الإستراتيجية الإسرائيلية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط

الجيش الإسرائيلي

مُنذ نهاية الحرب الإسرائيلية الأخيرة علي غزة سنة 2014 والتي انتهت بهزيمة نكراء لجيش الكيان الصهيوني وغم كل الدعم الذي حضي به “رئيس الوزراء الإسرائيلي” “بنيامين نتنياهو” ووزير دفاعه “موشي يعلون” الذي يعتبر من أهم الصقور في إسرائيل و الداعين إلى طرد الفلسطينيين من الأراضي التلمودية التوراتية الخاصة باليهود وحدهم ومن يرمون إلى جَعل إسرائيل دولة يهودية خالية من أي عرق أو مكون ثقافي أو اثني أو ديني أو طائفي غيرهم.

رغم أن الجيش الإسرائيلي الذي يعتبر الجيش الوحيد في أنحاء المعمورة الذي يفرض تجنيد النساء ومساواتهم مع الذكور في خدمة العلم كما تسمي هنالك ارتفع عددهن حوالي 250بالمئة هذه السنة مقارنة بالذكور ،وهي أعلى نسبة منذ نشأة الكيان الصهيوني وبصفة طوعية مقابل 50 بالمائة من الذكور الذين تفوق أعمارهم 18 سنة جنِّدوا خلال نفس السنة .إذ أن صغر مساحة الكيان الصهيوني وانخفاض عدد سكانه إذ بلغ عددهم حوالي8ونصف المليون شخص وهي نسبة ضئيلةٌ إن قارناهَا بعدد السكان في دولة عربية وإقليمية كبرى هي مصر ،إذ يتعدي عدد سكانها 94مليونًا حسب تقديرات “جهاز التعبئة والإحصاء السكاني” في “جمهورية مصر العربية”.

العقيدة القتالية في الجيش الإسرائيلي

ولا يجب أن نهمل بأنَ العقيدة القتالية لدولة الكيان الإسرائيلي تقوم على أنَّ الجميع مجنَّدٌ لخدمة أهداف الدولة والدفاع عن أمنها ووجودها واستمراريتهَا ،ولا فرق هناك بين الجنسين وهذه الإستراتيجية قد تأكدت وتبلورت أكثر وبجدية وعمق داخل أذهان المجتمع اليهودي بعد أن عجزت إسرائيل في كبحِ جماح الانتفاضة الثالثة التي اشتعلت بين جدران المسجد الأقصى ،واستطاعت أنْ تُغير المعادلات على الأرض وتنهي الشعور بالتفوق التكنولوجي والعسكري وتحطم معنويات فئات واسعة من الشعب اليهودي، الذي عمل الإعلام وبروبجندا الأجندات السياسية والعسكرية على شحنه بالمشاعر العدائية لكل ما هو عربي أو مسلم ،وتكريس مقولات دينية وتراثية قديمة قد عفى عنهَا الزمن أصبح كل من فيها يشعر بالرعب والخوف وعدم الأمان حتى وان كان يشعر إلى حدِ ما بأنَ عليه مواجهة الأخطار المحدقة بالدولة وبتواجده فيهَا. screenshot-2016-11-25-11-27-33

منظومات الصواريخ لدى الجيش الإسرائيلي

رَغم مسارعة الكثير من الإسرائيليين إلى مُغادرته البلاد متوجهين للبلدان التي جاؤوا منهَا أو التي يحملون جنسياتهَا وخاصة “اليهود الاشكنازي” في ظلِّ فشل كل المنظومات الأمنية في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية واهمهَا “منظومة القبة الحديدية “التي فشلت فشلا ذريعًا ،وتحاول ألان إسرائيل تجريب منظومة أخرى أكثر تعقيدًا وتكنولوجيَا وهي “منظومة العصا السحرية” و”حيتس” لمواجهة تهديدات الصواريخ الباليستية ،إضافة ًإلى “منظومات باراك – النسخة المعدلة” منها إذ دخلت الخدمة سنة 1991 واستمر تحديثها وتطويرهَا منذ ذلك الوقت، ولا ننسىَ أن نشير كذلك “لمنظومة معطف الرياح ” التي تَعمل ضد الصواريخ المُضادة للدبابات،و”منظومة بارَاك- لحماة السفن” وليس أخرها طبعًا “منظومة صواريخ -الباتريوت الأمريكية “والتي تحوزُ دولة الكيان على الأجزاء الأبرَز والأكثر ذكاءً وتقنية ،كل هذه المنظومات مُجتمعة تعكس حاجة إسرائيل الماسَّة إلى تعزيز دفاعاتهَا الجوية ضدَّ أهداف أو منظومات صواريخ متطورة وبعيدة المدى فصنَّاع “الإستراتيجية الأمنية الجديدة – في الشرق الأوسط” ،حسبَ رؤية إسرائيل يرون بان دخول روسيا إلى حلبة الصِّراع في سوريا بمنظومات صواريخهَا الأحدث والأكثر تكنولوجيا وتفوقًا في العالم كمَنظومة “انتي2500” زد على ذلك منظومات صواريخهَا الباليستية مثل “اس300” والُنسخة الأحدث “اس400” و”منظومة نادول“.

