الكتابة الإلكترونية بين جهود المدونين وعزوف القارئين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

إن البشرية شهدت على مستوى العلم قديما قوة الذاكرة والحفظ دون الحاجة إلى التسجيل الورقي ، فكان الناس يسمعون القصيدة من ألف بيت مثلا يحفظونها ويروونها لغيرهم ، كما نروي نحن حادثة ساعة في بضع دقائق.

سبب ظهور التدوين

وبعد بداية العد التنازلي للتذكر والعزيمة والهمة بدأت الخشية على العلم من الزوال فاستنجد الناس بالتدوين وبدأت حركية التدوين بالقرآن الكريم والسنة النبوية ، فأمر أبوبكر الصديق رضي الله عنه بجمع القرآن في مصحف واحد ، ثم أذن الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز رحمه الله رسميا بتدوين السنة في مستندات ((أقول رسميا : لأن نزرا يسيرا منها دُوّنَ دون أمر رسمي )) ، ونشطت نبضات الكتابة والقراءة والحفظ حتى أضحى الكتاب ملازم طالب العلم يرفه عنه ويعلمه ويكسبه الجديد ، ثم تيسرت الوسائل بشكل تتابعي يترى حتى وصلنا في زماننا هذا إلى التدوين الإلكتروني وبلغت الكتابة شأوا كبيرا مع قلة ملحوظة في القراءة.

ومع لذة العلم والتعلم عند صفوة معتبرة من المثقفين تسارع التدوين وكتابة الأفكار وتبادل وجهات النظر في مختلف أنحاء العلوم ، شجع ذلك الافتقارُ إلى إمكانيات تأليف الكتب ماديا ، خاصة وأن كثيرا من ديار النشر تشترط الشهادة العلمية والمقابل المادي لنشر مشاركات الكاتب.
لذلك كثرت التدوينات الإلكترونية في المواقع والمدونات المستقلة والمستضافة والمضيفة ، لنشر كل ما ينتجه الذهن من فكر أوعلم.

إن جهودا كبيرة تبذل في هذا الإطار ، وإن ثورة فكرية وعلمية تستعر ، وكل يوم تقريبا نجد تدوينة جديدة لكل شخص على النت ، والجميل أن كثرة ذلك يدفع إلى تبادل الأفكار والتعاون على الحلول في الأطر المختلفة ، وهذا ما يعد في نظري إثراء للمكتبة الذهنية والإلكترونية ، ويعد فرصة عظيمة لمضاعفة القراءة والاطلاع ، لأن العينين قد لا تتحملان سطور الكتب المطبوعة مع ضعف البصر عبر الزمن ، لكن مع الشاشات الجديدة لأجهزة التلفاز والحواسيب الجديدة بالأخص تستطيع التحمل بشكل مريح ولمدة كبيرة جدا ، قد يستلذ المسافر الآن حمل لوحة إلكترونية في الحافلة ، حاوية مكتبة ضخمة ، دون عناء الثقل ، مع القراءة بالشكل الذي يريحه بدنيا لا كما يفرضه الكتاب والمجلد المطبوع.
ولو جمعنا كل ما يكتب في المجال الواحد لخلصنا إلى نظريات واكتشافات مفاجئة عن مختلف الحقائق.

لكن لو استقصينا جيدا في قراءة هذه المقالات والمشاركات والرسائل الإلكترونية لألفينا النزر اليسير ، إذ أن الكثير من مرتادي المواقع والمدونات يكتفون بالتصفح فقط مع تمرير المؤشر بسرعة على النص المكتوب أوفي أحسن الأحوال يكتفى بالملخص من المقال ، مع عزوف عن القراءة.

كما أن القراءة من الحاسوب مفيدة جاهزة غير مكلفة ماديا ، فهي كذلك مولدة للضغط النفسي والقلق المعنوي بسبب التسرع من انتهائها ، وكذا التشوف لتصفح وقراءة غيرها ، خاصة لدى أصحاب الأوقات القصيرة ، المشغولين بأشياء أخرى ، والذين يتصفحون للاطلاع على مجمل أخبار جديدة فقط.

لذا فإن مجهودات جبارة تبذل من قبل الكتاب الإلكترونيين تقابل بعزوف رهيب عن القراءة.

كيف نزيد الاستفادة من التدوين الإلكتروني؟

وكي لا تمر الكتابة على الشبكة العنكبوتية دون استغلال فائدة فالحل في نظري يكمن في :

1 / زيادة تجميل المقال المنشور بعنوانه ونصه وخطه ، لجلب القارىء إليه ، ولو بالتعاون بين المواقع ونبذ الندية والتنافس غير المحمود ، وتأصيل التلاحم بينها ، نشرا للخير وتعميما للفائدة ولو بالتدخل في حل الإشكالات وتصحيح الأخطاء الذي لا يغير المضمون ، ولذلك أنوه بتجربة موقع رياضي ، كان يطلب مني المساعدة في تصحيح الأخطاء بهذا الشرط السابق ، ومنها مواقع أخرى جربت معها نشر مقالاتي رغم امتلاكي ثلاثة مواقع شخصية غيرها ، فأصبحت مشاركاتي تهيأ في أجمل إخراج مما كنت أتصور ، يهيئها لتقبل القراء الكرام ، بل ويتفضل بنشرها عبر حسابه في مواقع التواصل ، وهذا كذلك مساعد في التعريف بالكاتب ونشر مشاركاته في العالم على أكبر نطاق وهي مشكورة كثيرا.

2 / الاعتناء باللغة إملاء ونحوا وصرفا ومفردات.

3 / الاختصار المفيد تجنبا للملل.

4 / برمجة الكتابة الدورية والتقليل منها لكل كاتب.

5 / معالجة المسائل الواقعية لكل مجال لفتا للاهتمام.

6 / رفع مستوى الطرح لجلب التقبل.

نتيجته أن يتسنى لزوار المواقع والمنتديات الإلمام بأغلب ما يكتب ، لئلا يترك جل ما لا يدرك.

أضف تعليقك هنا

سعد الدين شراير

الأستاذ سعد الدين شراير