السيستاني … مشروع أتى بثمار غير متوقعة !!

عند العودة بالتاريخ إلى العصور القديمة نلاحظ إن هناك العديد من الأسماء والعناوين صُنعت من قبل بعض الجهات المناوئة لدعاة الحق أو الجهات التي تريد أن تمرر مشروع استعبادي تقوده من خلال المجتمعات البشرية كيف وأين ومتى تشاء, فمثلا في مصر القديمة قام الكهنة بوضع إله أسموه ” آمون ” ومعناه ( الخفي ) , حيث إن عبادة آمون والديانة المرتبطة تؤكد على إن آمون إلهاً خفياً مثلما يعني اسمه، ولكن لاهوتياً فلم يكن الإله وحده خفياً، بل إن اسمه خفي أيضاً وإن شكله لا يمكن إدراكه, بكلمات أخرى إن الغموض المحيط بآمون سببه هو كماله المطلق – كما روج لهذا الأمر كهنة المعبد – وفي هذا كان مختلفاً عن كل الآلهة المصرية الأخرى, وبهذه الصورة زرع كهنة المعبد المصري فكرة الإله آمون حتى صار الناس يسيرون خلف الكهنة وخلف ما يريد هؤلاء الكهنة الذين استخدموا أكذوبة الإله الخفي ” آمون ” الذي كان بمثابة مشروع مربح ومنتج وحقق مكاسب كبيرة لهؤلاء الكهنة.
وبعد تطور العقل البشري وتقدم الإنسانية فكرياً وعقلياً أصبح إستغلال الناس بكذبة الإله الخفي أو غيرها من العناوين قديمة بقدم العصور التي كانت تستخدمها لذلك لجأ كهنة المعبد أو القوى الإستخباراتية العالمية إلى تطوير هذه الوسيلة بشكل يتناسب مع التطور العقلي والفكري للبشرية, فأخذت تقدم الآلهة للناس بشكل جديد لكن تحت عناوين أخرى كعنوان القس أو المرجع أو المفتي أو رجل الدين فتقدمه للناس بصورة معروفة وتسخر له الإعلام بكل أشكاله وصنوفه لتصنع له هالة قدسية تجعل الناس تذوب فيه وتعبده من دون الله من حيث لا تشعر, وبعد ذلك تقوم بإستغلال إسمه حتى بعد هلاكه وموته, فهو يزول وجسده يختفي وصورته تفارق الإعلام لكن يبقى إسمه مرافقاً للإعلام من أجل تمرير كل ما يريده من صنع هذه الشخصية من مشاريع سواء كانت توسعية أو ربحية – مالية – أو غيرها.
وفي وقتنا الحاضر نعيش هذه القضية بصورة مباشرة, وخصوصاً في العراق, فقد قدمت لنا الجهات العالمية والإستخباراتية الدولية شخصية السيستاني كمرجع ديني وصنعت له هالة إعلامية كبيرة بحيث جعلته كالإله بنظر الناس وصورته بأنه المنقذ والمخلص وهو حامي الحمى وصمام الامان وصاحب العلم والفتوحات العلمية والزاهد الذي ليس مثله زاهد, وقدمته للإعلام في أكثر من مناسبة, لكن بعد ذلك إختفى تماماً عن الإعلام فلم يشاهده أو يسمع صوته أحد, وكل ما يحصل هو أن يأتي السياسي الفلاني من الحكومة العراقية أو من الدول الأخرى يدخل إلى بيت السيستاني وبعد ذلك يخرج ويقول إلتقيت به وقال لي كذا وكذا وينصح بكذا وكذا ويأمر بكذا وكذا!! أو يخرج شخص يحمل عنوان الوكالة ويقول أفتى السيستاني بالفتوى كذا !! والناس تصدق كل ذلك بينما السيستاني لا يعرف عنه أكان حياً أم ميتاً !!.
ولعل تعليق المرجع العراقي الصرخي على هذه الظاهرة خير ما نستدل به كشاهد, حيث قال المرجع الصرخي في المحاضرة الثامنة عشرة من بحث ” السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد ” والتي تناول فيها رسالة الإمام السجاد ” عليه السلام ” إلى الزهري مفتى الحكومة الأموية…
{{… إذًا يقول: فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا المبلغ أنت الذي الآن وضعت قدمًا بل وضعت القدمين في القبر، جسدك كله في القبر إذا لم تكن أنت بكلك وبجسدك وبكل ما يلتحق بالجسد في القبر، لا يُتعامل ولا يُحكى الآن إلّا مع خرافة متجسدة، خرافة لا حقيقة لا انطباق لا جسد لها، خرافة بمعنى الخرافة خيال وهم لا نعلم يتعاملون مع اسم مع عنوان فقط أما الجسد الروح ذهبت إلى حيث دفنت وانتهت، لا نعلم ربما يكون هذا الأمر، هو مشروع تابع لمنظمة،تابع لجهة،أُسس من جهة، صُرف عليه يراد من الاستمرار لأنّه أتى بثمار كثيرة غير متوقعة، فأنت الذي قدمك في القبر، جسدك في القبر وتفعل هذه الأفاعيل وتتمسك بالدنيا وتطلب الرشا وتضل الناس وتفتي بقتل الناس فما بال الشباب، فما بال حديثي السن؟!! المدخول في عقله ؟! إنّا للّه وإنّا إليه راجعون على من المعول؟ وعند من المستعتب ؟ نشكو إلى اللّه بثّنا وما نرى فيك، ونحتسب عند اللّه مصيبتنا بك…}}.
فهكذا كان ولا زال السيستاني عبارة عن مشروع خدم من أوجده خير خدمة واتى بثمار كبيرة على تلك الجهات, سواء كان حياً أو ميتاً, فإن كان حياً فخدمته مستمرة, وإن كان ميتاً فإن تلك الجهات مستغلة إسم السيستاني وقدسيته وإلوهيته بين الناس الذين يعبدونه من حيث لا يشعرون, والنتيجة هي تحقيق المكاسب والمنافع الجهوية ونجاح المشاريع التي جاءت بها تلك الجهات بفضل السيستاني وإسم السيستاني, فلولا السيستاني وإسمه ومؤسسته لم يدخل الإحتلال الأميركي ولا غيره إلى أرض العراق, ولولاه لما قتل العلماء الأعلام, ولما طغى الطغاة,ولما وصل المفسدين إلى سدة الحكم, ولما أصبح العراق أرض صراعات بين الدول الإستكبارية ولما عاثت الميليشيات والتنظيمات الإرهابية في الأرض الفساد, فكل ما حصل ويحصل في العراق هو بفعل السيستاني الذي حقق كل ما تريده الدول الإستعمارية الشرقية والغربية, وما تسعى له الجهات الإستخباراتية التي جاءت بالسيستاني واسم السيستاني, فكان مشروعاً أتى بثمار غير متوقعة لكل المحتلين والطامعين.

بقلم :: احمد الملا

أضف تعليقك هنا