روسيا تفرض ميزان قوى جديد

إذ لا يخفى أنَ روسيَا .وفي إطار الحرب الباردة بينها وبين الولايات المتحدة التي اشتعلت من جديد في المنطقة عقب فوزِ “الرئيس بوتين” برئاسة “دولة روسيَا الاتحادية” وخلفياتهَا الاستخباراتية ومُحاولته الانتقام مما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية بالاتِّحاد السوفيتي سابقا ورغبته في بناء دولة قوية عظمى تُسيطر على مقاليد الحكم في منطقة الشرق الأوسط الذي هو شريان الحياة العالمي، نظرًا لأهميته الجيواستراتيجية

روسيا ومصر وسوريا

التي لا تخفىَ على أحد منذ العهد القديم فقد عملت روسيا على تزويد دول حليفة لها على غرار سوريَا وإيران ،ومصر وحتى الجزائر، بهذه المنظومات وخاصة منظومة اس300 التي تشكل تهديدًا رئيسيا للطائرات الإسرائيلية والأمريكية الصنع .وخاصة التي من “طراز اف18 اف16 اف15” فمعادلة الصراع في المنطقة قد تغيرت كليًا بعد أن عجزت الولايات المتحدة الأمريكية وحلف النَّاتو عن حسم الصراع في كل من لبنان ،وسوريا والعراق لصالحهَا ،ولعبت دول كإيران وروسيا وإلى حد كبير مصر دورًا في قلب المعادلات وصياغتهَا وفق ما يخدم مصالحهَا وكان الإعلان الروسي المصري الأخير بالتعامل بعملاتهمَا المحلية عوض الدولار الأمريكي في المبادلات التجارية بينهمَا ،وتوقيع مصر عقد بحوالي 3.5مليار دولار لشراء أنظمة صاروخية وأسلحة روسية مُتقدمة رسالةً واضحةً إلى أمريكا وحليفهَا الأول في المنطقة إسرائيل بأنَ عليها أن تتحمل عواقب ألاعيبهَا وسياستها الامسؤولة والغير متزنة في المنطقة.

فجهود دولة الكيان العسكرية في احتفاظهَا بالتفوق الجوي في المنطقة وتزويد أمريكا لها بأحدث المنظومات وأسراب الطائرات، وأجهزة الرَّصد والتعقب قد فشلت رغم اعتماد “تأمير باردو” “رئيس جهاز المُوساد” أو المخابرات الإسرائيلية الخارجية لإستراتيجية أمنية دفاعية جديدة تتمثل في نقل الصراع إلى الأعداء ،قبلَ أن ينتقل الأعداء ألينا وهي إستراتيجية تقوم على ضربِ وزعزعة استقرار الدول التي تشكل خطرًا امنيًا عاليًا على الدولة العربية أو المنظمات أو الجهات المعادية لها ،”كحزب الله- وحماس” وغيرها .فاستراتيجيه تقوم أساسا على زرع الإرهاب والجماعات المُتطرفة وتغذيتهَا وتمويلها فكل الدلائل والقرائن والمؤشرات تُؤكد بما لا يدع أدنى مجال للخطأ ،أنَ “تنظيم داعش الإرهابي” وقبله “تنظيمات النصرة- والقاعدة”،وكل هذا العمل كان برعاية وعلم ومباركة الدولة الأولى الراعية للإرهاب العالمي وهي الولايات المتحدة الأمريكية.

