كرتنا بين الأداء الرياضي والفساد المالي

الرياضة والإسلام

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن مما اهتم به الإسلام للحفاظ على أبدان الأتباع ومعنوياتهم ممارسة الرياضة بمختلف أنواعها ، تنشيطا للبدن ، وطردا للسموم منه ، وإعانة على الشفاء من بعض الأمراض كالسكري والضغط الدموي والترسبات الكثيرة في الدم.

ومن أنواع الرياضات الشعبية في العالم كرة القدم ، كانت في أصلها مروضة جو التنافس معلما الترة ضد العدو الحقيقي في الحروب ، فهي بذلك مهذبة عليها.

الرياضة والمال

كان الملك العادل نوردالدين محمود زنكي رحمه الله يمارسها أوقاتا يروح بها عن النفس من كلل التدبير ونوازل الجهاد. وظلت هكذا طبيعتها إلى أن تطورت بشكل رهيب وحادت عن أساسها ، أضحت رياضة في ظاهرها ، فيها التحضير البدني والفني والتقني ، وغلب عليها الباطن المالي ، بحيث غدت مطية مربحة لا مريحة.

باتت مدرة للكنوز ، لذا تحول اهتمام القائمين على النوادي والفرق إلى المال ، هو بوصلتهم نحو تسييرها ، يسود عراك محتدم تنافسا على الإمساك بزمام قلادتها والمكوث على رأسها زمنا طويلا ، تحايل في صفقات اللاعبين جلبا أو مغادرة ، تلاعب بالمناصب داخلها حفاظا على استوائهم ، نهب لأموال تذاكر الجماهير المتفرجة على المباريات.

منهم مسير اعتلى منصب نائب بالبرلمان ، ولأن القانون يمنعه من الجمع بين النيابة ورئاسة النادي ، تلاعب بالمنصب حيث جلب شخصا سماه رئيسا وسمى نفسه الناطق الرسمي للفريق ، دون تغيير شيء في الأمر ، فهو الذي يتولى التسيير ، يبرم العقود ، يمثل الفريق ، ألا له الأمر والتدبير.

لقد أستحالت مجالا للترف والتنعم ، المسير يفكر في الغنم قبل الغرم ، في بناء الشقق الفاخرة قبل الأبدان القوية ، اعتادت في ساحتها الرشاوى البالغة ، للحكام ، لتحويل الأموال من الهيئات المساعدة إلى خزينة النادي ، تهدئة الأنصار الغاضبين بجلب اللاعبين ولو دون مستوى ، المهم أن تكون الذمة في صالح المال قبل كل شيء.

الجاهل بأسرارها أفضل من العالم بخباياها ، ليتمكن على الأقل من متابعتها على قاعدتها الأولى ولو غفلة ، لأن محيطها يسوده تعفن شديد.
كل هذا يحدث بشكل سفيه ثم تصدع رؤوسنا بحجة الاختناق الاقتصادي الذي يكلف به الفقير كي يدفع في جيب الغني .

كم من فقير بات دون عشاء لو أطعمناه منها ؟

كم من مشرد لو آويناه منها ؟

كم من طالب علم اشتدت عليه نفقة دراسته لو كشفنا غبنه منها ؟

كم من شاب ضاقت عليه سبل الزواج لو أمهرنا منها مخطوبته ؟

كم من مجال محتاج بذلنا في سبيله منها ؟

إن السلطة عندنا في رأيي لو تدخلت بصرامة شديدة ونهي قوي لتحويل تلك الأموال الطائلة إلى منافع البلد لخفتت حدة حديث الأزمة المفتعلة والتقشف الموهوم.

إني أدعو بكل أخوة وصراحة وصدق كل القائمين على الرياضات وعلى الأشهر كرة القدم إلى النظر إلى الرقيب الحسيب يوم القيامة ، ثم أدعوهم إلى الالتفات إلى المستضعفين في أرضنا للاعتناء بهم منها لعلها تحال صدقة جارية لهم إلى يوم الدين.

أنصحهم بصيانة مستقبل البلد الذي إن لم ينتفع منها سيكون فريسة عاجلا أم آجلا لقوى الشر في العالم بالتبعية والاستغلال والابتزاز.

أضف تعليقك هنا

سعد الدين شراير

الأستاذ سعد الدين شراير