الأغلبية البرلمانية وقانون الجمعيات الأهلية في مصر

الأغلبية البرلمانية في مصر

في معادلة غير متكافئة بين الفاعلين غاب عنها مشاركة وتحاور الأطراف المعنية وهي؛ منظمات المجتمع المدني بمختلف أنواعها وأحجامها وكذلك الحوار المجتمعي مع المواطنين، قام مجلس النواب بإعداد مشروع القانون الجديد “تنظيم عمل الجمعيات وغيرها من المؤسسات العاملة فى مجال العمل الأهلي “ومناقشته والموافقة عليه وإرساله لمجلس الدولة، ويمثل هذا القانون انعاكساً فجاً للواقع الاجتماعى والسياسي والاقتصادي والتشريعي الراهن فى مصر وتعبيرا عن مزاج ورغبات الغالبية المؤثرة في مجلس النواب المصري، لتخضع الجمعيات الأهلية المصرية فى التحليل الأخير إلى سيطرة الحكومة أو بمعنى آخر على حد تعبير البعض تتحول من منظمات غير حكومية NGO إلى منظمات حكومية غير حكومية GNGO وهذا مخالف لاستقلالية المجتمع وكون سماته تتمثل فى أنه غير حكومي، غير عائلي، غير ربحي، كما يتنافى مع مبادئ
الديمقراطية والتعددية.

القانون الجديد والجمعيات الأهلية

 

تضمن القانون الجديد عدة خروقات لمبادئ الحكم الجيد من أهمها؛ غلبة نظرية المؤامرة ومعاداة المنظمات العاملة فى المجال الحقوقى والتنمية السياسية، والتجاهل لتطور طبيعة ودور المجتمع المدني مصريا وعالميا، والتقييد لعمل المجتمع المدني من خلال الإجراءات البيروقراطية والهيمنة على العمل والنشاط، والتركيز على الإفصاح وكشف البيانات المالية من جانب الجمعيات والمؤسسات الأهلية وإغفال جوانب مشاركاتها وتمكينها ودورها فى المساءلة كمبادئ للحكم الجيد، والاستخدام لعبارات ومصطلحات فضفاضة وغير محددة قد تخضع لتقدير السلطة التنفيذية فى التفسير وتهدد بملاحقة وتضضيق حركة الجمعيات الأهلية.

هكذا تتضح الفجوة بين التشريع والتطور بين القانون الجديد للجمعيات الأهلية وطبيعة دور المجتمع المدنى، وحتى يتم فتح الحوار بغرض الضغط المجتمعى والنضال القانوني لتعديل هذا القانون من جديد وحوكمته (قيننة الحكم الجيد) تطرح تساؤلات تكون محاور النقاش تتمثل فيما يلى: أشار رئيس مجلس النواب إلى معايير مشروع القانون المقدم والموقع عليه من حوالى 203 نائبا وهى؛ 1- حكم المحكمة الدستورية و2- مادة 75 من الدستور و3- مادة 22 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، فهل الترتيب كما جاء فى السرد السابق صحيح كمرجعية قانونية؟ وعند مقارنته كما جاء على لسان رئيس المجلس بالقانون الإسرائيلى الجديد والتأكيد على اختصاص مجلس النواب بوظيفة التشريع ووصفه عمل الجمعيات “سداح مداح” !فهل هذا يتنافى مع مبادئ الديمقراطية والتعددية؟ في مصر

فما مدى قوة هذه الحجة والشكل القانونى أمام العالم الخارجى وخاصة الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة؟ وتكرار الربط بين الأمن القومي واعتبار المجتمع المدني أداة للتدخل الأجنبى فهل لهذه الإشارات مغزى يمكن تفسيره فى إطار التوجهات التى تغلب على القانون الجديد وإغفال أو تجاهل حركة التطور العالمي والمحلي فى المجتمع المدنى وتقييد دور المجتمع المدني بالتنويه إلى الموقف العدائى المسبق المعلن لرئيس مجلس النواب وعدد من النواب ضد بعض منظمات التدريب التى نفذت برامج تدريبية متخصصة لعدد من النواب؟ وعند تحديد إتجاه القانون إلى تطبيق الحوكمة وبالأخص الإفصاح وكشف الببانات.

فأين بقية مبادئ الحوكمة التى تقوى بشكل متوازن من الجمعيات في علاقتها بالدولة وتهيأ لتفعيل دورها التشاركي لدى المجتمع والمواطنين؟.

أضف تعليقك هنا

محمد عبد الهادي

باحث فى العلوم السياسية، متخصص فى دراسات الحوكمة والتنمية المحلية