دعوات المصالحة الوطنية في العراق وفوات الأوان

بقلم: أحمد الملا

بعد التي واللتيا وفوات الأوان نجد إن الأصوات التي تدعي الوطنية والوحدة والتي كانت سبباً في تمزيق العراق وتشرذمه وسرقة خيراته قد بدأت تتعالى وتطالب بطرح مشروع عنوانه لم الشمل والوحدة ونبذ الخلافات, والغريب بالأمر إن تلك الأصوات تقول إن هذه الدعوة موجهة لكل العراقيين وبعد ذلك تستثني مكونات وأطياف وتوجهات !.

الوثيقة الوطنية ودعم المصالحة

فقد طرحت بعض الجهات السياسية والتي حملت عنوان ديني سياسي مشروعاً تحت عنوان ” الوثيقة الوطنية ” وبعدها بفترة وجيزة تبنت شخصية أخرى الدعوة للتأكيد على ضرورة دعم المصالحة الوطنية ودعم السلم الأهلي, وهي في ظاهرها دعوات وطنية لكن حقيقتها مبطنة والغاية منها هي الدعاية الإعلامية الإنتخابية خصوصاً وإن موعد الإنتخابات المحلية للمحافظات العراقية قد أصبحت على الأبواب, هذا من جهة.

ومن جهة أخرى هي تصريحات إعلامية من اجل الظهور بمظهر الوطنية وإنها هي الجهات الوحيدة التي تنادي بالوحدة والوطنية والعراقية ولم الشمل من أجل التغطية على كل المفاسد والجرائم الطائفية والمشاريع التقسيمية التي كانت سبباً في الترويج لها بين أبناء الشعب والأرض والدين الواحد من أجل تزكية أنفسها وإلقاء اللوم على الخصوم.

نتائج دعوات المصالحة

لكن هذه الدعوات حتى وإن كانت صادقة وبعيدة عن الغايات المبطنة التي ذكرناها فإن تلك الدعوات لم تعد تجدي نفعاً, لأنها لم تصدر في الوقت والظرف ومن الجهات المناسبة, فمن ناحية الوقت فإن هذه الدعوات قد جاءت بعد الإمعان في سفك الدماء وإنتهاك الأعراض وزيادة العمق والشرخ الطائفي والمذهبي والقومي, ومن ناحية الأشخاص فإن الداعين لها هم قادة ورموز الطائفية والمفسدين وهذا معروف عنهم عند الصديق قبل العدو.

فهل يقبل الذي سفكت دماء أبناءه بأن يضع يده بيد من قتلهم ومن إنتهك حرمتهم الإنسانية والأخلاقية ومقدساتهم ؟! حتى وإن وضعها فستكون هي تحت القوة والإكراه أو لتبيت نية الثأر, ولنا في التجربة السابقة لحكومة المالكي التي طرحت مشروع ” المصالحة الوطنية ” والتي مثلتها هيئة المصالحة الوطنية لكنها فشلت فشلاً ذريعاً وتحولت إلى هيئة المخالفة الوطنية حيث تسببت في تعميق الشرخ وتهميش الحقوق والمطالب, وكانت من ثمارها هي حركة العصيان المدني الذي جوبه بالقمع بالحديد والنار.

توقيت دعوات المصالحة

فلو كانت تلك الدعوات قد طبقت أو تمت الدعوة لها بالوقت والظروف والأشخاص المناسبين لكان قد أختلف الوضع الآن ولربما – وهو المرجح – لما كان وضع العراق أفضل بكثير ما هو عليه الآن, وهنا نقول لتلك الجهات وتلك الأصوات التي تدعي الوطنية وتطالب بهذا المشروع, نخاطبهم جميعاً … أين كنتم قبل سنوات من دعوة المرجع العراقي الصرخي للمسامحة والمصالحة وقبل أن يشتعل فتيل هذه الأزمة التي أكلت الأخضر واليابس ؟

