إحترس .. أخطاء تجني بها على أبناءك

ليس عليك سوى التحديق بعيني طفلك لتُدرك حجم السعادة التي ستنالها بعد بَذل الجهد والعرق لرسم الضحكات على وجهِه ، انت لا تحتاج الا ابتسامة وقبلة على الخد وضمّة قوية تشعر فيها بحاجته لحنانك لتعلم ان رسالتك الأعظم في الحياة هي صنع مستقبل افضل له ، ورغم هذا لا تدرك انك تحطمه شيئاً فشيء بتصرفاتك الغير مدروسة وقِلة إهتمامك بتفاصيل هي الأخطر على حياته ، المال لا يصنع العقول المُثقفة والتشجيع الغير ممنهج لا يبني جيلاً مقدام فلكل مقام مقال وان كان حبك لأبناءك غير مشكوك فيه فتصرفاتك وقراراتك لا تمتاز بالكمال والمثالية ولا استثني أحد من جريمة الظلم الواقع على عقول الأجيال القادمة ، سأوضح كلامي بمجموعة من الحقائق التي تراها وستنال منك أثارها :-

حقائق:

إحترس .. أخطاء تجني بها على أبناءك - عبدالفتاح عطاللهه

١- الفشل الذريع للمنظومة التعليمية التي تمنحها بنفسك الحق في كفالة طفلك لفترة اطول من التي يقضيها مع بيته ، التعليم الذي حقق المركز الأخير في إدارته وقبل الأخير في جودته.

٢- التدني الواضح في مستوى المعلمين والأخصائين المسئولين عن العناية بطفلك من بداية إلتحاقة بتلك المنظومة مما يؤثر بسلبية بشعه على تصرفاته وتفكيرة وانخفاض معدل نمو ذكاءه ، وحقيقة ان إختيار هؤلاء المعلمين يأتي عبر التوظيف الحكومي بعد إنهائهم كليات التربية التي قد يصل مجموع قبولها إلى ٧٥٪ دون إجتيازهم لإختبارات ذات معيار عالمي يضمن قدرتهم على التعامل مع أطفال في مرحلة خطرة كالحضانة و المدارس الإبتدائية في حين وضع معايير صارمة لتلك الفئة في دول أخرى.

٣- الإنحطاط الفني في شتى وسائل الإعلام ذات التأثير البليغ على الطفل في سن مبكر ، وراقب عن كثب الألفاظ التي إنتشرت بين الصبية والفتيات وشاهد كيف يطبع الفن السلبي على شخصياتهم وتصرفاتهم.

٤- إنتشار الأطفال على مواقع التواصل الإجتماعي صار أشبه بإنتشار النار في الهشيم، هل تدرك أنك تضع طفلك في منفى تام عن التواصل الإجتماعي الحقيقي الذي يحتاجه في فترة بناء شخصيته وتعلم مهارات الإتصال والنقاش، وبرغم هذا تبتاع له بنفسك ما تعلم يقيناً أضراره الجسيمة.

٥- إختفاء شبه تام للمعاير الأخلاقية والوعي الثقافي والإبداع بين أبناء هذا الجيل، لم نعد نرى النوابغ من الأطفال في شتى العلوم والفنون إلا من رحم ربي من أبناء المدارس الأجنبية ذات الجودة الممتازة.

