سد النهضة و صراع الحضارات (5-5)

سد النهضة

إنَّ التطابقُ بين الاسمِ المستحدثِ للسدِ ( سد النهضة ) و مشروعِ الإخوانِ للسيطرة على حكمِ مصرَ لا ينبغي أنْ يمرَ مرورَ الكرامِ بل لابدَّ من الوقوفِ عنده و التأملِ فيه ! فالسدُ الذي يقومُ عليه اليهودُ هندسيًا و ماديًا و لوجستيًا لا شكَّ يحققُ هدفَهم و تسميتُه بـ “النهضةِ” تسميةٌ تدلُ على أن وراءَ الأكمةِ ما ورائها !

و التزامنُ الواضح بين الحربِ الأهليةِ التي تحاول الجماعةُ الإرهابيةُ و أتباعُها زرعَ بذورِها و إشعالها في مصرَ منذُ وصلتْ للحكمِ و حتى يوم الناسِ هذا ، مع تجفيفِ منابعِ النيلِ لا يمكنُ أن يكونَ اعتباطيًا أو مصادفةً أبدًا .

بل هو أمرٌ – لا شك- معدٌ سلفًا ،و بمنتهى الدقةِ في التخطيطِ و التنسيقِ ، و هو دليلٌ جديدٌ و قرينةٌ قويةٌ ضمن قرائنَ و أدلةٍ تجعلُ القلبَ يطمئنُ أكثرَ و أكثرَ حتى ليصلَ إلى حدِ يلامسُ اليقينِ من أن هذه الجماعةَ على وجهِ الخصوصِ ، و الجماعات الإرهابية الأخرى كلها على وجهِ العمومِ إنما صنعتْ على أيدي أجهزة الاستخبارات الغربية و عينها و أنها صنيعةُ الصهيونيةِ العالمية و دسيسةُ الماسونيةِ على الإسلامِ و أهلِه و العربِ و حضارتِهم من أجلِ اختراقهم من الداخلِ و تدميرِ ملكِهم و السيطرةِ عليهم و تحقيقِ أهداف الغزو من غير غزو .

و الحقيقةُ الجليةُ كالشمسِ في رابعةِ النهار أن هذا التماهي الشديدَ و الواضحَ و الاتحادَ في الأدواتِ و الطرائقِ و الأساليبِ بين المشروعِ الصهيوني لخرابِ مصرَ و تفتيتها و قتلِ شعبِها و جفافِ نيلِها و المشروعِ الإخواني أو مشروع النهضة الإخواني ، ليثبتُ بما لا يدعُ للشك مجالًا أن المشروعَ الإخواني هو جزءٌ لا يتجزأُ من المشروعِ الصهيوني الموجه ضد مصرَ بل ضد منطقة المشرقِ العربي كلِها .
و هو ما يفسرُ ما صرحَ به الرئيسُ الإخواني السابقُ “مرسي” لإخوان السودانِ حين زارهم من أن “مصرَ قد نهضتْ” ، و ذلك إبّانَ أن كانت مصرُ تعاني من الويلات ما تعاني ،و هو ما يكشفُ أنه كان يعني أن مصرَ قد دخلتْ في مشروعِ النهضةِ و الذي هو جزءٌ من مشروع الصهاينة أي أن مصرَ قد دخلتْ تحت مقصلةِ المشروعِ الصهيوني !

وهو ما يكشف لنا أيضًا لماذا بدأ العملُ فعليًا في إنشاءِ هذا السدِ اللعين عقبَ زيارة “مرسي” لأثيوبيا بل قيل إنه بدأ العملُ أثناء وجودِه فيها بلْ و بموافقته ، و كأنَّ زيارته كانت إشارةَ البدءِ للعملِ في المشروع !

سد النهضة مشروع قديم

ليبقى لنا في الأخيرِ أن نقولَ أنَّ هذا السدَ هو جزءٌ رئيسٌ من مشروعٍ قديمٍ يُعد له منذ زمن ، و أن البدءَ في بناءه يعد المرحلة قبل الأخيرة من تحقيقِ حُلمِ إسرائيل للسيطرةِ على ما بين النيلِ إلى الفراتِ ، و التي كان السبيلُ إلى تحقيقها هو سيطرة مجموعة تنتمي إلى نفس المشروع – المشروع الصهيوني- على مصر ، و قد كان ، فما أن تولى الإخوانُ الرئاسة في مصر ، حتى انطلقتْ الإشارةُ لبدء المرحلةِ النهائيةِ لمشروعِ “حرب الحضارات” بتجفيفِ النيلِ من منابعه .

و المطلوب منا في النهاية هو المواجهة و بكل قوةٍ لهذه الحربِ الشرسةِ الخسيسة الخبيثة الموجهة ضدنا و تريد أن تسلبنا حتى حقَ الحياة ، و التي لا تتورعُ عن استخدام أي وسيلةٍ لتحقيق مآربها الخبيثة ، حتى و لو كانت تلك الوسيلةُ هي الدينُ ، و جماعاتٍ تزعمُ انتمائها إليه.
ألا إن المطلوب منا هو المقاومةُ ثم المقاومةُ ثم الاستمرارُ في المقاومةِ و الدفاعُ عن أنفسنا ضد كلِ أعداءِ الحياة ، و أول ذلك بالمعرفةِ لتلك الخططِ و المخططاتِ ، فالمعرفةُ نصفُ الطريقِ ، كما أن التشخيصَ نصفُ العلاجِ .

أضف تعليقك هنا