الجزائر – الاندماج الإسلامي بين ركام الماضي وسطوة الحاضر وضبابية المستقبل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

كيف تفرق بين المفكر والمتشدد من خلال الحوار؟

من طبيعة الإنسان الاختلاف في الفكر والرأي ، وما أرشد المفكر حين يتحرر من التعصب لنفسه إذا طرح رأيه ، محافظة على هامش التراجع ، لأن المتزمت لا يطيقه أمام ضربات النقد والضمير والشعور بالخطأ.

فالمتشدد قراره حاد صارم في مختلف المسائل ، لا يستطيع التولي نحو الحقيقة خشية الفضيحة المعنوية ، فهو لم يترك لنفسه مسافة تقريب المناورة ، لم يترك بصمة تقول “هذا رأيي والله أعلم” “إن لم تخني الذاكرة” “إن لم أكن مخطئا” “هذا رأي ولا ألزم به أحدا” وغيرها من العبارات اللبقة والأحكام المرنة التي لا تثقل كاهله عن الانحراف نحو الصحيح إذا ظهر له.

سبب صدع لبنات الحركة الإسلامية

هذا هو المرض ، الذي صدع لبنات الحركة الإسلامية في الماضي ، إنه داء الهيمنة على التنظيم والغلبة على الأتباع والتفوق على الشركاء ولو كانوا منظرين ومفكريم كبارا ، يمكن لأحدهم قيادته أكثر حنكة وإخلاصا من الزعيم ، وفي كثير من الأحيان يغلف ذلك باستدلال موجه بالشرع لاوٍ أعناق النصوص لصالح النفس والكبرياء على حساب المشروع وليكن بعده الطوفان.

لا يتوقف هوى التمكين عند هذا الحد ، بل يتجاوز إلى عتبة التشتت ، والله تعالى يقول في كتابه الكريم “وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)” سورة الأنفال.

لقد أرانا الزمان مسارعة المختلفين إلى تأسيس كيانات جديدة يرأسها عادة رائد الرأي المخالف ، سواء كان العمدة إن فاقه الأتباع ، أوالعضو المنكسر فكره أمام سطوة القائد.

إن الانتصار للنفس أكثر خطرا من الغلو للرأي والفكرة ، وبهذا جثا الكثير على رؤوس هيئاتهم دون منافسة

فهل يتمكن الإسلاميون المندمجون الذين نبارك لهم هذه الخطوة من تجاوز حطام الماضي المؤثر حتما على التلاحم النفسي من جديد؟ أم سنجده بدارا ظرفيا أملته حاجة التموقع بين مقاعد الانتخابات في الخارطة القادمة؟

هل يكون الاندماج هو الحل؟

أما الحاضر فيصور لنا ضعفا كبيرا في الطاقة البشرية بالخصوص ، قد يتهيأ لمؤسسات أي حزب قوة في الأداء بحكم الموقع السياسي والجغرافي والعضوي ، لكن المقوي لها هو القواعد بالانتشارالشعبي والتكوين الفكري والتربية الروحية ، وهذا ما ينقص التنظيمات الإسلامية الآن.

لا أظن في رأيي أن الاندماج الجديد سيجد قوة تموقع والمنطلقات الأرضية هشة ، فهي الأساس وصاحبة الحق لأن القيادة في الأخير تستمد الشرعية والتكليف بالتسيير منها.

إن المستقبل في رأيي يغشيه ضباب كثيف يحجب الرؤية من قريب ومن بعيد ، سيكون سريع الانكسار في رأيي ، بسبب ضبابية في مفاوز اختراق حواجز الانقسامات ، وانعدام برامج وأنظمة تضبط السير وتضمن الرص الحسن توجه للصفوف قبل معارك مختلف الاستحقاقات ، والتي أضحت مصابيح مغشاة بنقص الثقة في بلوغ ضوئها المساحة المطلوبة.

إن الحل في رأيي يكمن في جلسات تستحضر بمصارحة كاشفة الأسباب الحقيقية لا الوهمية للشقاق لتلافيها داخل الكيان الجديد ثم تستحضر تحديات الحاضر الواقع وأساليب إزاحتها كحجرعثرة أمام المبادرات ، بعدها التخطيط الجيد لزمن آت يضمن الاستمرارية والدوام ، لا ينهار بانهيار أو رحيل الرجال.

وليذكر القائمون عليه التبعة الثقيلة عند الله لأنهم حملوا مشروعا رساليا لإنقاذ الأمة من براثن الفساد والحيدة عن صرطه المستقيم ، وكذا الأمانة عند شعوب طالما انتظرت من يهديها سبل السلام ويخرجها بإذن ربها من الظلمات إلى النور .

أضف تعليقك هنا

سعد الدين شراير

الأستاذ سعد الدين شراير