حياة في سطور – قصة حياة الانسان من الولادة وحتى الموت

يفتح عينيه ، يبكي ، و لا يدري لما يبكي، يسمع صوت أحد يؤذن في إحدى أذنيه.

يهدأ ، يشعر بأن أصابعه قد ازداد حجمها ، و شعره قد وصل لكتفه. يجلس في مكان عال ، ينظر لأسفل ، بركة من الشعر ، شعره لم يعد يصل لكتفه . يتعجب من آلة معدنية كانت قد أخذت شعره منه.

يحاول الكلام ، لا تخرج الكلمات من فمه بالنحو التي تخرج من أمه . يضحك الناس من حوله ، يسمعهم يتهامسون : يا له من طفل جميل ! . لا يفهم ما يقولون .يمسك لعبته و يلعب .

بعد فترة ، ينظر الى أصابعه ، لقد نٓمٓتْ أكثر ، ينظر للأعلى ليجد أمه .. “أمي” يقول . ” أنا جائع ” يستطرد .

يجر حقيبته ، يحبها جدا ، عليها صورة إحدى الأبطال الخارقين . سوبرمان.. البطل الشجاع .

يشارك في الحصة ، يرفع يده ، يجيب ، يصيب ، يسمع صوت التصفيق.

يدرس بجد ، هذه آخر سنة ، إنها فرصتي لأبني مستقبلا باهرا.. الحمدلله !!

يدخل الجامعة ، يبتسم لزملائه ، يرى من سيدرّسه ، وجه جامد ذو نظارات. يبدأ في الكلام ، يتعجب الطالب من فطنته . يقول في نفسه ” يبدو أنه محترف في التدريس ” .

يرى شابّة من بعيد ، يعجب بها ، يتقدم لها ، يقرأ الفاتحة ، ثم يتزوجها .

يلبس لباسا ملائما لعمله، يحيي زوجته ، و يودّع أبناءه و بناته ، ثم ينطلق .

يدخل الى غرفة ما، ينظر الى يديه ، “ما هذا” يصرخ.

يداه منكمشتان، تجاعيد في كل مكان ، قدماه قد صغرتا.. هل النبتة ستموت؟

ينظر ، يرسل عينيه في أرجاء المكان ، يلتفت يميناً، شعر أبيض ، وجه مطويّ . يحدّق بقوة ، يا إلهي.. إنها زوجتي .

يسمع طرقا على الباب ، يقوم بصعوبة ، بالكاد يستطيع الحراك، يداه ترتعشان، و قدماه لا تتوقفان عن حركة الاهتزاز.

يتفاجأ .. شابّة حسناء تدخل .. تقبله على جبهته ، و تقوده الى كرسيه .. يحولق، علياء! انها ابنته .. كبرتي كثيرا يا صغيرتي ..

يرى كل أبناءه و بناته حوله . كلهم أصبحوا كبار، مسؤولين ..ربما.

يبتسم ، رغم أنه لا يدري ما حل به ..

يشعر بشيء .. احساس غريب، شعور لم يسبق له مثيل .

ألم ، ألم شديد .. آه ؛ يتأوه .

بالكاد يستشهد ، يغمض عينيه، ثم يُدفَن.

أضف تعليقك هنا