مصر ومعركة توازن القوة فى الشرق الأوسط

فى منطقة الشرق الأوسط يدور الصراع بين أجندات عدة تحاول فرض نفسها وجنى ثمار تدمير الدول العربية لضم أجزاء من أراضيها بعد تقسيمها أو فرض نفوذها على تلك الدول ، والمتابع لتطورات الأحداث فى بؤر الصراع يكتشف حجم التعقيد والتشابك فى كل بؤرة وحجم التداخلات الاقليمية والدولية وفى مقابل مقاومة من أطراف أخرى تم استدراجها بنجاح لخوض الصراعات.

تدور معركة القوة فى الشرق الأوسط بين أكثر من مشروع كالمشروع الايراني والتركي والاسرائيلي ومؤخرا دخلت مصر بمشروعها على الخط.

أولا..المشروع الايراني

ويتمثل فى نجاح ايران فى اختطاف دولة العراق تحت دعاوى مقاومة تنظيم الدولة بقوات عسكرية ايرانية أو عراقية تشرف على تنظيمها وتمويلها وتسليحها كـ مليشيات الحشد الشعبى بالاضافة القتال على الارض الى جانب النظام السورى لمنع سقوط حليفها بشار الأسد ولبنان من خلال حزب الله الشيعى ثم اليمن من خلال دعم مليشيات الحوثيين .. بمعنى أنها استطاعت بالفعل السيطرة على أربعة عواصم عربية وفى طريقها للمزيد ولن تتوقف عن الوصول الى تحقيق اطماعها فى دول الخليج ومصر وشمال وشرق أفريقيا ولا يخفى عنا نفوذها فى دول القرن الأفريقى خصوصا اثيوبيا.. وهى بالنسبة لمصر اعتبرها دولة عدو دولة توسعية و منافسة لمصر ودورها فى منطقة الشرق الأوسط.. وبالتالى لا يمكن إقامة علاقات طبيعية معها ببساطة كما يحاول البعض ترويج وتمرير الأمر.

ثانيا..المشروع التركي

متمثل فى دعم الجماعات والتنظيمات الارهابية لاسقاط النظام السورى والدولة السورية رغبة منها فى توسيع حدودها وتأمينها للحد الجنوبى من خلال احتلال بعض المناطق وصولا الى حدود مدينة حلب الشهباء لقطع الطريق على الأكراد لاقامة حكم ذاتى ولنفس الهدف قامت بغزو شمال العراق وصولا الى مدينة الموصل من أجل تطويق الأكراد .. المشروع التركى مشروع مناهض ومنافس لمصر أيضا فى تحالفاته حيث يقيم تحالفات دولية تارة مع أمريكا وتارة مع روسيا وتحالفات اقليمية مع ايران ومع دول عربية كالمملكة السعودية وقطر من أجل خدمة أهدافه المستقبلية فيما يخص تمرير خطوط الغاز التى ستأتى من أى دولة من هذه الدول الى أوروبا عن طريق الأراضى التركية الى أوروبا وهو الأمر الذى سيدعم انضمامه الى الاتحاد الاوروبى مستقبلا.. وينافس مصر أيضا فى مجالها الحيوى فهو يقيم تحالفات أفريقية مع دول مثل اثيوبيا والصومال واريتريا وقام بمساعدة التنظيمات الارهابية فى ليبيا وساعد فى اسقاط القذافى واقامة حكومة اخوانية تابعة له ، ثم مؤخرا قام بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيونى لتطويق مصر بالنفوذ التركى من جميع الجهات.

ثالثا..المشروع الاسرائيلي

الذى نعلمه جميعا وهو اقامة مملكة اورشليم الكبرى من النيل الى الفرات وبالتالى كل ما يحدث من فوضى وتدمير فى المنطقة يؤدى الى تحقيق ذلك الهدف ، فسنوات الربيع العربى هو أفضل سنوات عاشتها اسرائيل آمنة مطمئنة داخل حدودها تشاهد وتنتظر سقوط الجيوش العربية الواحد تلو الآخر تحقيقا لنظرية الطوق النضيف لتدمير الجيش العراقى والسورى والمصرى.
اسرائيل تحاول بناء تحالف مع اسرائيلى-عربى لمجابهة التهديد الايرانى واستمالة بعض الدول العربية للانضمام اليه ولكن هذا التحالف لن ينجح بدون مصر التى فى كل مرة تفشل هذا المشروع الذى يقوم بتحويل جبهات الصراع من عربى-اسرائيلى الى سنى-شيعى وهذا المفهوم ضد أدبيات الأمن القومى المصرى على مدى العقود السابقة من الصراع العربى-الاسرائيلى.