الجيش الإسرائيلي متضعضع

فإسرائيل تريد أن تصدِّر مشاكلها الداخلية الأمنية وحتى السياسية والاختباء وراء هذه التنظيمات الإرهابية لأنها تعلم جيدًا بأنَ جيشها لم يعد ذو جاهزية قتالية كبيرة كما كان سابقًا كما أن هزائمه المتتالية منذ حرب لبنان سنة2006قد كان لها وقعٌ كبير على الاستراتيجيين وكبار الضباط في أجهزة المخابرات الصهيونية المُختلفة ،وان أسطورة الجندي الإسرائيلي الذي لا يهزم باتت من حكايات الماضي وأساطيره وبغض النظر عن التحليلات السياسية وحتى الأكاديمية لهذه العقلية الأمنية والمخابراتية المستحدثة والتي أصبحت أكثر من ضرورة ،في ظل تغيير في معادلات القوة العسكرية في العالم ورغبة الولايات المتحدة الأمريكية في الانسحاب التدريجي من منطقة الشرق الأوسط ،الذي سيطرت فيه لعقود طويلة وكانت تقريبًا صاحبة الكلمة الفيصل والنهائية في الكثير من قضاياه واستطاعت أن تبقي وتحافظ على التفوق النوعي والعسكري والاستخباراتي الصهيوني طويلاً وذلك نظرًا لعدة أسباب ليس أهمهَا طبعَا حصولها على موارد طاقوية جد يدة تغنيهَا عن نفط الخليج مثل “الوقود الأحفورى” و”الغاز الصخري” ولكن الأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها ليس فقط منذ إدارة الرئيس المنتهية ولايته “باراك اوباما “ولكن منذ فترة”بوش الابن” وحماقاته المتتالية منذ غزو أفغانستان إلى العراق وقيامه بتبديد مليارات الدولارات من أجل زيادة حجم ميزانية وزارة الدفاع الخارجية، وإنفاق أموال طائلة من اجل دعم حلفاء أمريكا في المنطقة ومنهم تركيا والأردن وإسرائيل وهذا ما أدى إلى عَجز كبير في الموازنة الأمريكية وارتفاع مهولاً وفلكي لحجم الديني الخارجي فقد بلغ مؤشرات قياسية لم يلغها منذ أزيد من 50 سنة .

فأمريكَا قد أدركت أن إسرائيل بسياسة قادتهَا الحاليين لم تعد هي “حصان طروادة” الذي يعتمد عليه وهذه الرؤية بَدأت تتبلور أكثر فأكثر بَعد أن فشل كل قادتها بعد ” ارييل شارون” الذي اعتبرته “صحيفة يديعوت احرنوت” في احد أعدادها أخر ملوك دولة إسرائيل وان من بعده من القادة جبناء ولا يمتلكون النظرة الإستراتيجية الثَّاقبة التي طالما تمتع بها ،فإسرائيل ألان تعيش منعطفًا تاريخيًا هامًا ومرحلةً حاسمة في ظل صراع محموم بين أحزاب اليمين واليسار فيها وغليان اجتماعي ،واحتقان داخلي بدأ يطفو علي السطح ومطالبات حقيقية من اجل إنهاء الاستيطان وإعطاء الفلسطيين دولتهم وحل نهائي ودائم للصراع المزمن الذي بات يؤرِّق طبقة واسعة من هذا المجتمع مما يعكس شرخا عميقًا بدأ يتوسع بين صناع القرار والمؤسسات الأمنية من جهة ،وبين عزلة حقيقية تعيشها دولة الكيان خصوصًا بعد أن منع الاتحاد الأوروبي دخول بضائع المستوطنات إلى دوله.

والسمعة السيئة التي أصبح يتمتع بها الجيش الإسرائيلي بعد الفظائع والمجازر التي ارتكبها في قطاع غزة ،حيثُ انتشرت انتشار النار في الهشيم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي رغم أدوات الدعاية والتلفيق الصهيونية التي حاولت تصوير إسرائيل كدولة مسالمة تسعى فقط للحفاظ على أمنهَا ،في وسط فلسطيني وعربي متخلف معادي لكل ما هو يهودي أو غربي ولكن كما يقال الصُورة أبلغ تعبير والنجاح البطولي لإبطال الانتفاضة في كسر شوكة المنظومة الإستراتيجية الإسرائيلية واثبات أنها فاشلة مهما بلغت من القوة والتطور التكنولوجي والعسكري في مواجهة شعوب عربية .تسعى إلى التحرر والانعتاق والتخلص من الهيمنة الصهيونية الغربية على مُقدراتها،فعلى إسرائيل أن تدرك جيدًا بأنً منظومتها الجديدة قد فشلت وليس أمامها إلا حلٌ واحد ووحيد وهو حل جميع القضايَا العربية العالقة معهَا ،وإعادة الأراضي المغتصبة وترك الأرض العربية لأصحابها الحقيقيين والكف عن سياسة القوة والغطرسة لأنها ستجابه بالقوة كذلك.

فماهي يا تري سيناريوهات إسرائيل في مواجهة التحديات الأمنية الراهنة في منطقة الشرق الأوسط .؟هذا ما ستكشف عنه التطورات على الأرض في المستقبل

 

أضف تعليقك هنا

عميرة أيسر

كاتب جزائري