لماذا عميت عيونكم وصمت أسماعكم عن بيان ” المسامحة والمصالحة ” الذي دعا فيه المرجع العراقي الصرخي إلى مد اليد إلى كل الأطراف دون استثناء لتلافي ما يحصل اليوم, حيث دعا الجميع لنبذ الخلافات والتسامح والتصالح وبناء عراق عابر للطائفية وقوي وذو سيادة ومستقل عن كل التدخلات الخارجية لكي لا يصبح ساحة للصراعات الدولية التي استغلت الخلافات بين أبناء البلد والدين الواحد ؟؟!! تلك الدعوة التي كانت قبل أكثر من عشر سنوات حيث كانت الظروف مهيأة ومعدة لإستقبال هكذا مشروع وطني كان من شأنه أن يجعل العراق واحداً موحداً خالِ من الإرهاب والفساد.

تلك الدعوة التي وجهها المرجع العراقي الصرخي في بيان المسامحة والمصالحة والذي كتب قبل عشرة أعوام أي تقريباً في سنة 2007 م , حيث جاء فيه …

ظروف المصالحة

وعليه نقول انه لا يـُحتمل تمامية المصالحة ولا يـُتوقع ترتب نتائج وثمار حسنة عليها ما لم يتحقق ما ذكرناه وما لم تتوفر الظروف والشروط الموضوعية ومنها:-
1- أن تكون المصالحة حقيقية صادقة لا شكلية ظاهرية:-
فلا يصح ان تكون دعوى المصالحة لأجل تحقيق مكاسب خاصة سياسية أو مالية أو فئوية أو طائفية أو عرقية أو قومية , ولا يصح ولا يجوز ان تكون دعوى المصالحة والمشاركة فيها بسبب ضغوط وتوجهات لدول مجاورة أو إقليمية أو محتلة أو حركات ومنظمات مخابراتية أو جهوية عنصرية.

2- أن تكون المصالحة عامة وشاملة دون إقصاء أو استثناء :-
فالواجب جعل منهجنا منهجاً قرآنياً إسلامياً إلهياً بالبيان الواضح والحكمة والموعظة الحسنة وإلزام الحجة للجميع (( من سنـــة وشيعـــة وعرب وكرد وإسلاميين وعلمانيين وغيرهم )) , بل اكثر من ذلك فيجب ان تشمل المصالحة البعثيين والتكفيريين من كل الطوائف والملل والنحل وإلزامهم الحجة جميعاً (( ونترك للقضاء العادل القول الفصل في إصدار الأحكام وتطبيق القصاص بحق المسيء والجاني من أي طائفة أو قومية أو دين كان))………..

وبالنسبة لي فاني أتنازل عن حقي القانوني والشرعي والأخلاقي واُبرء ذمة كل من كادَ لي وتآمر علي وسبـَّبَ أو باشـَرَ في اعتقالي وتعذيبي وظلمي في زمن النظام الدكتاتوري السابق أو في زمن الاحتلال , سواء كان المـٌسـَبــِّب أو المباشـِر بعثياً أو تكفيرياً أو غيرهما شرط ان يلتزم ((المـٌسـَبــِّب أو المباشـِر )) بالمصالحة وفق ما ذكرناه من شروط وضوابط ويكون صادقاً جاداً في ذلك.

واطلب بل أتوسل من الجميع ان يعفوا ويتنازل عن حقه القانوني والشرعي والأخلاقي ويبرء ذِمة كل من كادَ له , وتآمر عليه , وسـَبـَّبَ أو باشر في اعتقاله وتعذيبه وتشريده وترويعه وظلمه , في زمن النظام الدكتاتوري السابق أو في زمن الاحتلال , سواء كان المـٌسـَبــِّب أو المباشـِر بعثياً أو تكفيرياً أو غيرهما شرط ان يلتزم ((المـٌسـَبــِّب أو المباشـِر )) بالمصالحة وفق ما ذكرناه من شروط وضوابط ويكون صادقاً جاداً ….}}.

بقلم: أحمد الملا

أضف تعليقك هنا