ثمن الحرية

كل من نادى بالحرية لنفسه ولغيره قد عذب ونكل به أطنانا شتى من العذاب ثم ألقي بجسده خلف القضبان ليستكمل علاجه، لم يكن يخيل للإنسان الحالم بالحرية أنه قد يدفع حياته ثمنا لها، توهم في لحظة فارقة أن تكون حياته مثل الطيور التى تحلق في سلام وأمان دون أن يحدث لها مكروه، فالحرية للطيور مجالها الفضاء كله بسمائه وأرضه وبحاره وشمسه وقمره ونجومه وشهبه وجباله وتلاله وهضابه، ولكن هيهات بين الحالتين.

معاني الحرية

فالحرية تعني العدل في الأوطان وجعل الكلمة تخرج من الأفواه بكل سلاسة لا توقفها أي لجام قد يطبق على الشفاه، الحرية هي كل شيء ممكن أن يحفظ للإنسان آدميته وحقه في الكلام والعمل والفعل ورد الفعل بأصول ثابتة على اليقين والعدل والمساواة في الحقوق والواحبات والشعور بالضعفاء والمحتاجين ومحاولة المساعدة في نيل حقوقهم المشروعة.

من يرفض الحرية والعيش بكرامة وهامات مرتفعة هم فقط الأوغاد الذين يريدون أن يتحكموا في مصائر العباد ويسنون القوانين المجحفة بحقهم لجعلهم كالعبيد الأذلاء الذين لا رأي لهم سوى الطاعة العمياء وتنفيذ الأوامر دون نقاش أو جدال، كرم الله الإنسان في أبهى صورة وجعله حاكم على نفسه يفند الصواب من الخطأ ويتبع الطريق المستقيم وليس في حاجة لسيد لا يفقه شيء من أمور الدنيا أو الدين ليرشده.

ضريبة الحرية

في سبيل الحرية تمتهن النفس امتهانا وتغل اليد اجبارا وتقيد الأرجل اهتراءا، لماذا الخوف من عدو آثم ظلم وفجر وفسد وملئت البحار من آثامه وتفريطه وبيع العرض والشرف وفي النهاية غلف كل ذاك وذلك بالخيانة، صرف ملايين الصكوك لجمع السحرة والكهنة والمنافقين والمهللين والمصفقين، حياة الإنسان في عالمنا الحديث أصبحت لا تساوي ذرة تراب ومآل الإنسان في النهاية إلى تراب.

فالأكثرية من الرجال ماتوا على ظهر الحياة والأقلية الذين حاولوا تواروا عن الأنظار وفي غيابات الجب قذفوا، حتى قطرات المياه رفضوها إعلائا للعالم الحر أن يتحرك لإنقاذ إنسان قبل أن تذهب روحه سدى، سلب حرية الإنسان جريمة يعاقب عليها الأنظمة العادلة وليست الأنظمة القمعية الفاشية السادية التي تخيف البشر هنا وهناك وتنزع منه كل عزيز وغالي وتحبره على السكوت والصمت.

سلاح الخوف والتهديد

 تملك الرعب من الملايين وقلتها سابقا مرارا وتكرارا وسأقولها الآن رفض الآلاف يسهل السيطرة عليهم أم رفض الملايين لا يقدر أي نظام مهما امتلك وتحكم وسيطر وجمع مفاصل الدولة بيده أن يوقف طوفان الملايين وبراكينها التي إن تحركت سيكون أو الهاربين هو من كل يخيفكم والطائرة الجديدة جاهزة للإقلاع، وتبوأت النساء مراتب النضال والكفاح وعرضت حياتهن للخطر في سبيل التحرير لأخواتهن أو آباهن المقيدون بلا تهمة وراء الزنازين، تعرض المنادون بالحرية لمزيج من كل أنواع العذاب وبينت المعتقلات بكثرة وبسرعة منقطعة النظير من أجلهم لكي تسع المزيد والمزيد وءلك بدلا من أن تبنى المساكن لإيواء المشردين والنائمين على الأرصفة وتحت الجسور والراقدون على قضبان القطارات.

بدون الحرية لن تستقيم الأمم

أبدا لم ولن تتقدم أمة بها الآلاف من شبابها ورجالها وشيوخها وعلمائها ومفكريها ونقادها ومثقفيها وناشطيها وراء الشمس مغيبين ومنفيين ومحرومين من أبسط حقوق الإنسان، سوف يأتي علينا الزمن وبعد أن كنا نشفق على الحيوانات أن نشفق الآن على الإنسان وما آت إليه أحواله، ما هذه الشهوة القاتمة في تكميم الأفواه ومصادرة الآراء وسجن روداها بلا أدنى محاكمة عادلة، يظن ويخطىء من يجلس على كرسي القيادة ويفرح بعمل قياداته الدنيا بحق الشعوب أنه قد فاز بسوط القوة وصولجان الحديد وعليه ماتت الأفكار واندثرت ولن تقوم لها قائمة ثانية، فالتاريخ شاهد على كل الإستبدادين والديكتاتورين في العالم ذهبوا أدراج الرياح بلا رجعة، وقلبت صفحاتهم الواحد تلو الآخر وظهر الحق وبطل الباطل إن الباطل كان ذهوقا.

دور المجتمع الدولي

المنظمات الدولية سباقة في التنديد بحقوق الإنسان مع أنها هي أول من تمد يدها في يد من سلب الشعوب حقوقها وتبارك أعماله وأفعاله القذرة الدنيئة، القوي العظمى تطبق حقوق الإنسان على أراضيها حسب هواياتها ومصالحها وتعطي الفرد حقه في التعبير السلمي، أما في عالمنا الثالث والدول الفقيرة والمتخلفة لا يوجد مانع من دهس حقوق الإنسان تحت الأقدام فنحن بالنسبة لهم لا شيء يذكر، وأعدادنا كثر فليس هناك مانع من قبع الملايين في قبور السجون.

الحرية المرجوة

الحل في أيدينا نحن إذا أردنا الصلاح والإصلاح وليبدأ كل فرد بنفسه أولا، لا نريد حرية مستوردة من الخارج، ولكن نريدها حرية كاملة كما علمنا ديننا الحنيف الذي لم يترك شيء للصدفة وعلملنا من لم نكن نعلم، اللهم ذل الغمام من على أعيننا وانر بصيرتنا واشرح صدورنا واعمر قلوبنا اللهم عافنا من الوباء والإبتلاء، اللهم عليك بمن حملنا فوق طاقتنا وكسر كاحلنا، اللهم عليك بمن جار على الفقراء والمساكين وزاد من حوجتهم، اللهم فرج كرب المكروبين وفك أسر المقيدين ظلما وبهتانا، اللهم قوي لسان علمائنا وشيوخنا ليزرعوا الخير في قلبوبنا للجميع، اللهم أرنا آياتك في المنافقين والمؤيدين لكل الظالمين بلا استثناء يارب العالمين.

فيديو مقال ثمن الحرية

 

أضف تعليقك هنا