك فى ظل حدودها المشتعلة من جميع الاتجاهات الاستراتيجية. فالوضع في ليبيا مشتعل وغير مستقر ويدور صراع اقليمى على ارضها ، الوضع في السودان غير مستقر ويدور صراع اقليمى على أرضه ، الوضع في سيناء وغزة مازال يواجهة تحديات أمنية ومواجهات مع التنظيمات الارهابية والوضع في الشمال مرشح للاشتعال على المدى البعيد اذا قررت تركيا الدخول في صراع عسكرى مع دول المتوسط على حقول الغاز.

مصر ومشاكلها وتحدياتها 

مصر لديها ما يكفيها من المشاكل والتحديات ما يجعلها تتجنب اى صراعات اقليمية لا ناقة لها فيها ولا جمل خصوصا مع ايران ودليل كلامى هو انسحاب مصر من الناتو العربى الذى كان فى الأساس موجه للتعامل مع ايران. ورأيى انه على مصر الاهتمام بما يعزز حالة الاستقرار لديها لانه هو الشيء الوحيد الذى يضمن قيام اقتصادها وتحرره بعد قرب انتهاء البرنامج الحكومى المعلن لاصلاح الاقتصاد، وان يتوقف التعاون مع دول الخليج عند حدود تنسيق المواقف سياسيا وأمنيا واقتصاديا فقط بما لا يقود الى التورط في أزمات لا نعلم لها حدودا ولا نستطيع تقدير تبعات الاشتراك فيها.

فيديو مقال الموقف المصري من أزمة الخليج مع إيران

 

أضف تعليقك هنا