رابعا..المشروع المصري

وهو المشروع المناهض كل المشاريع السابقة والذى يحاول مقاومتها جميعا دفعة واحدة من خلال رؤية واضحة داعمة لبقاء الدول والحكومات المركزية ودعم جهود استعادة الدول المنهارة ان أمكن .. فالتدخل المصرى لاستعادة الدولة فى ليبيا معروف لدى الجميع فمصر دعمت الجيش الليبى وحكومة بنغازى للقضاء على التنظيمات الارهابية المدعومة من تركيا وقطر وقد نجحت نسبيا فى تحقيق هذا الهدف واستعادت شبه دولة فى شرق ليبيا وهو ما مكنها تأمين حدودها الغربية نسبيا..

ومؤخرا أعلن الرئيس السيسى عن دعمه للجيش وللدولة السورية ورفضه محاولات اسقاطها والعمل على ايجاد حل سياسي للأزمة المتفاقمة وفى ذلك مناهضة للمشروع التركي الاسرائيلي لتفتيت سوريا..

وأيضا أقامت مصر تحالف مهم فى بحر المتوسط مع قبرص واليونان لمناهضة المشروع التركي. المقاومة المصرية للمشروع الايرانى تتمثل فى تقديم الاستشارات العسكرية والأمنية والدعم السياسى العربى لجهود الدولة العراقية والجيش العراقى لمقاومة الارهاب نظرا لخبرتها فى مقاومة هذا النوع من التنظيمات.

وأيضا مقاومة المشروع الايراني فى اليمن وخليج عدن والبحر الأحمر ، فايران تملك قواعد عسكرية فى تلك المنطقة تحديدا فى جزر دهلك بالبحر الأحمر ، وبالتالى كان إرسال مصر قطع بحرية لتأمين المصالح المصرية فى هذه المنطقة الحيوية من العالم أمر استراتيجى حتمى وتم تحت غطاء مشاركة مصر فى عاصفة الحزم.

جيش مصر

مصر فى إطار معركة توازن القوة تقوم بتطوير قواتها المسلحة بأحدث انظمة التسليح فى العالم وقامت بامتلاك طائرات الرافال التى تستطيع أن تطير مسافة ثلاثة آلاف كيلو متر والتى أضافت لمصر ذراع طويلة تمكنها من مجابهة أى تحدى طارئ غربا وشرقا شمالا وجنوبا.
ثم فى سابقة لم تحدث لأى دولة فى الشرق الاوسط امتلكت مصر حاملات الطائرات ميسترال التى تستطيع بما تحمله من دبابات وطائرات عمودية وأفراد احتلال قاعدة عسكرية مثل التى تمتلكها ايران فى جزيرة دهلك فى البحر الأحمر اذا ما تعرضت ايران للمصالح المصرية أو باستطاعتها احتلال أى ميناء بحرى لدولة معادية بالاضافة الى تحقيق التوازن العسكرية فى مياه المتوسط مع اسرائيل وتركيا وحماية الثروات الطبيعية.

مصر مستمرة فى المقاومة ومحاولة فرض نفوذها ومن خلال قرارها المستقل غير الخاضع لأى املاءات خارجية بالشكل الذى يحفظ توازن القوة مع هذه القوى الاقليمية معتمدة على دورها التاريخى ومزايا موقعها وقواتها المسلحة المصنفة من أقوى الجيوش على مستوى العالم والتى لا يمكن تجاهل تأثيرها على ميزان القوة فى الشرق الأوسط.

أضف تعليقك هنا

محسن حامد

من مصر