مَنْ الاولى بالشجرة الطيبة: النخلةُ أم محمد و آله ؟

الناس ثلاثة إما عالم رباني أو متعلم على سبيل النجاة أو همج رعاع ، و بحسب هذا الكلام فيكون الناس على ثلاثة مستويات طبقاً لما هم عليه من الملكة العلمية و القاعدة الفكرية لكل صنف منهم ، فالمغالطات العلمية و الشطحات الفكرية حينما تصدر من رعاع الناس فلا محذور عليها لأنهم اصلاً فاقدون لمقومات العلم و فاقد الشيء لا يعطيه.

الشجرة الطيبة

أما رأس الهرم فهو لطبقة اهل العلة و الريادة الفكرية في المجتمع وهم العلماء تراجمة الكنوز العلمية و خفايا مورثونا العريق من الروايات و الاحاديث ، ومما استوقفنا كثيراً مواقف شيخ الاسلام ابن تيمية و استاذه ابن كثير وما يذهبون إليه و يعتقدون به من اراء حول حقيقة الشجرة الطيبة الواردة في قوله تعالى ( مثل الكلمة الطيبة كشجرة طيبة ) فهل هو حقيقة أم ضرب من الترادف اللغوي.

فرغم الاختلاف اللفظي بين الشجرة و الكلمة إلا أنهما يهدفان لمعنى واحد وهو الكلام الطيب ، و الاخلاق الحميدة ، و الاعمال الحسنة ، و السيرة المستقية و الصلاح في الدارين كلها تنم عن حقيقة الثمر الطيب ديدن الانسان المؤمن العارف بقدره ونفسه و المتدبر جيداً بحقيقة وجوده في هذا العالم الفسيح و لسنا نجد مخلوق افضل من نبينا الكريم محمد و أله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) جسد تلك الحقائق على ارض الواقع وكما ارادته السماء لكننا حينما نتصفح اروقة اراء ابن تيمية و ما يذهب إليه و يعتقده حول مفهوم الشجرة الطيبة فهو يرى أنها حقيقة لا ترادف لغوي لأنها تكمن في امنا النخلة بسبب ثمرها الطيب.

وهنا مما يُؤخذ على الشيخ عدة امور : اولاً انها لا تعطي ثمارها على طول السنة وفي كل حين بل هي من الاشجار الموسمية وهذا مما لا يختلف عليه العقلاء ، و ثانياً ان تلك الشجرة اصلها في الارض ولكنها فرعها لا يصل إلى عنان السماء فهل نتوقع صدور تلك الاراء من شيخ الاسلام ابن تيمية وهو مَنْ قضى عمره في مجالس الذكر و دور العلم و مخالطة العلماء و جهابذته الكبار فكيف غابت تلك الحقائق عنه !؟ وهذا ما يدعو المسلمين إلى إعادة النظر في جل اثاره و مؤلفاته حتى لا يسقطوا في غياهب شطحاتها و ظلمات سقم افكارها و ضحالة علومها.

فلا قداسة مطلقة لكل المصادر الاسلامية إلا القران الكريم و نستذكر هنا كلام المرجع الصرخي الحسني في هذا الخصوص إذ يقول : ((فلا يوجد الا ان يتم تحكيم العقل بعدم القول بتمامية كل ما موجود في البخاري او اي مصدر اخر فلايوجد كتاب مقدس على اطلاقه غير قابل للتقيم والنقاش والاعتراض والتحقيق الا كتاب الله العزيز الحكيم )) مقتبس من المحاضرة (17) من بحث ( السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد) بتاريخ 22/10/2016

فما الضير يا ترى عندما نطيل النظر في مصادرنا المعتمدة عند كافة الطوائف الاسلامية فالبشر ما دون الانبياء و خواصهم كلهم معرضون للسهو و الخطأ فكيف حالنا وسط تلك السماء العلمية الملبدة بشتى سحب السهو و اعاصير الاخطاء ؟ حينها بماذا سينفعنا الندم على ما اسرفنا في حياتنا يل مسلمين ؟

أضف تعليقك هنا