المادة الخام للتطرف !! (1)

لا يمكنك أن تفتش أو تنبش في تاريخ أو ماضي كل إرهابي أو متطرف حول العالم ، من المنتسبين للقاعدة أو داعش أو بوكو حرام أو غيرها من التنظيمات الإرهابية ، قديمًا أو حديثًا ، إلا و سوف تجد أنه في يوم ما في بدياته ، أو في مقتبل عمره و ريعان شبابه ، و قبل أن ينضم إلى التنظيم الإرهابي الذي ينتمي إليه الآن ، تجده قد استمع إلى شريط أو شرائط ، أو حضر محاضرات أو ندوات ، من واحد من مجموعة المشايخ الذي يطلقون على أنفسهم “مشايخ الصحوة” من جيل السبعينات و ما بعدها و إلى جيلنا الحالي!

فلا تكاد تبحث في تاريخ كل فرد من منتسبي تنظيم داعش أو القاعدة أو أنصار بيت المقدس أو بوكو حرام أو غيرها من التنظيمات الإرهابية ، إلا و تجد أن حياته “الإرهابية” بدأت قبل ذلك بفترة من الزمن ، و أن البدايات كانت بــ “التزامه”! على يد أحد المشايخ هؤلاء ، و أنه و قبل أن يصبح متطرفًا “رسميًا”! كان قد تعلم أفكاره و معتقداته و طقوسه ، عن طريق محاضرات و ندوات و كتب و كتيبات هؤلاء المشايخ ! أو على الأقل تابعهم عبر إحدى شاشات الفضائيات الموسومة بــ “الإسلامية”!

و كانت تلك الأفكار التي تعلمها منهم هي التي تمثل اللبنة الأساسية التي كونت حياته المستقبلية ضمن التنظيمات الإرهابية ، و التي أهلته بعد ذلك لأن يكون عضوًا في التنظيم الإرهابي الذي ينتمي إليه الآن ، و هذه القاعدة –و لا شك- تنطبق على الجميع بدءًا من “أبي بكر البغدادي” و انتهاءً بأحدث إرهابي انضم إلى تلك التنظيمات .

مشايخ الصحوة

فـــ “مشايخ الصحوة ” من جيل السبعينات و الثمانينات و ما بعدها هؤلاء ، يمثلون بحقٍ و بلا أدنى شكٍ : “المادة الخام للتطرف” ، لأنهم يقومون بلعب دور معامل التفريخ للإرهابيين ، و تصديرهم للتنظيمات الإرهابية فيما بعد .

فهؤلاء المشايخ و الذين يقومون بدور “مصانع إنتاج الإرهاب” من أمثال : “برهامي” و سائر من يعرفون بمشائخ المدرسة السلفية بالإسكندرية كــ “محمد إسماعيل المقدم” و ” و سعيد عبد العظيم” و غيرهم ، و كذلك من يعرفون بمشائخ سلفية القاهرة كــ ” محمد عبد المقصود” و “فوزي السعيد” و غيرهما ، و كذلك فمهما أنسى ، فلا يمكنني أن أنسى من يتمتعون بنعومة كنعومة جلود الأفاعي أو أشد ، و خبث كخبث الثعالب أو يزيد ، و شراهة أشرى من شراهة الذئاب المتوحشة ! من أمثال “أبي إسحاق الحويني” و “محمد حسان” و كذلك “محمد حسين يعقوب” و أشباههم ، و الذين قاموا في غفلة من الدولة المصرية بحكوماتها المتعاقبة و أنظمتها المتتالية و أجهزتها الأمنية و مؤسساتها ، بتربية أجيال بعد أجيال على الفكر الإرهابي و المتطرف ، و زرعوا بذرة الإرهاب في عقول الشباب و قلوبهم ، و التي ما لبثت إلا أن أنبتت دمًا و خرابًا و تفجيرًا و تدميرًا و إرهابًا ، ما تزال تعاني منه مصر إلى هذه اللحظة ،بل و تعاني منه الأمة العربية و الإسلامية ، بل و العالم أجمع!
و لهذا لما أُطلق لهم العنان ، و تُرك حبلهم على غاربهم ، و سُمح لهم بأن يبثوا إرهابهم و تطرفهم ، عبر ما كان يعرف بــ “القنوات الفضائية الدينية الإسلامية” و لمدة عشر سنوات كاملات ، منذ العام 2003 م و حتى العام 2013 م ، كانت النتائج هي ما نراه اليوم ، بل كانت مرارًا نعيشه الآن من إرهاب و تطرف و تدمير و تخريب و تفجير ، لم تعاني مصر من مثله قط ، و هي التي عانت ما عانت من ويلات الإرهاب منذ ثلاثينيات القرن الماضي ، إلا أن الموجة الإرهابية الحالية ، تعد -بلا ريب- أعنف موجة من موجات الإرهاب ضربت مصر في تاريخها المعاصر ، بل في تاريخها كله !

و السبب المباشر في ذلك هو هؤلاء المشايخ من “المادة الخام للتطرف و الإرهاب” و الذين سمحت لهم الدولة بغفلة أو تغافل! بأن يبثوا سمومهم ، دون رقيب أو حسيب ، فنشروا فيروس الإرهاب! عبر ربوع مصر كلها ، بل تجاوزوا الحدود و عبروها ، إلى ما ورائها فنشروا الإرهاب في أقطار شتى حولنا ، مما جعل تلك الدول تعاني من ويلات إرهابٍ يهدد كيانها و وجودها ، و ليس فقط وحدتها و تماسكها ، و لعل سوريا و العراق و ليبيا أكبر دليل و أوضحه على ما فعله هؤلاء الشيوخ!

بل إننا نستطيع أن نجزم جزمًا لا تشوبه شائبة من الشك ، بأنه لولا تلك الفضائيات المتطرفة و الإرهابية و التي كانت تسمى كذبًا بــ “الإسلامية”، ما كان وصل الإخوان إلى حكم مصر بالأساس، و لا كنَّا وصلنا إلى ما نعاني منه اليوم من إرهاب و تطرف يضرب مصر من شمالها لجنوبها و من شرقها لغربها ! ، فالله حسيبهم !

و يتبقى لنا أن نضرب على ذلك المثال حتى يتضح به المقال ، و لكن في الحلقة الثانية ، إن شاء الله تعالي .
و في المقال القادم … للحديث بقية ….. إن شاء ربُّ البرية .

أضف تعليقك هنا