بقية الله … تفاسير متعددة و فكر إقصائي

بقلم نعيم حرب السومري

من المؤكد جداً ان هناك دس، وزيف ،ومكر، وتدليس فيما ينقل عن الأحداث والوقائع التي حصلت في الماضي الغابر فيما يخص الإسلام والمسلمين وعن هذه الطائفة او تلك وفق منهج الدولة الحاكمة آنذاك ووفق ما يوافق تطلعاتها الدينية او السياسة،كذلك وفق منهج واعتبار نفس الكاتب حيث لا تنقل الحقيقة كاملة فهي تكتب حسب الأهواء والرغبات وحسب المزاجات.

أما النقل الصحيح المنصف فنادراً ما تجد ذلك النص خصوصاً ونحن نبتعد عن النصوص التشريعية التي جاء بها رسول الإنسانية محمد (صل الله عليه واله) او من يمثل خط النبي وهم عترته الأطهار (عليهم السلام) وخير دليل على ذلك هو تفسير الايآت القرآنية التي نقلها سماحة المرجع المحقق الصرخي الحسني في بحثه الموسوم(الدولة المارقة في عصر الظهور …منذ عهد الرسول )(( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ , وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ , بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)).

حيث فسر الكثير من العلماء لقوله تعالى (بقية الله خير لكم ) واهمها تفسير ابن الجوزي قوله تعالى: (بقية الله خير لكم) ” قال ابن الجوزي : فيه ثمانية أقوال: أحدها: والذي أبقى لكم الحلال ما أبقاه الله من حلال؛ أي ما أبقى الله لكم الحلال بعد إيفاء الكيل والوزن خير من البخس، … قاله ابن عباس. ويقصد ببقية الله رزق الله خير لكم، أيضًا روي هذا عن ابن عباس، وقال به ابن سفيان.

(القول الثالث) طاعة الله خير لكم (بقية الله أي طاعة الله)، قال به مجاهد والزجاج، (الرابع) بقية الله أي حظكم من الله خير لكم، يقول: قاله قتادة. (الخامس) رحمة الله خير لكم، قال ابن زيد. (السادس) بقية الله أي وصية الله خير لكم، قاله الربيع. (السابع) ثواب الله في الآخرة خير لكم، قاله مقاتل. (الثامن) مراقبة الله خير لكم، ذكره الفراء، وقرأ الحسن البصري (تقية الله خير لكم) …

قال تعالى: (إن كنتم مؤمنين) شرط الإيمان في كونه خيرًا لهم لأنّهم إن كانوا مؤمنين بالله عز وجل عرفوا صحة ما يقول. (في تفسير بقية الله اختلفوا، اختلف القوم في معنى بقية الله، اختلف العلماء، اختلف أهل الفضل، اختلفت الرموز الدينية في معنى بقية الله، قسم قالوا ما أبقى الله لكم من الحلال، قسم قالوا رزق الله، وآخرون قالوا: طاعة الله، وغيرهم قالوا: حظكم من الله، وآخرون قالوا: رحمة الله، وبعض آخر قال: وصية الله، ومعنى آخر ثواب الله، ومعنى ثامن: مراقبة الله ….”

واستنكر المرجع الصرخي الحسني تكفير الشيعة والاستخفاف بالشيعة عندما يأتون بمقترح تاسع باحتمال تاسع لمعنى بقية الله الواردة في الآية حيث قال: ( إذًا لماذا نكفر؟ لماذا يكفر الشيعة؟ لماذا يستخف بالشيعة عندما يأتون بقول تاسع، بمقترح تاسع، باحتمال تاسع، وأنه يقصد ببقية الله هو المهدي عليه السلام، ليس مهدي الشيعة، وإنما عنوان المهدي، المهدي الموعود سواء كان مولودًا أو سيولد، ما هذا الحقد؟ وما هذه الأنانية؟ وما هذا التكفير الفكري؟ وما هذه الدكتاتورية الفكرية؟ وما هذه الألغام الفكرية والعبوات الناسفة الفكرية؟ لماذا يمنع الشيعة من طرح هذا العنوان ومن طرح هذا المحتمل، خاصة أن هذا المحتمل ينسب إلى إمام من أئمة أهل البيت سلام الله عليهم، والجميع يقر بالفضل لأئمة أهل البيت؟ )

ومن المؤكد ان هناك فكر إقصائي يراد به أبعاد مكون معين او عدم الأخذ بنظر الاعتبار عن تفاسير أخرها موردها من ائمة المسلمين كالأمام الصادق او الباقر او الإمام الحسن ،وهذا ما دعا اليه سماحة المحقق في طرح عناوين أخرى وتفاسير أخرى من باب الإنصاف ،ولعل البعض يجد وسيلة للسخرية والاستهزاء والتكفير بعقيدة معينة على الرغم من وجودها في القرآن الكريم وبدلالة واضحة وباتفاق المنصفين من علماء المسلمين.

بقلم نعيم حرب السومري

أضف تعليقك هنا