نوستالجيا تشرين

لماذا تشرين هو بداية العام عند الشعراء والختام؟

الشهر الذي حُرم من دفء الصيف وشاعرية الشتاء ..
الشهر الذي تنتهي فيه أحلام الصيف الزاهية ، بينما آمال الشتاء الغامضة لم تولد بعد كما يقول أحمد توفيق .
أيام تأتي محملة بالخسارة وتلك الصدمات التي تشعر معها أنك لن تعود كالسابق،السابق الذي لم تكن تحبه ولكنه كان أفضل من الحطام.!
ها أنت ذا بعد الحطام تعيد ترميمك ، تجمعك من وسط الطريق ومن بقايا الحكايات التالفة ،تشبه مرآة مبعثرة ، يعيدها النجار كتلة واحدة قطعه جنباً إلى جنب .. تظل مرآة ، لكن الصورة هشيم ، لا تشبه أحد ..
اليوم أنت بخير .. حتى وان لم تكن تشبهك !

• اليأس والأمل مسألة متفاوتة ، تصبح على احداها لتُمسي على نقيضها ..
يستويان في عينيك كلما تضاءل حجم الحياة في قلبك ..كلما ارتفعت وادركت ان الامور تبدو كمزحة ، تُثقل كاهليك الدروس ، وتعظم عليك الايام بواجبات لا فكاك منها ، وتغرق أكثر .. أنت الذي لا تجيد العوم .. ولا تدرك الغرق !
تنادي حينها الله بأن ” قد اكتفيتُ يا الله من الأشخاص الذين على هيئةِ درُوس ، أريد اشخاصاً على هيئة حياة ” ..حين نفقد الحياة ونحن نسعى لها !
يوماً ما سيبتسم أولئك الذين قضوا هذا العمر في البكاء ..! لماذا تشرين هو بداية العام عند الشعراء والختام؟

• لا أتذكر أني ارتديت حداد أسوداً على موت أحدهم ، البؤس أن ترتدي السواد على أحبتك حين يرحلون ، أولئك الذين أحببتهم بكل ألوان الحياة ،كانوا عيونك التي ترى النور وتتلمس بها وجه الصباح ، ان تكون آخر ذكرى لهم مسودة كحفرة لا قرار لها ولا اندمال..
وقتها لن يعنيك أي لون يكتسيه العالم وقد صار كل شيء رمادياً كضباب ..حين نحترق بالدموع ، ولا نجرؤ على البكاء ..
سرادق العزاء المُقام في قلبك لا يرى الا هم لوناً .. يبصر بين المعزّين ظلهم ، وبين القادمين لو أنه أحدهم ، وأن كل ما هنالك هي مزحة !
حين نحاول بعد فترة أن نرفع رؤوسنا لندرك الحياة من جديد ،رغم أننا فقدنا أعيننا معهم، لكن لا تلبث الحياة ان تهبك مقياس بصر جديد ، لا نرغب بأن نعيش ولكننا نعيش بأقل الخسائر، وأقل الظفائر الممكنة، ونحن نفكر بأولئك الذين لا يملكون إلا الخسائر .. ونصبر .. وتستمر الحياة .. ببعض الألوان !

• تبدو المشكلة أحياناً أنك تعرف تماماً ما يسعدك، انت الذي تملك كل شيء وينقص شيء! انت دوماً تعيس ، فالحياة لا تهديك الاماني، تبقى أمنية ، توجهك كل ما فيك لها غير مبصر لما هو قربك ، تظل ترى نفسك فيما ليس لك لكنك مقتنع أنه لباس يُناسبك ، تهرول وراءه ، تسقط منه قبل أن يسقط منك، تبحث عن سواه ، وتفشل ، تظل طيلة حياتك هكذا حتى تموت تعيساً ، على فراش الموت متمنياً لو أنك لم تعرف أبداً..!
الذين لا يدركون مكمن رضاهم يرضيهم أي شي ، يمدون أيديهم إلى السماء آملين ان تهبهم الحياة شيئاً يجعلهم ينامون ولو بنصف ابتسامة ، لا يهمهم أين الذي يسعدهم ، المهم أنهم قد صاروا على أي حال، هؤلاء الذين ترضيهم كسرة الخبز ورائحة اللحم كل شهر و جرعة الماء ، دمعة فرحهم التي ترقص على كل ما هبة تُوضع في أيديهم ، رغم انها في الأصل حق منهوب ، لا يبالون بأكثر من اليوم ، بأكثر من حالهم كل مساء ، يموتون سعداء بصورة ما ، تلك الصورة التي تبدو خارج اطار الحياة تماماً ، ومع هذا هي مُزهرة في أرواحهم بالكامل !

• كل علاقة مع الاخرين أو احتكاك بهم لا تترك خاوياً ، حتى وان رحلوا ، حتى وان كفرت بمبادئهم ولم يهنأ لكم يوم بسِلم ، كلماتك الجديدة ، ردات فعلك ، حركاتك ، افكارك و تحيزاتك ، حتى قصصك التي ترويها غاضباً كنتَ أو راضيا .. كلها تبتعد عنك لتقترب منهم ..
بصورة ما ، أنت الآخرين !
هل تريد أن يحبك الجميع؟ كن كما يريدون، ووافق على ما يرغبون. وستكره نفسك…

تنازل عن المقاعد الأولى في عرض مسرحية الحياة، لن تكون المقاعد في الصفوف الأخيرة البعيدة بالسوء المتوقع، ذلك بإعتبارات شخص ، يريد الجلوس وحسب..!

أضف تعليقك هنا

نورهان عزت

تابعني على شبكات التواصل الإجتماعي