يمكنك ان تكتكفي بتلك الأسباب الخمس لتعيد التفكير في تصرفاتك التي تكاد ان توصف بالصبيانية المشتته تجاه طفلك ، حاولت جاهداً الوصول إلى تفسير لتلك التفاقمات التي غيرت من هيئة الأجيال الصاعدة وكيفية تفكيرها وإهتماماتها وتطلعاتها التي تمثلت في أغلب الأحيان بحصد المال أو السلطة أو اللهو الغير مبرر دون أي ذكر لتحقيق إنجازات تعليمية أو فنية أو حتى رياضية ، نحن في إنتظار كارثة ، قنبلة موقوته نتابع عدادها في ضحكات تظهر شيء من الإهمال والعجز ، أردت أن أرسم مخططاً شاملاً لحياة أطفالي ولكني ادركت أن وسط تلك السموم لن أتمكن من تحقيق حلمي بسهولة وعليّ أن أخرج عن المألوف لمواجهة تحديات هي الأصعب والأشد في مسار حياتي ، جمع المال ليس رسالتنا نحن الأباء بل هي أداة ليس أكثر ، سأحاول عرض الحلول التي قررت أن أتبعها دون تراجع عند أي مرحلة ، فإن أصبت فالله الفضل وإن أخطأت فيكفيني شرف الحرب على مفسدات الفكر والنفس دون إستسلام لكلمات سلبية كالظروف وما باليد حيلة وهذا هو المتاح ولنحيا حياة من سبقونا فذلك ما إعتدنا عليه.

حلول:

١- لبيتك عليك حق

ليس في مالك فقط ، بل في صحتك وفي وقتك وفي أولوياتك ، ليس لك أن تقدم العمل على رعايتهم بإهتمام والتخاذل في مهامك كرب أسرة وإسعى دوما لتوفير الوقت كي تكون بجوارهم فهذا أثمن من جلب المال لتلبية طلباتهم ، وجودك إحتياج مهم لك ولهم ، وإهتم بصحتك ، مارس الرياضة بشكل منتظم ولا تتخاذل لتبقى على إستعداد دائم لخدمة بيتك ، إمنح نفسك فترة إسترخاء من حين لآخر حتى تتخلص من الضغوط وتباشر مهامك بمعنويات أفضل .

٢- أدق التفاصيل ، أخطر التفاصيل

إنتبه لحركاتهم ونظراتهم وإعلم توجهاتهم وطبيعة شخصيتهم وإقرأ أكثر في كتب التنشئة المتبعة عالمياً وإستشر مختصون إن إستطعت ولا تلجأ لأهل الفتوى في تفسير المشاكل وطرح الحلول الغير مجدية ، بل الضارة أحيانا ، إنتبه لألعابهم ومقتنياتهم وإمنحهم مساحة خاصة يبدعون فيها مع مراقبة أدق التفاصيل وإلتزم بتدريبهم وترقية مهاراتهم فحتى الدعابات ستغير من شخصيتهم مستقبلا ، الأمر أشبه بملح الطعام ، التفصيلة الخطيرة ، قد يصنع اللذة أو يفسدها ، فلا تجعل تصرفاتك هوجاء فقد تفسد شيئاً رائعا بهم .

إحترس .. أخطاء تجني بها على أبناءك - عبدالفتاح عطالله ٢

٣- الميديا سلاح ذو حدين

خبئ جهاز التحكم وضع أمامه ما يروق لك ولا تجعله يسبح في أخطر بحار العالم ، لقد نشأنا على حب أفلام الكارتون البريئة واللي تنعش العقل والروح بالأفكار والفنيات ولحسن حظنا فإن عالم الإنترنت منحنا مكتبات عملاقة من تلك الأفلام التي تغنينا عن متابعة التلفاز ، يمكنك أن تضيف بجوار هذا بعض البرامج التعليمية الجميلة المنتشرة على اليوتيوب وغيره ، وتوج كل هذا بقصص الوعظ الديني التي إختفت من على شاشات البث ليحل محلها الرقص والغناء ، كل تلك أشياء بسيطة للغاية لا تحتاج منك إلا الإتفاق مع زوجتك على وضع جدول لكل هذا فتتمكنا من مشاركته المشاهدة وعدم ترك فيروس الإدمان يتسلل لعقله .

٤- الصحة أثمن ما بالوجود

ضع نوعية وجودة الطعام في المقدمه ثم بعدها الطعم ، كأي شرقي تحب ما لذ وطاب من اللحم ذي الدهن والبهارات الكثيفة مع السمن ذي الرائحة الفواحة وتغوص في الطبيخ والملوخية ولا تدرك عواقب ما تفعل ، لقد مرت سنوات طويلة وتشبعت أجسادنا بكل هذا وصار العلاج صعبا ومجهد فما ذنب الطفل الصغير معنا كي يحيا نفس المعاناة ، إسأل عن نظام غذائي صحي لكم جميعاً وحذره من أكل الشوارع والمطاعم ذات شهادات الصحة الوهمية التي أفسدت بطون الملايين ، وأضف فوق هذا متابعة دائمة لصحة طفلك في مشفى موثوق (إن وجدت) ولا تبخل في البداية بالقليل فجريمة الإهمال عقوبتها الكثير والكثير ، وضع الرياضة في أولوياتك ومارسها بجواره وأشركه في النوادي الرياضية و اجعل تشجيعك المستمر دافعه القوي للتميز.

٥- إمنحه مساحته الخاصة

ضع أمامه الألعاب التي تني ذكاءه في البداية ثم اعرض عليه شتى الفنون من رسم وموسيقى وتجميع وتركيب وتشكيل وتلوين وما إلى ذلك من المواهب الجميلة ثم إتركه يختار ويجرب هذا وذاك وقم بتشجيعه على تطوير مهاراته وأعرضه على من يفيده و يوجهه وإن صعب الأمر عليك فالإنترنت مليء بالمواقع المتخصصة في تعليم كل شيء وتنتظر منك ضغطات البحث كي تصل إليها .

٦- حارب الدروس الخصوصية

تلك هي النقطة الأخيرة والخطيرة ، تلك هي النقطة التي أضاعت أجيالا وقتلت عقولاً كان من الممكن أن تصنع تغييراً شاملاً في شكل بلادنا ، فشل التعليم وتبعنا خطاه دون تفكير ، تلك النقمة المسماة بالدروس الخصوصية تسببت في تسيب المنظومة أكثر وأكثر وجعلت الأجيال الجديدة تتحجج وتهمل وتضيع الوقت والجهد دون تحقيق أي إنجاز ، إنظر لكم الوقت الضائع ، شاهد كيف يتشتت إبنك بين مدرسة وبيت ودرس ولا يعلم شيئاً عن الإنجاز والنجاح سوى نجاح الدراسة وعندما يفشل ويصاب بالإحباط نتسائل لماذا ضاعت تلك الأجيال ، هل يفتح إبنك كتاباً ، هل يبحث عن معلومة مفيدة بخصوص دراسته ، هل يضع مخطط للتفكير وحل الأزمات والمشكلات التي تواجهه أم يتعامل بهوجاء عصبية او هدوء عاجز ، هل يملك أي رغبة في تطوير أي شيء يقوم به ، قد تجد أطفال يحييون كالآلات ونسوا معنى الطفولة او قرروا أن يستمتعوا بوقتهم وفشلوا في تعليمهم ، ثقافات مريضة نتبعها ونقول بكل سهولة هذا لأجل مستقبل أفضل لهم ، أنظر حولك وأخبرني أين هو ذاك المستقبل الأفضل ، لا تضع أعذاراً لك أو لهم وإتبع النظم التربوية المطبقة في دول ناجحة متقدمة في تلك المجالات ولن تجد ظاهرة مريضة كالدروس الخصوصية ، البدائل متاحة إن علمت طفلك منذ البداية أن يعتمد على نفسه في كسب المعلومة وكيف يجد مصادر تجيبه عن تساؤلاته واستفساراته وبذل جهد أكبر في التعلم ، حينها سيكون نجاحه مكتسب بجدارة ولن تخشى من عواقب وخيمة أثر تواكله على الدروس الخصوصية.

وكما قلت في البداية جميعنا نحب أبناءنا لكن من الحب ما قتل ، لا تهملوا الأمانة ولا تضيعوا الرسالة وادعوا الله لنا جميعا بالتوفيق.

أضف تعليقك هنا

عبدالفتاح عطاالله العقر

مدون مصري

اشترك بقناتي على اليوتيوب لمشاهدة مقاطع الفيديو الخاصة بي